عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 22-09-2016, 09:58 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي سبع الليل والبئر المعطّلة الفتور



قصّة طــــــويلة




سبعُ الليلٍ والبئرُ المعطّلةُ




الفتــــور



ليلى بنت خميسان ارملة عشرينيّة، هي التي كانت تطلق النار على الوحش
وهي من اقترح على مبارك اعمال العقل في معركة سبع الليل قُتل زوجها ذبحا
عندما تصدّى لاعوان الوحش ذات ليلة حاول فيها أن يحمي عرضه وماله حينما دخلوا
منزله وقد ظنّوه خاليا، فذبحوه وزوجته وعياله ينظرون. فادركت المرأة حقيقة سبع الليل
ولم تجرؤ على الإفصاح عمّا يختلج في صدرها حتى قدم مبارك الفقعي وصدع بالحقيقة
فبادرت إلى تصديقه وتأييده وطُرِد عاشور بن جمعان بيت لَبْزْ والد زكيّة من القرية
بعدما صرّح بأن وحش البئر مجرّد خرافة اخترعتها مجموعة من المجرمين، قال ذلك
بعدما سمع الأصوات المنبعثة من مجاهل البئروعرف مصدرها، فبادر تاجر القرية
ومبخوت الفقعي وأعوانهما إلى تكذيبه والتشهير به كنذير شؤم على الجميع، مستغلّين
إصابته بالبُهاق وذهاب الشيخ غانم بن محمود لأداء فريضة الحج، واشاعوا بين الناس
أنّ لعنة سبع الليل قد أصابته، فإن لم يطرد حالا فستصيب اللعنة سكّان القرية جميعا
وعندما رفض الرجل مغادرة قريته أحاط الاتباع وغوغاء القرية بحقله وحظائره نهارا
جهارا ووضعوا حولها أكواما هائلة من الحطب والقش وهّددوا بحرقها ما لم يرحل فورا
فخرج عاشور وحيدا، ولم يسمح له حموه بأخذ زوجته وابنه وابنته معه، فارتسم
ذلك المشهد المرعب في ذهن الطفلة زكيّة التي أصبحت الآن شابة فائقة الحسن والجمال
تقيم على وجهها علامات العبوس والاستياء.
ولم تكن جم عت بنت الشيخ غانم بن محمود على صغر سنّها مقتنعة تماما بحقيقة الوحش المزعوم
الذي لا يدخل المنازل ومع ذلك تتمّ سرقتها، إنها في سنِّ المراهقة لكنّها ذكيّة نبيهة سريعة
الملاحظة كثيرة الأسئلة توّاقة إلى المعرفة في خلاف دائم مع أسرتها بسبب سخطها الدائم
وعدم اقتناعها بكثير من الأفكار والسلوكيات المتوارثة، فهي لا تقبل شيئا بديهيا بالنسبة للآخرين
إلاّ بعد فحص شامل. منى بنت لبخيت لم تكن على درجة كبيرة من الذكاء بخلاف الجمال الريفي
الذي يتوهّج في ملامحها الوضيئة ولكنّها تصدّق مباركا بسبب الحبِّ الكبير الذي تكنّ له في أعماقها
ونزه بنت زايد الفقعي أيضا تحبّ ابن عمّها مبارك حبا جما. وتفتخر بعلمه وثقافته وشجاعته
في مجالس القرويات واجتماعاتهن، وكانت امّه قد أرسلته وهو طفل إلى أهلها في الدولة المجاورة
ليتعلّم في مدارسها، وها هو ابن العمّ الذي غادر طفلا يعود شابا متعلِّما مثقفا حاذقا، ولن يصرّح إلا
بما هو حقا وصدقا. فكانت نزه من اشدِّ المتحمّسات لأفكار مبارك الفقعي.
رشيد بن الشيخ غانم لا يقلّ ذكاء ولا فطنة عن أخته جم عت ولكنه ليّن الجانب شديد الحياء
إلى درجة التخاذل، لذلك لا يحسب له القرويون أي حساب، ولا يكترثون لرأيه ولا يأبهون به
فهو في نظرهم شاب بائس ضعيف، والقروي لا بدّ أن يكون صلبا شديد المراس، إذا نطق تهتزّ
الجدران لصخبه. رشيد أكبر من مبارك بسنوات ولكنّ قلبه الذكي الهمه أن رأي ابن الفقعي منطقي
بخلاف الخرافة المتوارثة، ومع أنّ عبد الله بن النعمان عي جَم يعاني من التأتأة إلاّ أنّه يحاول وبكل
عزيمة وإصرار أن يكشف زيف نظرية سبع الليل، نظرا لما قاست عائلته الغنيّة من نهب أموال
وسلب ثروات وهم لا يعلمون من الجاني. ودافع عبد الله بن النعمان عي جَم هو دافع محمّد بن سِعِدْ إرْ مَغْلِلْ
علاوة على أن محمّد كان قد شاهد أشباح رجالٍ يدخلون منزلهم عقب هروبهم وخروجهم منه عدّة مرات
الأمر الذي شكّكه في وجود عصابة تقوم بالسرقة خلال هجوم سبع الليل، لكنّه لم يجرؤ على ذكر خواطره لأي
مخلوق، كذلك لم يجرؤ على التعبير عن الحب الكبير الذي يحمله لمنى بنت لبخيت في قلبه لأسباب اجتماعية
حتى إذا ضاق ذرعا بكتمان مشاعره باح إلى صديقه مبارك الفقعي برغبته في الزواج من ابنة خالته منى
أمّا زايد الفقعي فهو رجل أربعيني، إلاّ أنّه لم يغادر القرية في حياته قط غير إلى المراعي القريبة



