عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 31-12-2012, 03:41 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...الشكرُ موْصولٌ لكَ-أخي الكريم طارق-أن أفردْتني في كتابتكَ تخصيصاً بالاسم والمخاطبة..فشرَفٌ لي ولشخصي أن تفعلَ ذلكَ وإنْ كنتُ أرى أنَّ الأفضلَ والأفيَدَ لو كانَتِ الكتابة هنا لعموم الأعضاءِ القرَّاء الكِرام لأن الموضوعَ الذي يَدورُ حوله النقاشُ لا يَعني فقط يَزيد فاضلي،ولا هي مسألة شخصية تخصُّ شخصَ يزيد فاضلي،وإنما هو موْضوعٌ يَعني كلَّ إنسان مسلمٍ ينشُدُ الحَقَّ ويَبغي الهُدَى والرشادَ في دينه كما أمرَ اللهُ ورسولهُ،ويُهمني أن يتحولَ النقاشُ إلى مائدةٍ مستديرةٍ من الحوار الهادف بين الأعضاءِ جميعاً،يُدلي كُلٌّ برأيه وعلمه وبالتالي تعُمُّ الفائدة و يَكثُرُ الخير..

على أي حالٍ بوركَ فيكَ-سيدي الكريم-على هذه الحَظوةِ التي أعتز بها،فجزاكَ الله خيراً...

أما بخصوص ما استجدَّ في كتابتِكَ الكريمة،فها أنا أقولُ للمرة الثانية-أخي الكريم-أنكَ لحد الآن تـُصِرُّ على أن تـُديرَ دفة النقاش بعيداً عن مَسار الأسئلة الدقيقة المباشرة التي كنتُ أوَدُّ لو أجبتني عنها أولاً عن حقيقة ( علم الروْحانيات ) وأصله وفصله وجذوره وخصائصه ومنهجه العِلمي من الناحية الشرعية والأكاديمية على افتراض أنه عِلمٌ وله أصولٌ وفصولٌ وجذورٌ وخصائصُ ومنهجٌ عِلمي قارٌّ،لأنني-سيدي الكريم-أرى أن الإجابة والمناقشة في هذه المسألة الجوهرية هو ما سيَحْسِمُ الأمرَ في أي مناقشةٍ فرعيةٍ أخرى تترتبُ عن هذا الأصل...

للمرة الرابعة والخامسة أقولُ سيدي الكريم : نتناقشُ أولاً في هذه المسألة الأساس..نقتلها بَحثاً ورسوخاً كما تعودنا دائماً في دراساتنا الأكاديمية أن نعاملَ القضايا النقلية أو العقلية بالبحث والتحليل والاستقراء والاستنتاج من جذورها وأسسِها الأولية حتى إذا ما انتهينا منها رُحنا في إدارة البحث على أيِّ فرْعٍ من فروعها الجانبية وأغصانها التي ترتبتْ عن الجذع الأساس..ألمْ يقلْ علماؤنا-وهم يضعون لنا قواعدَ المنهج في البحث-(( الحُكْمُ على الشيءِ فرْعٌ عن تصوُّرِهِ ))...؟؟

لابدَّ من أن يكونَ التصوُّرُ في الذهن واضحاً جليًّا أولاً ثم بناءً على وضوحِه وجلائه تأتي أحكامُنا النهائية ثانيًّا...

وَإذا كان إدراكُ الحقيقة على ما هي عليه في الواقع عِلماً-كما يقول علماؤنا-فإن المنهجَ المتخذ إلى ذلكَ الإدراك ينبغي-بلا ريْبٍ-أن يكونَ هو الآخرُ عِلماً،أيْ ينبغي أن لا تكونَ خطواتُ هذا المنهج في حقيقته إلا مجموعة إدراكاتٍ صادقة من شأنها أن تكشِفَ الغطاءَ وتميط اللثامَ عن الحقيقة المبحوثِ فيها...

ذلكَ لأن العِلمَ-سيدي-كما يَعلمُ مَنْ عنده أدنى دِرايةٍ بأصول المنهج في البحث لا يتولدُ إلا عن عِلمٍ مثلِه،وما كان للظن أن يَصلحَ سبيلاً إلى العلم بحال،وإلا لأمكنَ لمقدمتيْن ظنيتيْن أن تأتيا بنتيجةٍ يَقينية وهو من أجلـَـى صُوَر المُحالاتِ..!!!

من هنا،كان على كل باحثٍ عن حقيقةِ معينةٍ أن يَخط إليها منهجاً علميًّا،ينطلق بالبحث والتحليل والاستقراء في أصولها وجذورها،لا يشوبُهُ حَدَسٌ غامضٌ أو تخمينٌ واهِمٌ،وأن يلتزمَ هذا المنهجَ في كامل مراحل البحث لا يَنحرفُ عنه يَمْنة ًولا يَسْرَة...

فعبثاً-سيدي-نحاولُ الوصولَ إلى وفاقٍ مًّا في الموضوع الذي نتناقشُ فيه وكلانا يقفزُ من نقطةٍ فرعيةٍ إلى أخرى في غير الوقوف-بالمناقشة-على النقطة الأصلية الأساسية...

