الموضوع: @كما تدين تدان@
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 16-03-2013, 12:53 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...لوْ أن أحداً-أختي الكريمة وهج الحرف-ألقـَى علينا السؤال التالي،طالباً منا أن نكونَ مَوْضوعيينَ ومُنصفينَ للحقيقة التاريخية والواقعية المجردة :

- هل عُومِلتِ المرأة المسلمة في العالم الإسلامي-على امتداد تاريخه-وفقَ تعاليم الإسلام التي جاء بهديِها الكتابُ الكريمُ وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم..؟؟؟

الجوابُ-على ما فيه من إحساس بالامتعاض والمرارة-سيكون :

ما نظن ذلك وقعَ إلا لـَمَاماً..!!

فباستثناء عصر النبوة الذهبي وعصر الخلافة الراشدة المُزهر،وباستثناء لواحق الأزمنة في عصور التابعين وتابعي التابعين إلى أواخر المائة السابعة تحديداً بدأتْ عصورُ الانحطاطِ تعمَلُ عَمَلـَها في أوصال الأمة المترامية التي غدَتْ كلأً مباحاً لمُحدَثاتِ الأمور وشيوع البدَع والخرافاتِ والأباطيل،واستيْقظتْ أوحالٌ فكرية خطيرة كان الإسلامُ قد دفنها-وإلى الأبد-مع ظلماتِ الجهل والجاهلية الأولى..

وشاعَ في الناس-تحت مُسمى الحفاظ على العادات والتقاليد-خلط شنيعٌ بين العبادات وتلك العادات..

وكان للفتاة والمرأة المسلمة نصيبٌ وافرٌ من تلك الأوحال التي سَعْتْ إلى سَحْقِها بين مطرقةِ الأعراف الجاهلة الباطلة وسندان الأمية المفروضة عليها وعلى حياتِها وآمالها...

والغريبُ أنه-وسَط هذه الدوامة الجهلاء-شاعتْ آراءٌ شاذة وأفكارٌ سقيمة مُعْوَجَّة تنادي-باسم الدين-على وأد المرأة المسلمة في مجالات التربية والتعليم وإبقائها رهينة المَحبسيْن،أو مركولة على الرف،لا رأيَ لها في اختيار صورة حياتها الزوجية والأسرية،حتى أن صيْحَة منكَرَة ً،تسامعتْ أصداؤها في بقاع واسعةٍ من العالميْن العربي والإسلامي تقولُ : ( الفتاة المسلمة لا تعرف من الدنيا في حياتِها إلا ثلاث خرَجَاتٍ : خروجها من بطن أمها إلى بيت أبيها،وخروجها من بيْتِ أبيها إلى بيْت زوجها-طواعية أو إكراهاً-وخروجها من بيت زوجها محمولة على الأعناق إلى قبرها..!! )...

قلتُ في نفسي : قبَّحَهُ الله تعالى من رأي سفيهٍ لا يَزيدُ إلا في تشويه صورة الإسلام أمام الدنيا..!! ولكأن شيوعَ هذا النوع من الآراء المُنكَرَةِ واحدة من بين أفكار وآراءٍ أخرى شاذةٍ هيَّأها أعداءُ الإسلام المتربصون به لِضَرْبِهِ في الصميم بيد أبنائه الجَهلة ضمن خطةٍ مقصودةٍ مدروسة منذ قرون الانحطاط..!!

إن امتهانَ المرأة المسلمة بهذا الشكل مأساة إسلامية وإنسانية دفعَ إتاوَتـَها المجتمعُ المسلمُ أثماناً باهضة في تخلفه وتراجعه العلمي والثقافي وفي عملية الشهود الحضاري الذي تشرفتْ به هذه الأمة العظيمة (( كنتم خيْرَ أمة أخرجتْ للناس... ))

والأكثرُ مأساة وإيلاَماً أن يتم هذا الامتهانُ باسم تعاليم الإسلام نفسِهِ..والإسلامُ منها بَرَاءٌ..!!

خذي هذا المثال السريع أختي الكريمة...

إلى وقتٍ قريبٍ كانَ حديثٌ نبويٌّ-موضوعٌ في متنه وسَندِهِ-منسوبٌ زوراً وبهتاناً إلى النبي صلى الله عليه وسلم،يطيرُ به الجهَلة في المجتمعات الإسلامية النائية،شرقاً وغرباً،فحْوَاهُ أنه عليه الصلاة والسلام قال : (( لا تـُعَلـِّمُوا النساءَ الكتابة،ولا تسكنوهن الغـُـرَفَ.. ))..!!!! أي : إذا كانَ البيْت مكوناً من طبقاتٍ لمْ يَجُزْ إسكانُ النساء في الطبقات العليا،حسْبُهُنَّ ظهْرُ الأرض أو تحتها إن أمكنَ..!!

والعجيبُ أن الحديثَ موجودٌ عند الحافظ الحاكم النيسابوري في ( مستدركه على الصحيحيْن )…!!!

ومعنى ذلك أن هذا الحديثَ الشاذ في متنه المتناقض تماماً مع قطعياتٍ أخرى في الكتاب والسنة الصحيحة ظل يَحُكُمُ المرأة المسلمة في أغلاله لأكثرَ من ألف عامٍ تقريباً..!!