لرعي الماشية أو لجمع الحطب وكان مؤمنا كما يؤمن أهل قريته بحقيقة سبع الليل الوحش المرعب
وذات يوم جرى بينه وبين ابنته نزه حديث طويل، وقد حزّ في نفسها موقف عمّها مبخوت من ابنه
وقيامه بإهانته وتوبيخه إرضاء لتاجر القرية ثارت حميّة وغضب زايد لأجل ابن أخيه
الذي يفخرون بعلمه وعقله وحكمته، ومع مرور الأيّام وظهور الكثير من الدلائل والقرائن
اقتنع الرجل تماما أن سبع الليل مجرّد إنسان عضو في عصابة إجرامية، وبدأ يراقب بعض
الرجال العديمي الذمّة. وبعد حادثة حرق مدرسة ابن الفقعي توقّف سبع الليل عن الظهور.
وفي يوم من الأيّام وعندما عادت زكيّة بنت عاشور إلى المنزل وجدت أخاها عوض قحمُمْ
في انتظارها، وكانت أمّها قد توجّست شرّا من اجتماعاتها المتكررّة مع منى والبنات الأخريات
فشكتها إليه بعد أن فشلت في السيطرة عليها. وما إن وضعت الفتاة قدمها داخل المنزل حتى جذبها
إلى الداخل بكل قسوة وغلظة، وأغلق الباب وأنهال عليها توبيخا وسبا ولعنا، ثمّ قال لها مهدّدا:
إن لم اقتنع بحجة خروجكِ المتكرّر فوالله لاشبعنّك ضربا، وأخرج عصا خيزران كان يخفيها
فصرخت الفتاة هلعا ورعبا، وسمع الجيران صراخها واستغاثتها وأقبلوا يقرعون الباب
فأبى عوض قحمُمْ أن يدخلهم وقد جُنّ جنونه والفتاة وأمها تستغيثان، وهو يكرر سؤاله:
أين كنتِ؟ وهي لا تجيب في اصرارٍ عجيب.
فهرع بعضهم واستدعى الشيخ غانم بن محمود فأتى على عجل وأمر بكسر الباب. فوجدوا الرجل
قد أمسك بيد أخته يحاول ضربها وهي وأمّها تقاومانه، فأمسكوا به وانتزعوا الخيزران من يده
فجلس ثائرا مغتاظا. فطلب الشيخ من الجيران المغادرة ويعد انصراف الناس سأله منتهرا:
أجننت أم أصابك ما أصاب ابن القلعي؟ وماذا فعلت الفتاة لكي تضربها؟
قال عوض قحمُمْ: إنّ هذه المدللة قد أكثرت من الخروج مع منى بنت عويشه الدبّاغة وأخريات
ولا نعلم إلى أين يذهبن ولا ماذا يصنعن؟ وقد غلبتنا عنادا وإصرارا على عدم كشف سرّ
ذلك الخروج المتكرّر. ومع كل ما سمعت من تهديد ووعيد فلم تعترف حتّى الآن بخطئها
فلا شك أنّهن يمارسن فعلا قبيحا. فقال الشيخ غانم: معاذ الله يا بني، فإنّ بناتنا طاهرات عفيفات
وتربطنا جميعا صلة رحم ونسب. فما تظنّه ليس صحيحا بالمرّة.
فقال عوض قحمُمْ: فما السرّ الذي تخفيه عنّا إذا؟ قال الشيخ دعني أسألها فربّما فتحت قلبها لي
ولكن أخرج أنت الآن فإنها لن تنطق بحرف واحدٍ في ظِلِّ وجودك وقد أرعبتها. فخرج يسبّ
ويشتم، فاستدعتها أمّها فخرجت ترتجف من الخوف والهلع. فقال لها الشيخ:
لا بأس عليك يا ابنتي. فإنّ أخاك وأمّك يخافان عليك، وأنتِ لم تذكري لهما سبب خروجك المتكرر
فما السرّ الذي تخفين؟ ولك عليّ عهد الله وميثاقه أن لا أبوح به لمخلوق أبدا
