في نفس المقهى
وبنفس الركن وكالمعتاد ، طلبت قهوتي المفضلة.
تفضل سيدي، لكن إنتبه إنها ساخنة جداً..
شكراً لا عليك فالجو بارد بعض الشي .
ياااااه ... كم أنا مرهق اليوم بعد معاناة يوم دراسي مكلل بالدروس والمحاضرات المؤرقة.
أسندت رأسي قليلاً على الحائط الخلفي ، ووقعت عيناي على لوحة إعلانات صغيرة معلقة في السقف، يداعبها الهواء فتدور تارةً لجهة اليمين ، وتدور إلى جهة اليسار تارةً أخرى.
ومنها كانت الإنطلاقة للإنعزال في زاوية التفكير لأعيش لحظات الهلوسة الذاتية أمام عالم إمتلأت فراغاته بالعديد من الحالات ..
أغمضت عيني وشاهدت على شاشة خيالي ما لا يطاق.
نعم بدأت أستعيد لقطات مختلفة من الأحداث والمواقف التي نشاهدها على مدار الساعة في قنوات التلفزة وبكل الأشكال والألوان..
* هناك أطفال يحرقون
*وهناك نساء تختنق وتموت
*وهناك بيوت تهدم ورجالات تعدم
*هذا يحمل السلاح وذاك تؤلمه الجراح
*جماعات تنادي بالإصلاح وجماعات أخرى تنشر الخراب والفساد.
*الشعوب تثور على حكوماتها ولكنها تخوض معارك لتقتل بعضها البعض ، فتدمر أراضيها وتهدم أمنها وإستقرارها.
*وبالمقابل هناك شعوب تموت من الجوع والعطش، فهناك اطفال شربوا دموعهم من أثر البكاء حتى يموتون في أحضان أمهاتهم ،اللاتي يرقدن على الأرض خاويات البطون دون حيلة أو قوة لفعل شي.
يالله ... يالله..
ما الذي يحدث؟
تمر الساعات والأيام والشهور والأعوام .. ونحن كما نحن!!
فإلى متى سيستمر بنا الحال هكذا؟؟
سيدي ... سيدي
الوقت متأخر ونحن على وشك إغلاق المقهى..
فتحت عيني، ووجدتها قد تخضبت بالدموع..
يااااااه .. نعم الزبائن غادروا المكان إلا أنا.
سيدي. يبدوا ان القهوة لم تعجبك اليوم لأنك أبقيتها كما هي..
لا بأس عزيزي فهناك أشياء كثيرة لم تعجبني
*********
غادرت المقهى وذهبت،موكلاً كل ماشاهدته لله تعالى ، فبيده كل شي وهو على كل شي قدير..
سيف بن محمد العبري