.../...
رسُوخ الثقة في الله تعالى-أختي الكريمة الأصيلة قوافي-دليلٌ على صِحَّةِ اللباب في دين المَرْءِ...
وكلما كانَ المؤمنُ (( أوثقَ بما في يَدِ الله تعالى مما في يَدِهِ ))-كما وردَ في الحديث الصحيح-كانَ أفهَمَ من غيْرهِ لعقيدةِ ( القضاءِ والقدر )...
والثقة في الله تعالى ليْسَتْ غمغمة ًتلوكُها الأفواهُ هكذا على ما اتفقَ..وليستْ همهمة ًتثرثرُ بها الألسُنُ جُزافاً والقلبُ خَوَاءٌ من جلال الخِشيةِ وعظمةِ الإحساس برقابةِ المولى عز وجل والشعور الإيمانيِّ الدافق بمَعِيَّتِهِ سبحانه...
ومتى كانَ المَرْءُ مُنقاداً-في أقوالِهِ وأفعالِه-لله تعالى في ما استطاعَ وأتيحَ له من التزامٍ بالأوامر والنواهي كلما كانتِ الثقة في ربه ينبوعاً رقراقاً يتفجَّرُ بأنوار اليقين بين جوانحه...
بمعنى أن متانة الثقةِ في الله تعالى تتأتى ابتداءً من مَدَى ذلك الانقياد والخضوع والخشوع له سبحانه جَلَّ وعَلاَ..ولنا أن نعجَبَ من إنسانٍ يَزعُمُ الثقة في الله تعالى وهوَ لا يذكُرُ اللهَ تعالى أو يلتزمُ بأمْرهِ أو ينتهي عنْ نهْيِّهِ إلا لـَمَاماً..!!
وما أرَقـَّهُ وأروَعَهُ وأجلـَّهُ شعوراً وإحساساً خالِصاً حينَ يتلفتُ المؤمِنُ-والدنيا اللعوبُ اللغوبُ مضطرمة من حولِهِ-فما يستشعرُ إلا أن زمَامَ الأقدار يمضي على هُدَى المشيئةِ الربانيةِ العليا،ويَستحيلُ أن يقَعَ شيءٌ أو يَحْدُثُ بانفلاتِ ذلكَ الزمام...
إنه إحساسٌ يُلقي بأقباسٍ نورانيةٍ ساطعةٍ في قلبهِ المَوْصول فتستقرُّ نبضاتـُهُ على طمأنينةٍ وسَكينةٍ لا أولَ لهما ولا آخِرَ...
إذ مهما اكفهرَّتِ الأجواءُ واضطربتِ الأحداثُ وتقلبتِ الأحوالُ،فلنْ تبُتَّ فيها غيْرُ الإرادةِ الربانية : (( إنَّ اللهَ بالغٌ أمرَه قد جعَلَ اللهُ لكل شيءٍ قدْراً ))،(( واللهُ غالبٌ على أمْره ولكنَّ أكثرَ الناس لا يَعلمون ))...
وإذا تأملنا-أختي الكريمة-في مَسلكِ الأنبياءِ الكبار الذين تساوَقتْ أخبارُ ثِقتِهِمُ المتينة في الله تعالى-وقد كشفتِ النقولُ التي تكرمتِ بنقلِها لنا عن بعضِها-نجدُ أن القاسَمَ المشترَكَ بينهم جميعاً هو هذا :
ركونٌ يَقينيٌّ إلى الله تعالى والمَلاذِ بركنه المنيع الذي لا يُضامُ بعْدَ إيفاءِ ما عليهمْ من بَذْلٍ وتضحيةٍ وأداءٍ كاملٍ لمقتضياتِ الرسالةِ التي أنيطوا بها...
لقد نضحَتْ أقوالـُهُمْ وأفعالـُهُمْ ومواقفـُهُمْ جميعُها بأرقى صُوَر الثقةِ في الله تعالى والتوكل عليهِ،فلا غرْوَ أن نراهمْ ثابتين راسخين كالجبال الرواسي،مسترحينَ مُوقِنينَ إلى ما يتمخضُ عنه المستقبلُ من نتائجَ وعواقبَ مهما كانتْ مغانِمُها أو مغارمُها...
فما أحوَجنا-أختي-إلى الاغترافِ من سِيَر هؤلاءِ الكبار عَلَّ نفوسَنا التعوبة من وَعْثاءِ الدنيا ولفحِها اللاهبِ تستقِرُّ على نفحاتِ اليقين ونسَمَاتِ الثقةِ في ما عنده سبحانه جلَّ وعَلاَ...
ودمتِ-سيدتي-زهرة ًإيمانية وارفة في رواقنا الإسلاميِّ النضِر...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!
|