المركز الثاني فصيح عبدالسلام مصباح
زيـــــــارات
شعـــــر
عبـد الســلام مصبــاح
1-
كَانَتْ تَأْتِينِـي بَعْضَ مَسَاء
وَعَلَى شَفَتَيْهَا سَيْلُ رُؤَى
أَوْ طُوفَانُ قُبَل،
تَنْثُرُهَـا بَيْنَ يَديَّ
بَيَاضَ قَصِيدَة
مُتْرَعَةً
بِالْحَرْفِ الْمُثْقَـلِ بِالتَّمْرِ
وَبِالْجَمْرِ...
وَحِينَ يَسيلُ النَّبْضُ
جَداوِلَ شَوْقٍ
وَيُفَجِّرُ بُرْكاناً في جَسَديْنا
َترْْحَل
2-
كَانَتْ تَأْتِينِي فِي شَغَبِ الْيَقَظَـة
مُذْهِلَةً
فِي عَيْنَيْهَا أَلَقُ اْلَحْقلِ،
خَبَايَا الْغَابَاتِ
وَعُمْـقُ الْبَحْرِ...
وَتَجْلِسُ فِي أَبْهَاءِ الْحَرْفِ
وَتَسْكُـبُ حُلْماً
يَتَسَلَّلُ مِنْ قَافِيَةِ الأَرْضِ
وَيَجْتَاحُني
يَلْبَسُني
يَتَوَغَّلُ فِي زَمَني
(لاَ وَقْتَ لِلدَّهْشَةِ والصَّمْتِ)
فَأَشْهى ثَمْرَتَها الْعَذْراء...
وَحِينَ أَمُدُّ يَدِي كَيْ أَقْطِفَها
تَفْتَحُ نافِذَةً في الْحَرْفِ الْمَنْذُورِ
وَُتُغَافِلُنِي
تَخْطِفُ أَحْزَانَ الصَّدْرِ
وَتُشْعِلُ قِنْدِيلَ الْحُبِّ...
وَفِي طَرْفَةِ عَيْـنٍ
تَرْحَل.
3-كَانَتْ تَأْتِينـي فِي عِزِّ الْحُلْمِ
مُسَرْبَلَةً بِالنَّزَوَاتِ
وَبِالطَّيْشِ
وَبِالدِّفْءِ...
وَتُطْلِقُها في مَلَكُوتِ الْبَدْءِ
حُمُـولاً،
أَوْ تَمْنَحُهـا لِلّيْلٍ
صُكوكـاً للحُـبِّ
وَأَجْنٍحَـةً لِلبـوْحِ...
فَتُبَعْثِرُهَا
بَيْنَ الصَّمْتِ الْمُلْتَفِّ
هَمْساً
آهاً
أَوْ بَعْضَ غُبَارَ اللَّحْنِ...
وَتَرْحَل.
4-
كَانَتْ تَأْتِينِي قَبْلَ صَـلاَةِ الصُّبْحِ
مُهَفْهَفَـةً
تَجْلِسُ فِـي كَفِّـي
أَوْ بَيْـنَ جِرَاحِـي
تَسْبُلُ جَفْنَيْهَـا
وَتُلَمْلِمُ أَوْرَاقَ التُّوتِ
تَفُـكُّ إِزَارَ قَصِيدَة،
في غَفْلَـه
تَسْلـكُ دِرْباً بَيْنَ الأَحْـرُفِ
كَي تَرْوِي رَيْحان الْحَسَدِ المَكْسورِ
أَو تَغْزلَ مِنْ غَيْماتٍ مُثْقَلَةِ
بِاللَّحْنِ الْمَكْنُونِ
وَبِالزَّادِ
وَبِاَلفَرَحِ...
أَزْمِنَةً خَضْرَاءَ
تَسِكُنُهـا قَافِلَةَ الشُّعَرَاءِ
وَتَسْقيها مِنْ أَخْبَارَ الْعُشَّـاقِ
وَأَخْبـارِ َالزَّمَنِ الْمُتَاَلِّقِ
وَالزَّمَنِ الْمُوغِلِ
فِـي أَحْضَانِ الْغَيْمِ
وَبَيْنَ الْمَاءَيْنِ،
وَحِينَ يَمُسُّ النُّورُ الْوَاعِدُ دَاخِلِنَا
تَرْحَل.
5-
كَانَتْ تَأْتِينِي فِي غَيْرِ مَوَاعِدِهَا
تَرْكَـبُ مُهْـراً
تَتَنَاثَـرُ تَحْـتَ حَوَافِرِهَـا
سُنْبُلَـةُ الْحُـبِ
لِتُـورِقَ فِـي أَعْطَـافِ الْقَلْـبِ
تَوَاشِيـحَ
وَأَشْعَـاراً...
تَتَفَيَّأُهَـا النَّبَضَـاتُ الشـَّارِدَةُ
وَالنَّـوْرَسُ
وَالْحُلْـمُ...
وَحِيـنَ أَمِيـلُ إلِـَى عَيْنَيْهَـا
لأُِعَانِقَهَـا
وَأُبَـارِكُ فِعْلَتَهَـا
تُسْرِجُ خَيْـلَ الْبَـرْقِ
وَتَرْحَل.
__________________
|