ويَقيننا أن الإمامَ الحافظ-وهو مَنْ هُوَ في جلالة قدْره وعلمه ورسوخه وفهمه-أكبرُ من أن ينقلَ في مستدركه هذا اللغوَ المُنكَرَ،فضلاً عن أن يختلقَ له سَنداً واهيًّا،تنتهي سلسلته المبتورة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم،وإنما هو من عَمَل الوضَّاعينَ الورَّاقين القصَّاصين الذين انتشروا في جسم الأمة كالهشيم غداة عصور الضعف والانحطاط،وهذا ما كشف عنه علماؤنا المُحَدِّثون الثقات..

وتطبيقاً لهذا الحديث المكذوب لمْ تـُفتـَحْ مدرسَة ٌواحدة لتعليم البنات في قريةٍ أو مدينةٍ خلال مئات السنين وأصبَح تثقيف النساءِ من الفضول،بل من المناكر المحظورة في بعض البيئات..!!

وهناك أمثلة وأمثلة كثيرة عن هذا العَوَج الفكري والعلمي الذي أصابَ المرأة المسلمة في مَقتل أو كادَ..!!

أما أصداءُ القصة الأسيفة التي نقلتِ لنا جانباً من مأساتها،هي-أختي الكريمة-جائحة أخرى تنضافُ إلى الجوائح التي وأدتِ البنتَ في مجتمعنا وأداً صامتاً وبطيئاً...

إنها مأساة البنت التي انفتحَ قلبُها الأبيضُ البريئُ وانفتحتْ مشاعرُها البعيدة-كأيِّ إنسانةٍ قبل كوْنِها بنتاً يافعة ً-على آمال وأماني وأمنياتٍ مشروعةٍـتترصَّدُ بها حبيبَ المستقبل الذي سيغدو زوجاً..وتترصدُ عُشَّ المستقبل الذي سيغدو بيْتاً صغيراً عامراً بدفئ الأسرةِ والأولاد ومغالبة الحياة بالكدح وتحصيل الرزق واستعذاب الإلفة وأعباق الحب الحقيقي...

إنها كأي بنتٍ..لها الحق في رَصْدِ الأحلام داخل مملكتها الخاصة..ومن حقها الطبيعي والمشروع أن ترسمَ لها-بين عاطفتها كأنثى وعقلها الواعي كامرأةٍ جادةٍ-ملامحَ الحياة الزوجية التي تأملها في لاحق أيامها..

وماذا يُضيرُ لو راحتْ ترسمُ خطوطاً عريضة لتلك الملامح وكاشفتْ والدتها بذلك...؟؟

ألمْ يَردْ في الأثر الصحيح أن (( البنتَ سِرَّ أمها ))..؟؟

ثم ماذا يُضيرُ الأبُ المسلم العاقلُ الواعي الفاهم العارف بعدَ أن تتناهى إلى سمعه-عن طريق زوجته أمِّ ابنته-بعضاً من تلك الأماني وتلك الملامح وتلك الأحلام التي تأملها في حياتها المستقبلية كزوجةٍ..؟؟

ماذا يُضيرُ-يا تـُرَى-أن يسمَعَ أنَّ ابنته الصبية البالغة العاقلة-وهي في سن التأهيل والزواج-همستْ في صوتٍ خافتٍ لأمها أنها تودُّ أنْ لو يكونَ بينها وبينَ زوجها المستقبلي تكافؤاً بالتقارب في السِّنِّ ونمط التفكير وتوافق النظرة في مبادئ الحياة الزوجية بشكل عام..؟؟

ما الذي تقترفه البنتُ من جريمةٍ إذا تناهى إلى سمْع والدها المحترم أنها هكذا تفكر في مواصفاتِ زوجها المستقبلي وهكذا هي قناعتها فيه وفي العيش معه تحت سقفٍ واحدٍ..؟؟

هل اقترفتْ معصية وارتكبتْ كبيرة وغدتْ مُدانة ًوتستأهلُ أن يُنزَلَ بها ألواناً من العقوبة وصنوفاً من الحرمان..؟؟؟!!!

أيكونُ الردُّ من هؤلاء الآباء الجهلة-عفا الله عنهم وغفرَ لنا ولهم-تسبيقاً لاحتمال أن تفكرَ بناتـُهم في مثل هذه الأفكار ( الخطيرة والمُحرَّمة ) بالزجِّ بهنَّ وراء ستار حديديٍّ ذي سبعة أقفال وأقفال حيثُ يفترسهنَّ الجهلُ والتعقيدُ والحرمانُ وحيث يلتهمهنَّ التشنجُ والاحتقانُ واليأسُ ونوازعُ الثأر والانتقام..؟؟؟

وهَبْ أن هناكَ بصيصٌ من أمَل وانفراج..أيكونُ الحَلُّ الناجعُ في ذهن هذا الأب المريض هو أن يسعى إلى أقفال تلك السدود الحديدية فيفتحُها ليأخذ بيد ابنته يقودُها في صمتٍ كما يُقودُ أحدُنا نعجة مذعورة أو شاة مسكينة إلى المذبح والمَسلخ،في غير إرادةٍ منها أو مشورة ليُسلمها إلى شيخٍ عجوز فانٍ هَرمٍ،وهَنَ العظم منه واشتعلَ الرأسُ شيباً وغارتْ ملامحُ الحياة من هيْكله المتهالِك،بحيث لم يَبقَ بينه وبين القبر إلا سنتمتراتٍ معدودةٍ..وبكل برودة أعصابٍ يبادرُ الفتاة المسكينة : إليكِ زوجُكِ الحلال البلال يا عزيزتي..!!!

