عرض مشاركة واحدة
  #19  
قديم 08-05-2012, 05:14 AM
زاهية بنت البحر زاهية بنت البحر غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 134
افتراضي 18


ليلة من ليالي العمر شهدتها الجزيرة، رقصت فيها سجية حتى الفجر، فرحة بزفاف ابنتها شهلة عبد السميع لابن عمها توفيق، وظلت الأفراح والليالي الملاح قائمة عدة أيام بلياليها أعادوا فيها تقاليد الأعراس القديمة التي انقرضت في السنوات الأخيرة أو كادت من الجزيرة.
بداية اشترك أطفال العائلة والجيران ومن يشاء من الشبان والرجال بنقل جهاز العروس من بيت أهلها إلى بيتها على صوت قرع الطبول.. وقف الناس يشاهدون الجهاز من الأزقة الضيقة ومن على الأسطح، ومن النوافذ ويحفظون ما يشاهدونه ليكون المادة الدسمة للسهرات التي يتحدثون فيها عن الجهاز، وكم دزينة من الصحون بكل أنواعها أخذت معها، والطناجر، والصواني، والكاسات، والفناجين، والأحذية، والأراجيل، والفرش واللحف، والمخدات، والشراشف، وأدوات المطبخ والخياطة والتطريز، ويستمر الرجال بالنقل لوقت ليس بالقصير، والنسوة يزغردن كلما شاهدن فوجا من حملة الجهاز يمرون من أمامهن.
فجهاز البنت في الجزيرة تبدأ به الأم منذ أن تكون الفتاة صغيرة ويستمر حتى يوم نقله إلى بيتها.
في اليوم الثاني ليلا تكون ( الشوفة ) فيها تعرض العروس فساتينها في حفل ساهر، وفي اليوم الثاني (التغسيلة) وفيها تحني الماشطة الحاجة( أم النشار) العروس وتهيِّئها لليلة الدخلة التي ستكون في الليلة القادمة، أما ليلة التغسيلة فترتدي فيها العروس فستانها الأسود، وتستمر الحفلة حتى وقت متأخر من الليل دون أن يأتي العريس فهي للنسوة فقط ، يغنين ويرقصن على قرع الطبلة(الدربكة)، وغناء الحاجة بكريَّة صاحبة أجمل صوت في الجزيرة، وهي التي تزف العرائس منذ أكثر من ستين عاما بمساعدة ابنتها خضرا.
وفي اليوم الثاني تمد سفرة في بيت العريس(العَشْوة) لجميع أهل الجزيرة يأتي إليها من يشاء من الناس، ويجد الأطفال فيها فرصة للفرح وتناول أشهى المأكولات التي اشتهرت بها الجزيرة من كجيجات (كبة بالفرن) وفاصولياء ورز، وورق عنب، وخروف محشي، وكبة لبنية ومقلية وغير ذلك مما لذ وطاب من الحلويات كالكنافة والبقلاوة والمعمول والعجوة والفاكهة بكل أنواعها، ومن ثم تبدأ بعد العصرالحلاقة للعريس والتلبيسة حيث يقوم رفاقه بتلبيسه بدلة العرس على صوت قرع الطبول، ورقص إخوته ورفاقه، ويستمر ذلك حتى الليل حيث تُجلى العروس في بيت أهلها بفستانها الأبيض والطرحة فوق منصة عالية ليتسنى للجميع رؤيتها، وتزفها بكرية وتكون ليلة خاصة جدا تفوق ببهجتها كل ما مضى من ليالٍ، وفيها يتم النقوط للعروس كل حسب مكانتها وقرابتها من العائلتين، لايقتصر الحفل على المدعوات فهناك أيضا( الفراجة) وهنَّ من النسوة غير المدعوات يأتين لحضور العرس وقد خبأن وجوههن بمنديل أسود، فلا يظهر منهن سوى العيون ويكنَّ بأعداد كبيرة لم يخلُ فرح منهن. أما الماشطة أم النشار فتجلس بالقرب من العروس وتضع في حضنها منديل أبيض للنقوط ثم تلفه وتحمله معها، ولبكرية أيضا نقوط ممن تغني لهن ويرقصن على نقرات أصابعها السحرية على الطبلة(الدربكة)، ولكل فتاة وامرأة أغنية خاصة بها تختلف عن أغنية غيرها من الحاضرات. ويأتي العريس ليأخذ عروسه بمرافقة الطبل والعراضة ورقص الرجال بالسيوف من أصحابه وأقربائه.
يتأبط العريس يد عروسه، ويخرج بها من بيت أهلها بمرافقة بكرية وأهل العريس والزغاريد تملأ الأجواء بعد أن يخلي الرجال الطريق لموكب العروسين، ويستمر الغناء حتى تصل إلى بيتها الذي ستقيم فيه مع زوجها حيث أتمت أم العريس تجهيزه وفرشه بما يليق بسمعة العريس، وكل يجهزه حسب قدرته المادية، وقبل دخول البيت تناولها حماتها قطعة من العجين (الخميرة) فتلصقها فوق العتبة، وهذه عادة درج عليها السكان يعتقدون من خلالها بأن العروس ستلتصق مدى العمر ببيت زوجها كقطعة العجين التي التصقت فوق العتبة.
في صباح اليوم الثاني تكون الصبحية، ترتدي العروس فستانها الأبيض، وتزفها بكرية والأهل يغنون ويرقصون. بقي عليها ليلة السرقة وفيها تأتي إلى بيت أهلها، تسهر معهم وعندما تريد العودة إلى منزلها تشير لها أمها بأن تأخذ شيئًا من المنزل متفق عليه مسبقا، فتسرقه وتذهب به إلى بيتها.
فرح أهل الجزيرة بشهلة وتوفيق بعد أن وفق عقلاء الجزيرة وحكماؤها بين العائلتين، وتمنوا لهما حياة سعيدة.
حضرت سراب وحماتها حفلات النسوة وحضر عادل حفل الرجال رغم حزنه الشديد على صديقه أحمد.
دخل وزوجته إلى غرفتهما وهما يحلمان بليلة زواج ابنهما هاشم أو ابنتهما درة، وتعاهدا على أن يكون الزفاف على الطريقة القديمة فليس هناك أجمل من التقاليد التي تعبق بالأصالة وتعيد ذكرى الآباء والجدود.
بقلم
زاهية بنت البحر
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
مدونتي


http://zahya12.wordpress.com/2010/09...4%d9%87%d8%a7/
رد مع اقتباس