عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 13-05-2013, 05:42 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...وتبقى-أختي الكريمة البديعة شاعرة الليل-قضية ( الطرح الفكري ) تترنحُ بين ناسٍ-محسوبين على العلم والفكر والثقافة-لا يُبارحونَ في نقاشاتهم وطروحاتهم التعصبَ الأعمى والتشددَ الأنكَى،وإذا ما أرادوا توصيلَ رأيهم راحوا يُوصلونه مصحوباً بردْحٍ عجيبٍ من التصامم وعدم ترْك المجال للطرف الآخر أن يُدلي برأيه كاملاً...

إنه واقِعٌ أسيفٌ-للأسف-موروثٌ من أزمنةِ الانحطاطِ والتعصب التي ابتليَتْ به هذه الأمة المسكينة منذ قرون..!!

خذي مثلاً هذا المثال الذي صاحبَ أقصوصتك الحوارية سيدتي الكريمة...

قصة ( خلق القرآن ) أو قضية ( خلق القرآن ) أو إن أردنا الدقة ( فتنة خلق القرآن ) التي ابتـُليَتْ بها الأمة ولم يَمْضِ على هجرة صاحب الرسالة الخاتمة زهاءَ قرنيْن من الزمان...

وهي وإن كانتْ قضية فكرية بحتة إلا أنها يَقيناً دلتْ على ضرْبٍ من ضروب الإفلاس الفكري والعقائدي الذي تسللَ-خلسَة أو علناً-إلى العقل الإسلامي عندما بدأ شَرُّ الفِرَق المختلفة يستفحِلُ جراءَ التأثر بالفكر الإغريقي اليوناني الوثني وفلسفته التجريدية التي نبتتْ في بيئةٍ غيْر بيئتنا ومصادرَ اعتقاديةٍ غير مصادرنا وجراءَ ( السفسطائية ) المتقعرة المتحذلقة المتفيْقِهةِ التي راحتْ تـُثارُ بطريقةٍ جدليةٍ عقيمةٍ،استهلكتْ من فكر الأمة وسيْرورتها الحضارية ثلاثة قرونٍ،لم تعُدْ بطائل منها غير الخواء والفراغ والضحالة الممجوجة...

وقد كان للمعتزلة-على قدرتهم في إدارة النقاش بما يجعلُ العقلَ مشتغِلاً ويَقِظاً دائماً-اليَدُ الطولى في توريط فكر الأمة ودفعِهِ إلى الاتجاه الذي شرحتهُمْ أصولـُهُم الخمسة المعروفة...

وقد اتفقَ مؤرخونا العلماءُ المُحققون الراسخون-ككتاب المناقب لابن الجوزي وتاريخ محمد بن جرير الطبري وسير أعلام النبلاء للإمام شمس الدين الذهبي مثلاً-أن المعتزلة-في شخْص واحدٍ من دهاقنتهم وهو أحمد بن أبي داؤود-هم الذين أوقدوا فتيلَ الفتنة،وهم الذين ألبوا الخليفة الواثقَ وزيَّنوا له إثارَتـَها،وهم الذين أوغروا صدْرَهُ ضد الإمام الكبير أحمد بن حنبل الشيْباني-رضي الله عنه-فكان ما كانَ من المحنة الرهيبة التي نزلتْ بالإمام لسبع عشرة سنة،خرجَ منها-بحمد اللهِ-كما يَخرجُ الذهبُ من قلب اللهب نقيًّا مُضيئًا مُشِعًّا صافيًّا،لذلكَ قال الإمامُ علي بن المَديني رحمه الله : (( لقد حفظ الإسلاَمَ اثنان : أبوبكرٍ يَومَ الردة وأحمدُ يومَ الفتنة ))...

قضية خلـْق القرآن-أختي-من القضايَا الفكرية العقيمة جدا والتي انتهتْ-بخيْرها وشرها وكلها شرٌّ وتقعُّرٌ-منذ القرون الهجرية الأولى ودُفِنتْ في مزبلة التاريخ وما عادت اليَوْمَ أولوية في قضايَا الأمة ولا تـَحَدٍّ حضاريٍّ من تحدياتِها الراهنة،والدكتور المحترم حينَ يسعى إلى نبْشِها وإثارةِ سُعارها من جديدٍ،فإنما في الحقيقة يُثيرُ عُجاجة من أتربةٍ،هبتْ ذات قرن ثم تبخرتْ وولتْ...

ولقد تعلمنا-من علمائنا الخلف والسلف-أننا إذا سئلنا عن أشباهِ هذه القضايا العقيمة،من قبيل : ماذا تقول في القرآن،أهو مخلوقٌ أم لاَ..؟؟ ماذا تقول في العلة الغائية ومظنة السببية : النارُ هي التي تـُحرق أم أن الله هو الذي يُحرق..؟؟ ماذا تقول في القدرة الإلهية،هل ربنا سبحانه وتعالى-تعالى اللهُ-له القدرة أن يخلق صخرة لا يقوَى على حملِها..؟؟!!!...إلى غير ذلك من هذا اللغو السفسطائي العاقر العقيم،الذي لا يُفضي بالأمة إلى غير الإفلاس العقلي والحضاري...

