الموضوع: لوحة ناطقة
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-06-2016, 12:21 AM
الصورة الرمزية محمد الفاضل
محمد الفاضل محمد الفاضل غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: السويد
المشاركات: 222

اوسمتي

افتراضي لوحة ناطقة

لوحة ناطقة – محمد الفاضل

اكفهرت السماء واصطبغت بلون رمادي ، جن جنون العاصفة و بدأت تزمجر وكأنها عويل عجوز تنتحب ، في تلك اللحظة كانت روحه في حالة توحد مع الكون ، مثل متصوف زاده الخشوع نوراً ، يناجي رب العباد بتذلل ، والدموع الساخنة تنهمر فوق وجنتيه حتى خضبت لحيته ، وقف مشدوهاً وسط بقايا الأجساد المقطعة والأشلاء الَاَدمية التي تفوح منها رائحة شواء فوق أرضية الأسفلت ، وقد أفقده المشهد توازنه ، فبدأ يهذي والحزن يعتصر قلبه المكلوم ،

طار صوابه عند رؤيته رأس طفله الصغير وقد تلطخ شعره الذهبي بالدماء وتعفر بالتراب ، بالأمس القريب كانت ضحكاته تملأ المكان ، لطالما داعب خصلات شعره بيده الحانية ، فرد ذراعيه في الفضاء ، حتى بدا مثل صقر يحاول التحليق بأجنحته ليغادر هذا العالم المنافق .

مال برأسه نحو السماء و بدأ يتمتم ببعض الأدعية . على مقربة منه يرقد بقايا صبي وقد غطى وجهه وكأنه لا يريد رؤية قبح الانسان ، بالأمس كان يقفز فرحاً مثل طائر مغرد ، نحو اليمين قليلاً أصابع يد ربما تعود لأب كان يمسح على رأس أطفاله ويربت على أكتافهم ليبث الطمأنينة في نفوسهم البريئة ويهدأ من روعهم ، ولكل قطعة لحم حكاية تروي مأساة شعب ذبيح ، تنكر له الجميع .

خلفه تماماً رجل مسن انكفأ على وجهه وقد تجلط الدم حول رأسه . المشهد الأكثر قسوة رأس امرأة ملقى بعيداً ، علامات الفزع بادية على محياها وقد فغرت فاها وهي تصرخ ولسان حالها يقول ، كفى ... كفى ، أوقفوا الحرب ، ألم ترتوا من دمائنا ؟ لقد بدا ذلك الوجه مألوفاً ، لم يدر كيف قادته رجلاه نحوها , تفحصها عن كثب ، تعرق وبدأت تسري في كامل جسده قشعريرة ، أحس بدوار وانتابه صمت عميق ، توقف الزمن عن الدوران في تلك اللحظة ، تسارعت دقات قلبه حتى خيل إليه أنه سوف يتوقف ، راعه ذلك الوجه !

- ولكنها زوجتي .. زوجتي الحبيبة ....

السويد –3 / 6 / 2016
الصور المرفقة
نوع الملف: jpg 000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000000.jpg‏ (88.8 كيلوبايت, المشاهدات 0)
__________________


روحي تحلق بعيداً في الفضاء تخترق الاَفاق ، ترنو إلى أحبة حيث الشحرور والحسون يشدو على الخمائل أعذب الألحان . لما رأى الحمام لوعتي وصبابتي رق لحالي وناح على الأيك فهيج أحزاني وأشجاني . أتسكع في أروقة المدينة وأزقتها .. أبحث عن هوية ووطن ! ولا شئ غير الشجن . أليس من الحماقة أن نترك الذئاب ترتع فوق تخوم الوادي ؟

التعديل الأخير تم بواسطة محمد الفاضل ; 05-06-2016 الساعة 02:39 AM
رد مع اقتباس