باسم الإسلام..وباسم الزيجة الحلال وعقد النكاح الحلال..وباسم المباح منه بواحدة ومثنى وثلاث ورباع-هكذا دون مراعاة للموازنة بين المصالح والمفاسد-يجبُ على فتاةٍ يافعةٍ صغيرةٍ أن تقبلَ عن يَدٍ وهي صاغرة بزوجٍ يماثلُ أباهَا عُمْراً أو جَدَّهَا أو جَدَّ جَدِّها..؟؟!!

هل وجدنا في تاريخ الأديان والشرائع والعقائد الجادة مهازلَ ومساخرَ تضارعُ هذه المهازل والمساخر التي تنتشرُ في بعض مجتمعاتنا الإسلامية باسم الإسلام وتحت رايته..؟؟؟!!!

أين هذه المهازل المتسفلة من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن-وهو يخاطبُ الرجالَ الذين فاتهم قطار الشباب والكهولة وهاهم يطرقون الشيخوخة الوقورة في أيامها المعدودة-(( إياكم والشبابَ..إياكم والشبابَ..إياكم والشبابَ..!! )) فقالوا : (( وما الشبابُ يا رسول الله..؟؟!! ))،قال : (( النارُ تندلع والماء ينقطع ))..؟؟!!!

أين نحن من قوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا جاءكم الأكْفـَاءُ فزوجوهنَّ ولا تتربصوا بهن الأحْدَثيْن : الليلَ والنهارَ ))..؟؟ !! فأينَ يا ترى أهلية الكفاءة-الجسدية والعاطفية-بين فتاةٍ شابةٍ يافعةٍ وعجوزٍ فنيَ وهو حَيٌّ..؟؟!!

أينَ نحن من حديث أبي سعيد الخدري رضيَ الله عنه : (( لا تزوجوهن-أو تنكحوهن-إلا برضاهن ))..؟؟!!

لذا-أختي الكريمة-فإن بزوغ أية سلبياتٍ وسط هذا العوَج الفطري والإنساني أمرٌ لا يُستغرب..!!

والأخطاءُ ستترادفُ تِبَاعاً كردودِ أفعالٍ لبعضِها..!!

فالفتاة لما هربتْ من أتون تلك الزيجة المرعبة إلى حِمَى ( حبيب القلب ) الشاب الجميل اليافع البوي فرند.. !! كانتْ تدْرأ خطأ بخطأ أشنع آخر..!!

ولا يَعْدلُ هنا جريمة تزويجها من العجوز الفاني المتهالِكِ إلا جريمة استغلال ذلك الذئب الأغبر لظرفها القاسي،فيقومُ بالإجهاز على بقايَا إنسانيتها باسم الحب ووروده الحمراء وأمانيه الشبابية العسلاء..!!

إنه ذلك الحب الشبابي الذي يُشبه الأفيُونَ في محلول الإكسير..!!

ومَنْ منا لا يَعرفُ مُحترفي الهمس والوشوشات الحالمة-من الشباب-باسم الرومانسية وباسم اللوعة وباسم السهر والسمر...؟؟!! حتى إذا تم اقتراب الضحية المُخدَّرة تحت ضغط ظرفها القاسي راحَ هذا الحاوي الهندي يبعثُ ألحانَ الفخ على شكل مشنقةٍ من حرير،يلفها بسحر ودلال على رقبتها..!! ومن حيث دَرتْ أو لم تدْر تستيقظ بعد سُكْرة الحب السرابي على خِزيًّ و شنار وضيَاع ولعنةٍ جسديةٍ ووجدانيةٍ تطاردها العُمُرُ كله..!!

مَخْلـَصُ الكلام-أختي الكريمة-هو:

ألاَ قاتلَ اللهُ أعرافـَنا البالية التي وأدتِ المرأة وأداً خفيًّا لا طعمَ له ولا لونَ ولا حِسَّ..وكان اللهُ في عون بناتنا المسكينات وما يَحيقُ بهن...

والأملُ الوحيدُ معقودٌ في جيل مسلم واعٍ صاعدٍ،يُعيدُ للإسلام رونقـَهُ الحقيقي،فترتفعُ المرأة فيه للأوج،وتعود سيرتـَها الأولى،بعيداً عن الإفراط والتفريط..وبعيداً عن التنطع والتسيب..وبعيداً عن (( تحريفَ الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين ))...

وبوركَ فيكِ أولاً وأخيراً...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 17-03-2013 الساعة 12:39 AM
رد مع اقتباس