تعلمنا أن يكون الجوابُ سريعاً وحاسماً،وهو أن نصرفَ الأمة إلى معالجة مشاكلها الحقيقية التي يسعى الجهلة والخصومُ إلى صرف العقل الجمعي لها عن معالجتها : كمعضلة الوعي الحضاري بالإسلام الذي يتأتى عن العِلم الصافي الراسخ القادر على إنتاج مسلمٍ،يستوعبُ بفكره الثاقب وبصيرته النيرة تحديات الحياة الدنيا ومآلات الآخرة..وأنْ يبقى خط الوصل ممدوداً بيننا وبين الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يفتحوا يوماً في حياتهم البابَ على مصراعيه لمثل هذه الجدالات والمجادلات العقيمة البائرة...

قضية ( خلق القرآن ) قد نقبلُ الخوْضَ فيها ضمنَ نطاقٍ مُغلـَقٍ من ذوي الاختصاص وفي دوائرَ ضيقةٍ جدا،كبحْثِها مثلاً في أطروحة ماجستير أو رسالة دكتوراه والنظر إليها كموْروثٍ شائكٍ مَرَّ وولـَّى وذهبَ إلى غيْر رجعة،والحمد لله رب العالمين أن كتابَهُ العزيزَ باقٍ خالِدٍ،صالحٍ فلكل بيئةٍ ولكل زمان ومكانِ،نؤمن به-إيمان السلف الصافي النقي-متعَبَّدٌ بتلاوته،مُعجزٌ بلفظه ومعناه،لا يأتيه الباطل بين يديه ولا من خلفه...ثم بعد ذلكَ فليَكنْ شغلنا الشاغل أن نقتربَ من معينه ننهلُ منه ما يضمَنُ لنا صلاحَ الدنيا-عِزا وتمكيناً-ومآل الآخرة-قراراً وخلوداً-أما أن تـُنبَشَ أصولُ القضيةِ وتـُحيَا من جديدٍ وسط الرأي العام الإسلامي،فهذا-وايْمُ اللهِ-ضربٌ آخرُ من الصرَع الحضاري الذي تتخبط فيه أمتنا وتتجرعُ عواقبَه المريرة....

الأقصوصة-أختي الكريمة-حوارية وذاتُ شجون وشجون...

المعضلة في الملمح العام لمغزاها تكمنُ في كوْن الدكتور المحترم لا يمتلكُ نواصي النقاش الحر الذي يبني أفكار الطلبة على الفكر الراقي وعلى أدب الاختلاف السامي،وقد كان يسَعُه أن يُرخي السمعَ بهدوءٍ ورويةٍ ولباقةٍ إلى ما عند الطالبة الكريمة،يستمع إليها بتمعن وإمعان،فلربما حدث سوءُ فهمٍ مَّا في إشكالية الطرح،ولربما عَنَّ للأستاذ-من خلال تعليق الطالبة أو ردها-ما يجعله يعَمِّقُ في البحث أكثر فأكثر...

المعضلة هنا ليستْ في إشكالية القضية أو المماحكة في تفاصيلها وبواعثها والأسباب التي أثارتها وأهداف أصحابها الحقيقية على فكر الأمة وإسلامها الصحيح وقرآنها المعصوم-كما تمت تاريخيًّا-وهذه عند الأستاذ الدكتور موجودة،ويمكنُ إدارة نقاش علمي بها على أعلى مستوى لتمحيص الحقيقة العقائدية والشرعية والأصولية الخاصة بسماتِ وخصائص القرآن الكريم الربانية والإعجازية...لكن المعضلة هنا في شيءٍ آخر..في ضيق الأفق وحدة المناظرة والنقاش والاستبداد بالرأي وقمْع الرؤية الأخرى...

الخلاصة أن المأساة هنا-أختي-مأساة أخلاقية وليستْ مأساة علمية...

في مبنى بعض الكلمات هنات لغوية بسيطة،أمر عليها سريعاً علنا نستذكرُ وإياكِ معها مبنييْن عابرين من قواعد لغتنا العربية الفصيحة الجميلة...

لاحظي أختي البديعة :

كتبتِ :

- (( ...فوجدت (محمد) جالس... )) والصوابُ النحوي أن نكتبَ : (( ...فوجدت (محمد) جالساً... )) لأنه حالٌ منصوبٌ...

- (( ...لو كان كلامك صحيح... )) والصواب النحوي أن نكتبَ : (( ..........صحيحاً )) لأنه خبرُ الفعل الناقص الناسخ كان المنصوب...

بوركَ فيكِ وفي إبداعِكِ..ودمتِ لنا...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس