عرض مشاركة واحدة
  #13  
قديم 03-05-2012, 12:58 PM
زاهية بنت البحر زاهية بنت البحر غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 134
افتراضي

يتساقط المطر نوراً.. يسقي الروح العطشى الصاهلة على ضفاف الفرح المعشق بالحلم..المزخرف بالأمل..المعطر بالطهور من الزلال.. تسمو بها اللحظة بالشكر.. تسجد الجبهة بسكون لخالقِ الممكن واللاممكن، خالق الكون وقوانين الوجود، ويظل النور مضاءً بالفرح. عبر أمواج الدموع تجد نفسها هناك على الشاطئ الشرقي تحمل بيدها اليمنى طاقة قرنفل حمراء، وحول عنقها طوق من الياسمين تعبق رائحته الشذية في أجوائها الصباحية والشمس تنهض من نومها بابتسامة برتقالية مشرقة، والنسيم يغازل بجرأة فستانها الوردي.
رجته قلبا أن يدعها بلا قلق، فهي بحاجة لنبضة سعادة تدفئ حولها برد الدنيا. رجته أن يكون صديقها.. أن يتسلق معها قمم الرضا.. أن يحررها من الحزن فقد أضناها عمرا مديدا.. ابتهلت إلى الله أن يشرِّع لها نوافذ خيرٍ تلقى بها ومن تحبهم النعيم في الدارين.. تشهق بالبكاء.. يغرق وجهها بطهور الدمع علَّه يطفئ في داخلها شعور الحزن.. علَّه..أحست بحاجةٍ للبكاء.. إحساس غريب يلهب مشاعرها بفقرها للطمأنينة هذه الليلة.
ما بال قلبها يخفق بحزنه وقد آن له أن يفرح بحَمل سراب؟ّبخفة شبابها الغض تمتطي صهوة صخرة عجوز مازالت تربض على جفن الجزيرة منذ آلاف السنين.. تتطاول على رؤوس أصابع قدميها الدقيقتين.. تلمح من بعيد فلوكته تتهادى بين الأمواج كعروس خجلى، تقفز إلى صخرة أخرى ومنها إلى أخرى والفلوكة تقترب من الشاطئ.. تراه مبتسما يلوح لها من بعيد، تناديه: هاشم، أطلت الغياب، يجد بالتجديف أكثر.. يقترب.. تنزل عن الصخرة.. تلامس المياه الباردة قدميها، تحس بقشعريرة تسري في جسدها.. تنتبه.. تفتح عينيها.. أين هاشم؟ أين الفلوكة؟ لم تجد شيئا.
انتفضت خائفة.. فتحت نافذة الغرفة المطلة على البحر، لفحت وجهها نسمات باردة، أغمضت عينيها للحظات.. فتحتهما بكسل.. نظرت إلى السماء.. الظلام الدامس يحجب عنها الرؤية.. أغلقت النافذة.. تأوهت بحرقة وهي تقلب كفيها حسرة وألما فأصعبُ مافي النفسِ الإنسانيةِ ألا تعرفَ أينَ هي ..تموجُ الحياة ُبكلِّ صعبٍ ومريرٍ، ويبقى الأملُ شراعَ السفينِ التائهِ في خضَّمِ العمرِ، يبحثُ عن شاطئِ سلامٍ يتخيلُهُ جميلاً.. هادئاً لاتعصفُ بهِ الأعاصيرُ كذاك الذي يتلظى في صدورِ المساكين بين حريقٍ ورمادٍ.
هي لحظةٌ فارقةٌ بين الحقيقةِ والخيالِ ما أمسكَ بها قلب إلا وصلَ برَ الأمانِ، ولكنَّ مجداف َالخيالِ يظلُّ أقوى، وفورةَ الدماءِ أشد سفحاً بكفِّ الوعدِ الكاذبِ أحيانًا، وتلاعب الأمواج بسفينِ الأمل وقدْ.. وقدْ.. قدْ تغرقُ الرُّكَّابِ. هناك في الجهة اليسرى قرب شلالٍ على كتفِ الأمل حيث الظلالِ الواررفة، جلست أم عادل وحيدة تناجي ربها بما تجود به نفسها الصبورة، المؤمنة، الخاشعة، الراضية بقضاء الله وقدره.

بقلم
زاهية بنت البحر
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
مدونتي


http://zahya12.wordpress.com/2010/09...4%d9%87%d8%a7/
رد مع اقتباس