الموضوع: صرخة الرفض
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 01-03-2013, 12:38 PM
الصورة الرمزية مختار أحمد سعيدي
مختار أحمد سعيدي مختار أحمد سعيدي غير متواجد حالياً
كاتب مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الجزائر
المشاركات: 583

اوسمتي

إرسال رسالة عبر MSN إلى مختار أحمد سعيدي
افتراضي

ما معنى حامل؟!!، هذه ظاهرة لا تعرفها الأرواح مثلي، وزادت في قائمة حيرتي سؤال،
قلت في نفسي لعله مرض خطير جدا، أو حالة نفسية تمر بها المرأة في مرحلة من مراحل عمرها مثل المراهقة مثلا... لا، لا، لا، إبتسامة الرجل توحي أن الأمر أهون، يمكن أن يكون مجرد شعور ينتاب المرأة ساعة الفراق وسيزول...
أخذت ردة فعله الباردة والتي كانت تنتظرها بمجامع فكرها، عادت أدراجها كأنها ورقة تقذفها نسمة الصباح. أمام باب المحكمة، البواب رجل بشنب ثائر في العقد الخامس، يرتدي بذلته الرسمية، تذكرها دائما بتلك الكتب الصفراء التي لا يزال جدها مدمنا على قراءتها وهو يحمل تلك النظارات الدائرية الشكل، يشبه فيها عيني الكوبرا، فابتسمت من حيث لا تدري، إنها تعرفه على حقيقته، مشعوذ يدعي التحكم في الجن والإنس، لا يزال إماما في القرية المجاورة، يدين له الجميع بالولاء والطاعة، جاءتها فكرة فحذفتها وواصلت إبتسامتها، واعتقدها البواب تحية له، فردها بزهو الفائز بجائزة نوبل، فإذا كانت إبتسامته هو للغلبة والمقهورين والمغلوبين على أمرهم من ذهب، فكيف بابتسامة كاتبة ضبط جميلة له في قصر العدالة، فتنبهت لذلك، استعادت جديتها، فعاد مدحورا إلى منزلته يبتلع غصة تهوره...
وراء مكتبها كانت شيئا آخر، كانت وحشا يمزق بمخالبه كل قربانا تقدمه له عدالة البشر، كنت أرفرف حولها، ما صدقت أنها هي تلك المرأة الضائعة في متاهات البحث عن مخرج أمام أبواب كلها موصدة، وأفواه مفتوحة على كل التأويلات، وقفت فوق رأسها وهي تتصفح تلك الأوراق البيضاء التي سودها حبر المظالم وعصارات الحقوق المهضومة، فظيعة كانت آثار الأصابع الرهيبة التي تحرك دواليب هذه الأحكام الموجعة، مدنسة بالرشاوي والمحسوبية، الضعيف دائما هو الذي يدفع ثمن كل شيء، حروف من دم مهدور بغير حق، ودمع مغرر به، وعرق مغتصب، دخلت معها في فلك يدور خارج المجرة الحقيقية، آلمتني تلك الكلمات وهي تخرج تحت وطأة قلمها المستبد، تمارس كتابتها بغل وبنفس الصمت الذي ابتليت به، أرى في ضغطها على الورق اصرارا وعنادا يتحدى كل القيم ويهتك حرمة العقل والنقل، أقلام كالجبال وأحكام أحد من السيوف المهندة، وفهمت أخيرا لماذا كل الوجوه في هذا المكان مكفهرة، سوداء، رسم عليها سوط الجور والغبن تجاعيده، هنا تغتال البسمات وتنتهك الأعراض وتغتصب الحقوق، كل هذا باسم شيء يسميه البشر القانون، الشيء الوحيد الذي لم أفهمه لماذا يرتدي هؤلاء الجلادون اللباس الأسود؟ ...
نظرت إلى ساعتها، فتحت سفطها، تفقدت تسريحتها، مرت على وجهها ببعض اللمسات، لحظات بعدها رن الجرس، ردت بلطف، إنه القاضي ، تعطرت وذهبت، كان الرواق خاليا إنه منتصف النهار، أسرعت، دخلت، أغلقت الباب وراءها بإحكام، كان القاضي في سن أبيها...
وزاد استغرابي وضاقت على غربتي، أصبحت لا أعرفها، حرباء بشرية أو حية، عادت إلى مكتبها وواصلت عملها بنفس الوتيرة وبنفس الطريقة. توقفت عن الإستقبال لأنه كان في عينيها دمع... وقفت فوق المكتبة أنظر إليها وهي ترتب ملفاتها استعدادا للخروج... لقد انتهى الدوام...
...يتبع....
رد مع اقتباس