عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 06-12-2016, 07:36 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي





مغامرات نصيب






(المزعج ذاته)





الهــــــــدف



ما إن وطأت قدما فاطمة مدخل المنزل حتى شرعت في البكاء والصراخ الهيستيري

فاسرعت إليها أمّها جَنَهْ وقلبها يكاد ينفطر خوفا، ولم تكد تصل إليها حتّى وافتهما الجدّة مَي ثل وهي تولول:

وووهِيه يا بتّي أيش سوو فيش من نكبه؟ ذا من لي اعتدى علِيش؟ ذا من لي مد إيدو على بِتِّي؟ ذا من لي جرّح فوادي؟ الله يفعل بو ويفعل بو ...

وفي المجلس تحلّقوا حولها يحثّونها على الإفصاح عمّا اصابها؛ وأخير نطقت البنت كفرا بعدما ناحت دهرا وقالت: رجيبُن تمسخر عليّه

والمعلّمة اهانتني قدّام الجهّال كُليّاتهم؛ فكان هذا التصريح الخطير بمثابة الشرارة التي اشعلت كوامن حقد وكراهية كانوا يخفونها تجاه

رجيبُن وذويه والمعلّمة المربيّة. ولم تصبر مَي ثَل حتّى تتضح الحقيقة، ولم يسأل أحد منهم نفسه إن كانت البنت كاذبة أم صادقة!

لأنهم لا يريدون معرفة الحقّ؛ بل يريدون اسبابا للظهور بمظهر المهتمّ بتعليم ابنائهم، الحريصين على مستقبلهم العلمي

فشدّت العجوز كُمكُمها، واتّشحت بملّتها وانطلقت كالصاروخ. فما راع والدة رجب إلاّ ذك السيل الجارف من الشتائم والسباب

والإتّهامات والتهديدات، والجيران يسمعون في حيرة ودهشة، وقبل أن تستوضح المرأة الأمر غادرت مَي ثَل الثائرة

وانطلقت إلى بيت المعلّمة واسمعتها، وصلة مقذعة من التجريحات الشخصية والتوبيخ، وختمت ووصلتها بقولها:

والنبي لا ما بغيتي تحشّمي عمرش؛ با تشوفين العار يا الغثرة، متعنترة على فاطمة آوه؟ فلم تردّ عليها بحرف واحد

وعندما عرف الناس الذين سمعوا كل شيءٍ حقيقة الأمر حوقلوا في شفقة وأسفا ورِثاء.

وطبعا لم يفعل نصيب وعائلته شيئا يغيّر سلوك ابنتهم، ولم يغرسوا فيها مطلقا مبادئ الأخلاق الكريمة

فضلا عن غرس هدف نبيل تسعى لتحقيقه، على عكس والدي رجب اللذين كانا يدفعانه دفعا منذ نعومة أظفاره

لتبنّي اهداف وهوايات وآمال عِراض؛ فكانا يسألانه في كل مناسبة: يا رجب تحب تكون طبيب والا مهندس والا قاضي لمّا تكبر؟

فكانت أخته الصغيرة تتدخّل في الحوار دون دعوة وتقول: انا أحب أكون دحتورا، وفي مناسبة أخرى تغيّر كلامها. لكن المهم

بالنسبة لوالديهما هو أن يضعا أهدافا نصب عينيهما يدفعانها للإستقامة وبذل الجهود والسعي الدؤوب وإنجاز الفروض

والأنشطة المختلفة. أمّا نصيب وجماعته فكان هدفهم من تعليم ابنتهم أن تتفوّق على ابناء العم والخال والجيران

فذلك يمنحهم شعورا بالعظمة والإستعلاء، ويضفي على العائلة الكريمة مظهر الكمال والجلال كما يتوهّمون

ولم يكن غرضهم من تعليمها أن تكتسب أدبا وأخلاقا وعلما تنفع به نفسها واهلها ووطنها وأمّتها؛ لذلك كانوا

يفرحون ويغتبطون إذا علموا أن أحدهم أخفق أو تعثّر، وربّما استغلوا الأمر للإشادة بفطنة وفضل وكفاح ابنتهم

متبجّحين بذكائها، لأنّهم يظنون أنّ في سقوط اخوانهم رفعة لهم، وهذا الشعور ينتاب فقط الإنسان الدنئ.

كانوا أيضا يعتقدون أن معظم الناس من الأهالي والجيران والمحيطين بهم يحسدونهم على ذكاء وفطنة

ونجابة ابنتهم التي وصلت إلى الصف الخامس بالنجاح التلقائي. وهي في حقيقة الأمر تفتقر إلى ابسط المهارات

التي ستحتاج إليها بشدّة في المراحل التالية. وصادف أن زارهم احد أخوال فاطمة في اللحظة التي كانوا فيها مجتمعين

محتفلين بنجاحها الباهر المنقطع النظير، وهم يتبادلون تقبيل شهادتها في نشوة عجيبة، وعندما القى الخال نظرة

على الشهادة؛ لم يجد فيها ما يستحقّ الإحتفال الصاخب وقال ساخرا:

ما شاء الله معدلاّتها كلّهن ما بين دال وهاء وانتم فرحانين؟! لا وعادو مكتوب سيئة السلوك؛ ما شاء الله

قالت مَيْ ثَلْ: امبا احترمك محيدن بن عمّها ما جاب غير الهاء في المواد كُلّهِنْ ...

قالت جَنَهْ: يستاهل هو وقرموعو، خللّي أمُّو الحاسدة تشوف، من مرض ما عاد حجى شي

قالت فاطمة: أصلا هي لي جنّنت بو، كل مرّا تقول لو قوم ذاكر قوم ذاكر، بس من مرض آني قمرتو

فحوقل الرجل وقال: يعني انتو بدل ما تشجّعون بنتكم منشان تجتهد تشجّعونها على الكسل والتواكل

وتزرعون في نفسها الغلّ والحقد والكراهية والتكبّر على خلق الله؟ أيش هذي من سخافه؟

وبعدين ايش دخل الناس بها لا نجحت والاّ رسبت؟

فبكت فاطمة ولم تسكت إلاّ بعد وعد من ابوها وآخر من جدّتها سَلْ مَهْ التي قالت: اهمّ شي نكسر خُشم مرياموه وعيالها

وقال نصيب: ما دام قمرتي بنات عمّش انا با جاب لش جايزه حلوه يا بِتِّي، هاه ... قولي أيش بغيتي؟

فقال الخال مستنكرا: عزّ الله ما سوّيتو شي؛ ما دام كلّ اللي يهمّكم وشاغل بالكم هو مجرّد التفوّق والتّشبّاح

والتفاخر على اقاربكم وجيرانكم وارحامكم ...

يتبع إن شاء الله






رد مع اقتباس