في زمن الأحلام المره
هل يجدر بنا أن نحلم .. أن نمد حبال الأماني إلى البعيد .. أن نتدلى مع عناقيد العنب .. أن نرسم لوحة مؤثثة بالسعادة والفرح .. أن نطمح بإيوان كسرى .. أن نحلم بمجد عشتروت .. ترى هل يجدر بنا أن نحلم ؟! .
ألم ينطفئ عود الثقاب الوحيد في تلك الليلة الماطرة .. ألم تتعرى البلاد ذات نهار أمام الغرباء .. ألم تدلف الخيانة في ذاتنا كالهواء فضيعنا بالخيانة كل معاني الوفاء .. ترى هل يجدر بنا أن نحلم ؟! .
نعيش في قبضة الرعب بعد أن أصبحت الصحراء فينا امتداد شاسع .. نهيم مع الزمان كعود الخيزران إذ يهيم مع الريح .. تراكمت فينا الويلات .. نضع كل مساء تعاستنا على وسائدنا وننام بعيون مفتوحة / فزعة نحملق في الفضاء الملوث بدخان البنادق ورائحة البارود .. ترى هل بعد كل هذا يجدر بنا أن نحلم ؟! .
وكأننا منحدرون من سلالات القتل وراضعون من ثدي الزمان دماء .. نرسم لأنفسنا قوالب من جحيم لكي نعيش فيها تحت سراب الشعارات الواهية لتقيم التضاريس فينا تلالاً وهضابا .. جبالاً وأودية من دماء .. زمن زاد الصقيع فينا فنقصت في داخلنا كريات الضحك ومات على السرير مخنوقاً حلم الطفولة والمدينة الحالمة ولم يعد للحلم حلماً فبماذا يا ترى يجدر بنا أن نحلم ؟! .
كنا ندرس كيف فتح صلاح الدين القدس ذات ربيع ، ويدرس أبناءنا الآن متى مات مايكل جاكسون وما سبب قتله .. كنا نتعارك على أن نشاهد افتح ياسمسم ، والآن يتعاركون على من سيفوز في عرب آدول .. كنا نتسابق نحو المسجد قبل الصلاة بكثير وصار الآن الكل يتسابق نحو اللهو سريع الخطى . ترى هل تبقى ما يجدر بنا أن نحلم به ؟! .
عذبني كثيراً هذا الخيط الواهي بين الحياة والموت .. بين الكرامة والذل ... بين الغربة والوطن .. بين الليل والنهار .. بين الصديق والعدو .. وما عدت أستطيع أن أفك رموز هذا الخيط بعد أن تشابهت كل الخطوط وتشابكت حتى تشابهنا أنا وأنت في الوقوف على الأطلال نندب الأيام التي انقضت من زمان .. نندب أحلام طفولتنا .. نندب رسم خرائطنا على تراب الوقت .. نندب تلوين رسوماتنا بألوان الطيف والعصفور الذي أطلقته اليد البيضاء نحو الفضاء الفسيح بحثاً عن حرية مفقودة . ترى ماذا بقي في الحلم كي نحلم ؟! .
جزء من الحلم مفقود .......