قالت الفتاة:ما من سرّ يا عمّ، نحن فقط نجتمع مع ابنتك جم عت ونناقش قضيّة سبع الليل.
فضحك الشيخ غانم بن محمود حتى استلقى على قفاه، ونادى أخاها فلّما أقبل هربت
فقال لها الشيخ: الم أتعهّد بحمايتكِ؟ تعالي يا ابنتي فلن يؤذيك أحد أبدا.
وعندما جلست قال موجها كلامه إلى عوض قحمُمْ: يجب عليك أوّلا أن تعتذر إليها وتقبّل رأسها
فقال لن أفعل قبل أن أعرف حجتّها، فقال الشيخ: أخبري أخاك يا ابنتي. فقالت له بنبرة التحدّي:
نحن ندرس مشكلة سبع الليل الذي أرعبكم. فضحك عوض قحمُمْ بدوره، ونهض يريد تقبيل رأسها
فقالت له: ابتعد عنّي لا أريد قبلاتك. فقال وهو يضحك: أنتنّ تدرسن قضيّة سبع الليل؟ يا للعجب! نساؤنا أشجع منّا.
وبعد انصراف الشيخ غانم عاد إلى تهديدها قائلا: لا شأن لنا بسبع الليل ولا بسِتّ النهار، وأنا أحذّرك من مرافقة
أولئك البنات، ثم أنصرف.
ووصلت تفاصيل الحادثة إلى أذن سبع الليل، فقرّر أن يعيد الهلع إلى قلوب القرويين.
وعلى مائدة الغداء كان الشيخ غانم بن محمود على غير طبيعته اللطيفة، فهو واجم عابس الوجه
فسألته أم رشيد عمّا به فقال: إنّ ابنتك جم عت تتبنّى أفكار ابن الفقعي الطائشة، وتجتمع مع الفتيات
الساذجات وتحرّضهن على التمرّد والخروج عن طاعة ذويهن. فقال رشيد: ليست جم عت وحدها
من ينكر وجود وحش في البئر بل انا أيضا واثقا كل الثقة من أنّه مجرد لص من ابناء القرية
فهب الشيخ غانم واقفا وقد اغتاظ غيظا شنيعا وقال: ما هذا يا رشيد؟ اتكذّبني وتكذّب آبائي وأجدادي؟
قال رشيد: حاشاك وحاشاهم يا ابي من الكذب، ولم يجرؤ على قول المزيد، فخرج الشيخ لا يلوي على شيء
وفرح مبارك برغبة محمّد بن سعِدْ إِرْ مَغلِلْ في الارتباط بابنة خالته ارتباطا شرعيا، ووعده بمناقشة الأمر معهما
وعندما سمعت منى كلامه غضبت غضبا شنيعا، ورفضت ذلك الخطيب، وقاطعت اجتماعات الفريق
وامتنعت عن زيارة خالتها، وأمعنت في الابتعاد عن مبارك فإذا دخل منزلها خرجت وإذا خرج دخلت
لكي لا تقابله، وعندما أخبر صديقه برفضها حزن وأغتمّ، وانقطع بدوره عن حضور الاجتماعات، فخسر
الفريق عضوين من أعضائه وأصيب الجميع بالإحباط والخذلان ولحق مباركا حزن مرير بسبب تصرّفات منى
وردّة فعلها المبالغ فيها وهو لايدري سبب رفضها ذلك الشّاب الصالح المهذّب المستور ماليا
كما شدّد عوض قَحْمُمْ الرقابة على أخته زكيّة فكان حضورها الاجتماعات نادرا وقصيرا جدا.
وبدأ الفتور واليأس يتسللان إلى نفوس مجموعة النجباء
وشعرت ليلى بنت خميسان بذلك فذهبت إلى ...

يتبع إن شاء الله






التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 22-09-2016 الساعة 10:05 PM
رد مع اقتباس