الموضوع: الوسواس
عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-12-2016, 12:30 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي الوسواس

محمود شاب في نهاية العشرينيات من العمر، شاب لطيف، طيب الأدب والأخلاق، ولكنه، كان يعيش حياة، يكدرها الخوف من ركوب السيارات، وقد تولدت لديه هذه الحالة؛ لكثرة ما عايش أو سمع من آثرار لحوادث السيارات، بين البشر من حوله، فقرر ألا يركب سيارة في حياته، وبدأ يوطن نفسه على ذلك، بالذهاب مشيا.
لقد كان الشعور المهيمن، على محمود، هو أنه سوف يموت لو ركب السيارة، وبدأ هذا الشعور القاتل، يتوغل في نفسه، ويتوسع وينتشر، بين حناياه، حتى أصبح اعتقادا جازما، وكلما حاول معه شخص من أهله، أو أقاربه، أو أصدقائه، أن يثنيه عن الإيمان بهذه الهواجس، والوساوس، يرفض بشدة، مؤكدا لهم حتمية موته لو ركب سيارة.
وذات يوم، حاول ابن عمه أن يقنعه، بأن ما هو عليه هو خوف من أمر غيبي، بيد الله تعالى وتقديره، وأن عليه أن يتخطى هذا الحاجز العظيم، وأن يبدأ بالثقة بنفسه، وأنه قادر على التغلب على هذه الحالة المخيفة، وعرض عليه أن يركب معه لمسافة بسيطة، يصلان بعدها إلى مزرعتهم القريبة، عن طريق شارع ترابي، متعهدا له بالسير البطيء.
وافق محمود، في ظل ما يعتمل في نفسه، من مخاوف، حول ركوب السيارات، وكان يؤكد لابن عمه، بأنه ميت لا محالة لو ركب عنده، طلب منه أن يجرب لمرة واحدة، وبعدها سوف يتغلب على خوفه، ووسوسته.
انطلق الاثنان في طريقهما، في هدوء وسكينة، ولكن محمود، كان يعاني معاناة شديدة، فهناك صوت في داخله، يهتف به: ستموت يا محمود، استسلم وجلس منكمشا ساكنا ينتظر ساعة الصفر، وأغلق عينيه لا يريد رؤية الطريق.
وفجأة خرجت السيارة عن المسار، وانقلبت، كان المصاب الوحيد هو محمود، فقد أصيب في رأسه، وتوفي في التو واللحظة، وتخلص من كل آلامه، وهواجسه، وانتهت مأساته بمأساة أدهى وأمر، وصمت ابن العم صمتا عجيبا وطويلا.

من الواقع
أم عمر

التعديل الأخير تم بواسطة زهرة السوسن ; 11-12-2016 الساعة 01:51 PM
رد مع اقتباس