عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 28-09-2013, 04:11 AM
الصورة الرمزية أمواج
أمواج أمواج غير متواجد حالياً
رئيسة قسم المكتبة الفنية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2013
الدولة: عمق البحر
المشاركات: 2,145

اوسمتي

افتراضي

صاحب اللغة المبهرة والقصائد الرائعة

اليوم يكتب خواطر ماأروعها

خليل عفيفي



جزيرة العروبة وعروس البحر

على ذلك الشاطئ الرائع ، وقرب جزيرة الطهر ، كانت تمشي الهوينى ، كنت وحيدا بلا وطن آوي إليه
، وجواز سفر كان الحزن هويةَ حامله .
استوقفني ذلك العطر المنبعث منها ، كان يفوق رائحة المسك ، وبيدها كتاب الله ، وكتاب يحمل عنوان
الطموح ، وسجادة للصلاة ملقاة على كتفها ، كانت تسير واثقة الخطى كالملوك ، وهامتها شامخة إلى
السماء ،لا شك أنها عربية من أزد ، أو كنانة ، لها هيبة ووقار ، فكيف لمواطن من عامة الشعب أن
يستوقفها ؟!
استعنت بالله وبادرتها قائلا :
السلام عليكم ابنة الطيبين الكرام ..

فقالت : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .
من أنت ؟ وما الذي أتى بك إلى هنا ؟
رأيت محياها ، فارتجفت قدماي حينما بدا كالقمر ، فأجبتها وقد تلعثم اللسان :
أنا من ذلك الكوكب الحزين ، دعوت الله في سجودي أن أحظى بأنقى من كرم الله بها عروبتنا بطهرها
، وجمالها وحسنها ، وقوة إيمانها ، فدلني الله إليك ..

استأذنتها بالدخول لقصرها ، فأذنت لي ، لا لأنها تسمح لأي أحد بذلك ، بيد أنها لنقاء قلبها ، أيقنت
بأن الله يسر لها من يكون حارسا لعينيها ..
بسطت لي مكانا في شرفة القصر ، فمنحني الله قدرة لرؤية قلبها . يا للهول !! قلب كالثلج ، خال من
البشر !! سبحان الله !!
أهناك امرأة بلا قلب ؟ والله لم أر في قلبها أحدا ....!!
إنها هبة من الله أن أرى ذلك .. لا أعلم لماذا !!
لم أر إلا الأماني والطموحات !!
دخلت قلبها ، ولا زلت أبحث عن متسع أتكئ عليه ، فقلبها الكبير لا يتسع لأحد غيري ..

شكرت الله ، وآمنت أن من كتب لي هذا اللقاء لا بد أنه من رضى الله والوالدين .
عاهدتها أن أكون لها المحب الوفي ، والفارس المطيع ، وأقسمت لها بالله
أن أفي بعهود قطعتها على نفسي أبد الدهر ، يعجز غيري عن الوفاء بها ، وأن يكون توثيق ذلك أثناء
ذهابنا لبيت الله الحرام ..
واصلنا المسير لثلاث سنوات خلت ، ولا زلنا في يدٍ كتاب الله ، وفي اليد الأخرى آمال وعهود موثقة
بكتابه العزيز ، أن لا يفرق بيننا مفرق ..إلا ما خطه القدر ..

وتمضي الأيام ...لنلتقي معا ، حيث الأهل ، والأحبة هناك ، لتسألني مرة أخرى أمامهم عن سبب
الحزن في عيني ..
فيقرؤون ما في القلب ... :

أنا المنسي في جزيرة الأحلام ، أرتدي ثياب الفرح قليلا .....وما ألبث أن أجبر على خلعها رغما عن
أنفي ....
وعندما أحاول مغادرة الجزيرة تنتهي تأشيرة العبور ، لأعود تائها حزينا كما كنت أول مرة ..

سأبقى سعيدا بثياب الحزن... لم تعد بعد اليوم لي رغبة في ارتداء ثياب الفرح ...
حيث ثياب الفرح لا تتناسب وملامح وجهي الحزين ......وحكايات قلبي الموجعة ....
نفد زادي هناك ، وعدت فقير الحال ، فكيف لي أن أعود ؟
لم أعد أمتلك ما يساعدني على تحمل أعباء الزمن ، أو لملمة ما تبقى من متاع الغربة ....
جزيرة ليست كأي جزيرة ، هادئة نقية ، لم تعبث بها أيادي البشر ، ولم تغزها سحب الانتقام ،
أو تمص دماءها طيور انقرضت لأنها تتغذى على دماء بشر كتب لهم القدر أن يكونوا أرضا خصبة
للعطاء ، يقدمون أكثر مما يأخذون ..
شعارات غريبة ترفع ، ومطالبات حملت تواقيع الرحيل .. وسيوف حادة ..
قصر من الوفاء ، وصروح من الحب ، أقيمت على أنقاض من يكرهون البساطة ، ويتلذذون بقتل
الحب ، ويتراقصون على جثث الأسود ، ويعشقون طمس معالم الطيب ..
وتبقى العزيمة ....
فنحن من جئنا إلى تلك الجزيرة ، التي أغدقت علينا بعطائها وثمارها ، وأغدقت علينا بظلها الظليل ،
وخيرها الوفير ، وتأتي الرياح لتغير ملامح تلك المعالم ، وتهدم قصور الحب ، وتبعثر الآمال ، وتغرق
الطموحات ، وتقتل كل مظاهر السعادة ...
كتبت لي النجاة ، وتركت أعز الأحباب هناك ..
ليتني ذهبت معهم ، فما فائدة الحياة بفراقهم ؟!!!
لقد كانوا معي بلسم (الآهات) ، وكنا توأم الروح ... لكنني بت الآن جسدا بلا روح ....

آخر ما كتبته قبل أن أرى خيالا لمجموعة من بني البشر ، وكل يحمل معولا يحفرون في الأرض حفرة
بطول مترين وعرض نصف المتر .... وهم يهللون بذكر الله ...
__________________
[