يوسف و السّاحر و المدينة /بقلمي/الحلقة02
			 
			 
			
		
		
		
			
			*يوسف : سبق و أن أخبرتكما نحن لا نملك بيتا. 
*سامي : بلى تملك بيتا حتّى وإن كان كوخا ، فقد ترعرعت فيه ، هيا يا شقيّ لقد حان موعد نومك ،إلى الغد إن شاء الله. 
وتمضي الليلة ويحلّ الصباح بشروق شمس باهتة.... 
*سامي: هيا يا صغيري الوسيم لقد حان موعد الخروج، انزع عنك هذه الملابس البالية و البس هذا اللباس الجديد. 
و ابتسم يوسف و سعد بمظهره الأنيق. 
*يوسف متأهبا للخروج : وأين أخوك ؟ أنا لا أراه ! 
*سامي: هو بالسيارة ينتظرنا. 
و غادر يوسف المستشفى و سرعان ما ركب السيارة ، واتّجه الثلاثة مباشرة إلى الكوخ القديم ليجد يوسف جده قاسم طريح الفراش. 
*سامي (هامسا في أذن مصطفى) :تكاد الدموع تسقط من عيناي، كيف يعيش هذا الطفل برفقة جدّه في هذا الكوخ القديم ؟! و كلنا نعيش في ثراء، غريب أنّ مدينتنا أثرى مدينة و هذا الكوخ لا يزال بجانب الواد؟ 
*الجد وهو لا يكاد يتحرك و يتكلم بصعوبة : أراك تهمس يا ولدي في أذن أخيك، مستغربا وجود كوخي بهذه الأرض الغنية الفاحشة الثراء ، لقد عرضوا عليّ الكثير لأتركه لكنّي لا أستطيع الاستغناء عنه فهو قــــــــــصري و مدينتي و أهلي و وطني ، أين كتب الله لي العيش بقناعة و سعادة معانقا هذا الواد . 
 
*سامي مندهشا مقاطعا حديث الجدّ و مشتّت الفكر: وكيف عرفت أنه أخي وأنت لم تسأل بعد عن هويتنا 
و سمعت همسي و أنت لا تستطيع الحديث و الحراك ؟ 
*الجد بصوت ضعيف : أحيانا عند رؤية الوجوه لأوّل مرة تعرف باطنها الخفيّ إن خيرا أكثر فيها أو شرا،أمّا معرفتي الباقية فهي بصيرة القلب لا غير. 
*مصطفى : فماذا تُرَاكَ ترى فينا ؟ 
*الجد: دخلتما عليّ بالزاد وحفيدي بينكما محمرّ الوجه يلبس ثيابا جديدة ، وأرى الشفقة في ملامح وجهيكما والدمع يكاد يسيل من عينيكما، وقد أرعبكما مظهر الكوخ وحالتي المزرية، لا تخافا فقد جئتما في الوقت المناسب. 
*سامي مستغربا : في الوقت المناسب ماذا يعني هذا القول ؟! 
*الجدّ (وهو جاثم كالصخرة على فراشه البالي): أمانة وقعت بين أيديكما كانت ستنقذ هذه المدينة لو تجمّدت و لو لم تحملاها إلى المستشفى..... ، و لكن لم يفت الأوان بعدُ ، عليكما بعد عام و في نفس اليوم و الساعة التي أنقذتما فيها الأمانة أن تدعاها تموت العام المقبل لإنقاذ المدينة من هذا الواد. 
*سامي (هامسا في أذن أخيه ): أظنّ أنّ الجد سيموت فهو يهذي بكلام لا أكاد أفقه منه شيئا . 
*مصطفى : إنه لا يهذي، كيف عرف قصتنا دون أن نرويها له ؟ 
و بدأ الخوف يتغلغل في نفس سامي. 
*سامي مرّة ثانية ( وهو في أشد حالات الخوف والقلق ): اسمع يا أخي ، تعال نرجع إلى ديارنا. 
*مصطفى :ما بالك ترتجف يا أخي ؟ سنرجع للبيت لا تقلق . 
*الجد : ما بالكما يا أولادي ؟! 
*مصطفى : سلامتك يا جدي سلامتك ،نحن نفكر في أخذك معنا برفقة حفيدك لكي تعيش معنا. 
ولبضع ثوان يعمّ الصمت أرجاء الكوخ. 
*مصطفى: ما بالك يا جدي ؟! 
ولا يجيب الجد... 
*يوسف بصوت خافت حزين: لقد مات جدّي 
ويصرخ بأعلى صوته و يغمره بكاء شديد و هو يعانق جده ، و يا له من مشهد يقطّع القلب.
		 
		
		
		
		
		
		
		
		
			
			
			
			
				 
			
			
			
			
			
			
			
				
			
			
			
		 
	
	 |