روابط مفيدة :
استرجاع كلمة المرور|
طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
في الطريق إلى المرأة العجوز حينما أخبرتني تلك المجنونة أن علي الذهاب لامرأة عجوز ، وأنها ستساعدني في الأمر ، اختلطت بي الظنون ، حتى أصبحت أفكاري تأخذني إلى هنا وهناك .. كان لدي إحساس بأن ما تقوله الجنية مجرد خيال ووهم ، أو أن تجعلني أتعامل مع الجن والسحر ، فكنت أخطو خطوة للوراء ، وأخرى للأمام .. إلا أنني عزمت النية ، وتوكلت على الله ، مع يقيني بعدم الاقتراب من عالم الجن .. مهما كان الأمر .. وبدأت المسير ، فالمسافة بعيدة ، وفي محفظتي مبلغ لا يتجاوز السبعة ريالات ، وهل يكفي هذا المبلغ لاحتياجاتي في تلك الرحلة القاسية ؟ وتبدأ الرحلة ، وحينما جاء الطائر ؛ ليكون رفيقي في ذلك الدرب ، مررنا بعوالم غريبـــــــــــة ، وكنت أرى الوطن العربي برمته ، وأشم رائحة العروبة ، وعبق الشيح ، والقيصوم والزعتر ، والبابونج من كل مكان ،، فما أجمل عروبة كرمنا الله بها ! حتى الأشواك لها رائحة ، والأعشاب البرية تشرح الصدور !!.. يا الله !! أهو عشقي لريم الفلا ؟! أم أن حقيقة الأمر كذلك ؟! لكن الطائر ينظر إلي وكأنه يقول : لا عليك ، ولنمض في الطريق ، ولا تجعل الظنون تثبط فيك العزيمة .. ونهبط بعد عناء السفر ، فالطائر يهبط قرب نهر الأردن ، وهناك طلب مني أن نقوم بحفر خندق وممرات ، تصل إلى مسافة ستة كيلو مترات .. وذلك لأننا قرب حفرة الانهدام الإفريقي الآسيوي ..والجاذبية الأرضية تذكرنا بتلك التي فوق القمر .. ويذهب الطائر قليلا ، وأبقى وحيدا في الخندق ، والإرهاق يسيطر علي .. وفي تمام الساعة الواحدة ليلا : أي بعد منتصف الليل ، سمعت صوتا غريبا ، صوت طفل ، أو طفلة صغيرة تبكي بصوت يملأ المكان حزنا .. يا الله ! أهذا حلم ؟ لا والله ، إنني لم تغف عيناي قط حتى الساعة .. جلست قليلا ، حيث لا بشر ، ولا منازل ، ولا مظاهر إلا لحيوانات الليل ، والبهائم .. طفلة تصرخ والبكاء كأنها تصرخ من الجوع أو أنها فقدت والديها .. لم أجد مصدرا للصوت الذي انقطع فجــــــــــأة ، وكأن الصوت قد أعلن النهايــــــــــة حينما بدأ يتضاءل صداه ، فأصبت بالفزع ، وشعر رأسي يذكرنــــــي بتمايل سنابل القمح في سهول حوران حينما يداعبها الهواء ، ثم يقف فجأة راسخا في مكانه .. لا بد أنه قد تغير لونه ، ليس خوفا ، وإنما هو الحزن يلفني بثيابه على ذلك الطفل/ الطفلة .. ويأتي الصبـــاح ونستعد للسفر ، بعد تناول قطعة من الحلوى ، كانت في "زوادة" السفر .. قادني الفضول في الصباح أن أسأل أحد المارة ، فيعلمني بأن ذلك الصوت قد يكون قرينة طفلة ماتت مرضا هنا قبل سنوات ، ودفنها أهلها هنا ..!! سبحان الله !! قلت له : "ممكن" "كل شي يصير" ولكنني لا زلت أتعجب مما حدث لي .. ويلاحظ الطائر الحزين ذلك الحزن ، فينظر إلي ، ويعطيني إشارة بالأمل .. ها نحن الآن نحلق فوق بلاد الشام ، ونتجه إلى الخليج العربي الجميل ، ثم نطوف قليلا فوق بـــــــــلاد المغرب العربي ، ولا أرى بلادا في العالم أجمل من العروبة .. فالحمد لله .. وحينما اقتربنا من الأرض ، هزني الشوق لريم الفلا ، فلم يغب طيفها عني ولا زال قلبـي ينبض بأروع الذكريات ، فلعل اللقاء قريب ..!! كهف غريب في قمة الجبل ، فكيف الوصول إليه ؟!! لا بد أنه يتطلب مني مغامرة في الصعود إليه .. يذهب الطائر الجميل قرب البحر ، وكأنه ينتظر ريم الفلا ليطمئنها عني .. ثم سيعود بلا شك .. وحينما وصلت إلى الكهف ، ولم تبق إلا خطوات قليلة بعد منعطف ، سمعت أصواتا غريبــــة ، عقدت النية ، وتوكلت على الله . إحساس بالخوف من المجهول ، ورغبة جامحة للتضحية ، فـ ريم الفلا تستحق أن أمــــــــــــــوت لأجل عروبتها ..هذا هو الإحساس أوجز قليلا منه .. خلقٌ كثير في الداخل ، ولكن لم أجد أحدا كما أعلمتني فتاة تنظر إلي من بعيد ، وبجـــــــانبها دب أبيض وهي تشفق علي ، وترى ملامح مخلوق ، تحكي تعاريج وجهه قصصا للحزن والقهر ، وتقول : لم يسبق في حياتي أن راجع المرأة العجوز ، رجل في قلبه حزن كحزنك ،..لا تخف يا أخي فأنا معك .. والله معك ..! تذكرت قول أمي – رحمها الله - وهي تقول : "يا رب ، يا يمه ، يحبّب خلق الله فيك ، وتروح ، وتجي ، محبوب مثل الملح عـ الزاد" لم أكن أحب الملح كثيرا ، ولكنني أحببته فدعوة صادقة منها ، تجعل الملح أعذب من الشهد .. الأمر يستدعي بضعة أيام كما يبدو ، فالمراجعون كثر ..، وكل يسرد قصة حياته .. لا بأس ، فسنقيم في المكان أنا وطائري الجميل ... لا حاجة لي بالنقود هنا ، لذا سأعطيها لأحد الفقراء، مهما كان المبلغ القليل ، فالنقود هـــــنا لا جدوى منها .. وأما الطائر فيقول لي : يا مخاوي البيداء ..وثق رحلتنا في فيلم يبقى لنا ذكرى في الحياة .. ونصل قرب كهف العجوز ونسمع بكاء مريرا هناك. لا بد أن في الأمر سرا ، سننتظر ، فالقادم جميل بمشيئة الله ..!!
__________________
آنا ابدوي والغرب مني يلتمس**علم وحضاره ومعرفه ونعم النسب
مخاوى البيدا عذرا إن لم أتـــــــــــابع المنقــــــــــــــول مدونتي : عروس البحر في قصر التخاطر التعديل الأخير تم بواسطة خليل عفيفي ; 22-12-2014 الساعة 05:35 PM |
|
|