الموضوع: عطشٌ، و....
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 30-04-2012, 11:37 PM
الفرحان بوعزة الفرحان بوعزة غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 306

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زاهية بنت البحر مشاهدة المشاركة

أخيرا وجدته، إنه الكأس الذي سأروي بمائه ظمئي، سأشربه أيا كان طعمه، ماأشد لمعان زجاجه تحت أشعة الشمس، لن يسبقني إليه أحد، إنه لي، سأقتل من يحاول انتزاعه مني، مضت ثلاثة أيامٍ وأنا أتضور جوعا، وأتلوى عطشا، وجسدي ينزف عرقا، صحراء قاحلة، لاأدري كيف وصلتُ إليها، أجل كيف؟ أذكر أن طائرا عملاق الجسد التقطني من فراشي وأنا نائم، كانت النافذة مغلقة والباب أيضا، كيف استطاع اختراق الجدران وانتزاعي من نعيم بيتي؟ لست أدري.. صرخت أستنجد بأهلي، لم يسمع صوتي أحد، تذكرت، كان صوتي مكتوما، مدينتي لاتعرف هذا الطائر الغريب، لم يؤذني، رماني في الصحراء، وفرَّ محلقا بعيدا عني، تمنيت أن يرجعني إلى بيتي أو يحضر لي أحدا أعرفه، يؤنس وحدتي، يسند ضعفي، لكنه غاب و لم يعد إلي. الشمس تشوي جسدي، تفرغه من مائه، أحتاج شربة أدفع ثمنها ثروتي، بيتي، مدينتي، ماء.. أريد ماء، تبتلع صوتي رمال الصحرء.. ياإلهي هاهو أمامي، الكأس، أجل لقد وجدته الآن بعد عراك مرير مع العطش، ومقاومة الموت في بيداء لاترحم ضالا. ماباله يبتعد عني كلما اقتربت منه، قف مكانك أيها الكأس، كفاك لهوا بي، العطش يدنيني من النهاية، أرجوك.. لاأريد الموت الآن، مازالت أحلامي تناديني برخيم الصوت، وأضواء المنى تلوح لي، بالله عليك ساعدني للقبض عليها، إنها تلعب بي مثلك تماما، تارة أراها قريبة وتارة تهرب مني.. أحسنت صنعا بتوقفك الآن عن الابتعاد، سأمسك بك، أروي عطشي الظالم، آه وأخيرًا حضنَتْكَ يدي بقسوة، اعذرني لاأريد مفارقتك قبل افراغ ما فيك في جوفي الملتهب، ماؤك صافٍ كمرآة أرى بها وجه السماء، زرقاء، بلا غيوم، ياإلهي ماهذا.. إنه الطائر يعود إلي، أرى خياله في الكأس، إنه يقترب أكثر.. سأشرب الماء قبل أن.. ويلاه .. خطف الكأس مني.
بقلم
زاهية بنت البحر
[align=center]
http://zahya12.wordpress.com/2010/05/01/عطشٌ،-و/
[/align]
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
الأخت الفاضلة والمبدعة المتألقة .. زاهية .. تحية طيبة ..
تحليق تحت غطاء أماني وطموحات قد تتحقق ولا تتحقق ..جاهدت البطلة في سبيل الحصول على شيء رمزت له بالكأس ، كأس فريد ومتميز ناضلت وحاربت من أجل الانفراد به ، كأس عنيد ومشاكس .. كأن هناك قوة خارقة تتحكم في مساره ، استطاعت أن تنتزعه .. قوة تقرب الكأس منها لا حباً فيها وإنما لإثارة انفعالها واستفزازها .. لذلك اختطفته منها ليغيضها أكثر ..
النص يحاول أن يقول بوحاً خطيراً يتعلق بالذات والنفس والشخصية ،والعلاقة الغامضة بالآخر ، بالذات الأخرى .. لكن الساردة دفنته تحت غطاء الكأس.. أعتقد أن الفكرة الأساسية للنص لا تبتعد عن حبيب اختطفته أخرى ، وربما تزوجت به ..
تزداد جمالية النص لما حاولت الساردة أن تقربنا من الحدث تارة ،وتبعدنا عنه تارة أخرى.. تقربنا من الواقع وتتيه بنا في الخيال ، تنطلق بنا من فضاء الأرض إلى فضاء السماء .. فمن المنطق أن تعبر عن الفيافي والقفار والصحراء ... والواقع ،فلا فيافي إلا فيافي النفس ، ولا قفر إلا قفر المكان ، وما غياب الحبيب إلا نكسة أصابت البطلة ..وللتخفيف عن نفسها ترجمت فشلها في تصور وضعية قد تعيد لها الأمل .. رسمت الساردة هذه الوضعية لما استعملت فكرة / التحليق / الطيران / القرب / البعد / الفوز الوشيك / الفشل الذريع ... فحضور البطل بقي موجوداً في الخيال فقط .. بطلة لا زالت تعيش على أمل مبهم ، وواقع غامض ، وخيال مفرط ..
سرد جميل وتحليق أدبي متميز يجمع بين الواقع والخيال ،بين الحلم واليقظة ،بين البوح والكتمان ، بين المرارة والحلاوة .. حلاوة عابرة ومرارة دائمة ومستمرة ..
تقديري واحترامي ..
الفرحان بوعزة ..
رد مع اقتباس