عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 05-05-2012, 04:44 PM
زاهية بنت البحر زاهية بنت البحر غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 134
افتراضي بانتظارِ الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)17

طُرِقَ الباب صباحاً وسراب لم تزل في سريرها إثر شعور بإرهاق ألمَّ بها، أصغت قليلاً وانتظرت ريثما ينتهي هذا الصوت المزعج بفتح الباب، ولكن لم يحصل ما تريد.
نهضت من فراشها، وخرجت إلى فسحة الدار.. بحثت عن حماتها فلم تجدها في البيت، يزداد الطرق على الباب قوة وإصراراً، تأففت ضيقاً، وبلحظة طيش عصبي خانت عهد اختفائها عن الناس بالرد على القادم الطارق.. اقتربت من الباب وسألت من؟ فسمعت صوت جارتها هناء تستعجلها في أمر هام.
حوصرت سراب بالنداء، لن يفك حصارها أحد، فأدركت أنها في ورطة حقيقية وأنها لا محالة ستضحي بالبيت الجديد.
قبل أذان الظهر كان خبر حمل سراب يملأ أسماع أهل الجزيرة، كثر العاتبون، وتكلَّم الحاسدون، وفاعل خير يحبُّ (عادل) بثَّ إليه عبر راديو السفينة خبر الحمل هذا ليفوز بهدية قيمة.
وعندما عادت أم عادل إلى البيت قالت بخيبة: لن يشتري عادل البيت الجديد هذا العام.
كما ودَّعته بالدموع استقبلته بها سخيَّة عند عودته عل متن طائرة ركاب نقلته من ميناء مرسين إلى العاصمة، ومنها بالسيارة فالمركب إلى الجزيرة. روت له بتفوق ملحوظ حتَّى أدقَّ التفاصيل منذ بداية حملها إلى كشف سرِّه.
لفَّها بالإمتنان وضمَّها بالشوق، ولكنَّه لم ينس أن يفخِّخ لهفته الحرَّى واشتياقه المجنون إليها بشيء من اللوم وكثير من العتب، ولم تخفي عليه هي حسرتها المرة بخسارة البيت الجديد.
قال لها: أيسعدك أن أعمل صيَّاداً ريثما يأتي هاشم؟
أجابت بسرور: طبعاً، ولكن مايدريك بأنَّه( هاشم)؟
أجابها: هاشم، درة لا فرق، كلاهما نعمة من الله تستوجب الشكر.
فُك حصار سراب برجوع زوجها، فعادت إلى الظهور في المجتمع ولكن بحذر بعد أن تعلمت من الأحداث التي مرَّت بها فلسفة جديدة.
بهدوء جهَّزت ووالدتها ما يلزم للمولود عند قدومه، وأعدَّت البيت كما يليق بهذه المناسبة الرائعة، وبيَّضت الجدران.
لم يكن عادل كريماً بإنفاق الوقت دون عمل، فسعى منذ وصوله لإيجاد قارب صيد استأجره مع بعض رفاقه لتأمين قوت يومه بعد أن ترك العمل على ظهر السفينة وعاد بالقليل من المال.
مهنة الصيد تحتاج لخبرة جيدة، والريس منصور معلم ٌبها، وقد سبق لعادل أن عمل معه أحياناً كثيرة فيما مضى فاستدعاه لرياسة المركب.
هناك في البحر وعلى بعد عدَّة أميال من الجزيرة غرباً كان قارب الصيد يحمل(عادل) ورفاقه كي يلقوا شباكهم بعد عصر كلِّ يوم ويعودوا إلى الجزيرة قبل الغروب، وقبل الفجر يخرج الصَّيَّادون لجمع شباكهم بما علق فيها من اسماك، ثمّ َيعودون بها إلى المدينة الساحلية القريبة من الجزيرة لبيع صيد يومهم لمسمكاتها بالسعر الذي يستحقُّه كلُّ نوع منها.
قالت أم عادل له ذات يوم عندما عاد بثمن الصيد: سمعت والدك يتحدَّث عن الأسماك وعن علاقتها الحميمة بالصَّيادين.
سألها باهتمام: وماذا قال عنها؟
أجابت: قال رحمه الله: إنَّ الأسماك تحس بتعاسة الصَّيَّادين، لذلك فهي تحبُّهم وتشفق عليهم وتدخل في شباكهم لتخفِّف عنهم شيئاً من المعاناة.
فقال عادل باسماً: ولكنَّها تقع فريسة في الشباك لصغر عقلها، وضعفها فتهزم.
فقالت: مايدريك فلربَّما كانت منتصرة بالهزيمة، قويَّة بالضعف.
فسألها ساخراً: وهل هناك انتصار بالهزيمة وقوَّة بالضعف ياأمَّ عادل؟!!
أجابته بثقة: عند المحبين فقط، بمعنى أن تقدم نفسك فداء لمن تحبُّ.
فقال: أليس هذا غاية الجنون ياأمي؟ إنَّه انتحار ولو كان من سمكة، منطق غير صحيح ولا أحبُّه ياسيِّدتي.
بقلم
زاهية بنت البحر
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
مدونتي


http://zahya12.wordpress.com/2010/09...4%d9%87%d8%a7/
رد مع اقتباس