معَ هذا-سيدي-سأتجاوزُ معكَ مُرْغماً هذه النقطة المبدئية في بحثنا إلى التعريج بشيءٍ من التعليق على مجموع الأذكار والأدعية التي أوردتـَها في كتابتِكَ الأخيرة هذه والتي كشفتَ فيها لنا-مشكوراً-أنها مَظنة ( الأسرار الخفية ) في علاج تلك الأمراض العضوية والنفسية التي وُفـِّقتَ إلى علاجها...

الأدعية والأذكار التي أوردتـَها هنا،هي في عمومها واردة-بصورةٍ أو بأخرى-عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسانيد ومتون تتراوَحُ بين الصِّحَّةِ والتحسين والضعف المُقـَوَّى كما يقولُ علماءُ الجرح والتعديل...

وليسَ تعليقي الآن سيَدورُ في الوقوف على ما قال علماء الدراية والرواية في سَندِ ومَتْن هذه الأذكار والأدعية-وفي مقدمتهم تخريجاتُ مُحدِّثِ العصر العلامة الكبير الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى وغيْرهُ من علمائنا المُحدِّثين-فلربما عُدتُ عودة سريعة إليها،وإنما الذي أحب أن أقفَ عليه-كمسلمٍ باحثٍ-هو على التساؤلات الآتية التي تفرضُ نفسَها بإلحاحٍ وقوة :

أولاً..أشرتَ-أخي الكريم-أنك أعددتَ هذه الأدعية لنفسِكَ منذ 1998 للميلاد،وهذا الإعدادُ في حد ذاته شيءٌ طيب،ويُمكنُ لأي مسلمٍ يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله أن يجمعَ رزنامةً من أدعية شرعية مأثورة يتخذها كـ ( كحِصْنٍ ) له..

لا بأسَ في هذا ولا ضيْرَ..وهو فضلٌ من الله تعالى يستحق مني ومنكَ ومن كل المسلمين دوامَ الشكر...

لكن السؤال عندي هنا حول قولكَ : (( ...وقد اعددتها لنفسي ومنذ سنة 1998 وكانت لي حصنا من مصائب الدنيا وفيها اسرار عجيبه ومباركه وخاصه عند ذكرها يوميا وقبل المنام فارجوا حفظها او كتابتها وذكرها... )) هل-وأنتَ تترجانا أن نحفظها ونكتبها ونذكرها ذكراً يوميا وقبل المنام..هل رجاؤُكَ هذا وافقَ أمرَ صاحب الرسالة الخاتمة الصادقَ المعصوم سيدِنا رسول الله محمدٍ صلواتُ ربي وسلامه عليه أم لاَ..؟؟

فإنْ كنتَ-أخي الكريم-تسَوِّقُ دعوةً ودعاية ًلسنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ولأوامره الجليلة ووصاياه الربانية،فعلى العيْن والرأس،وسمعاً وطاعة ًلله ولرسوله وجوزيتَ ألفَ خيْر على فضل الدعوةِ ونشْر سنةِ الحبيب عليه الصلاة والسلام فإن (( الدالَّ على الخيْر كفاعله ))..أما إن كانَ الرجاءُ والأمر بتلاوتها كأورادٍ صباحيةٍ أو مسائيةٍ وفقَ رأيكَ الخاص ووفقَ وجهةِ نظركَ الخاصة ووفق تجربتِكَ الذاتية،فإننا نقول-سيدي الكريم-في ثقةٍ وعِلمٍ وهدوءٍ ووضوحٍ وصراحةٍ وراحةٍ : كــلاَ سيدي وألفُ كــلاَّ..فإن في ما وصلَ إلينا من أذكار الصباح والضحى والزوال والغروب والغسق وفي الأسحار وأذكار الاستيقاظ والمنام والاضطجاع وأذكار الطعام والشراب والركوب والخروج والدخول والقيام والقعود..الخ..الخ..) الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم-وهي موجودةٌ ولله الحمد في بطون الأمهات المتداوَلة بين المسلمين جميعاً-تغنينا وتكفينا مؤونة أن يظهرَ في آخر الزمان مَنْ يَخترعُ لنا طقوساً ومراسيمَ أخرى للأذكار والأدعية،زاعماً أنه اكتشفَ في مراسيمه الجديدة وطقوسه أسراراً عجيبة جديدة،كأنما-نستغفر اللهَ-فاتتْ محمداً صلى الله عليه وسلم أو نسِيَ أن يُبلغَ بها أمته من بعْدِهِ..!!!

إن كانتْ هذه الأوامر من بناتِ أفكاركَ ومن اجتهاداتك الخاصة فهي-سيدي الكريم-أذكارُكَ أنتَ وطقوسُكَ الخاصة بكَ أنتَ،وليسَ لكَ-مهما كانتْ نيتك حسنة-أن تلزمَ الآخرين بها أو تتجرأ أن تحددَ لها توقيتاً معيناً هو من تحديدكَ وتوقيتِكَ أنتَ لا غيْر..فإنه-سيدي-لا كرامة لأمر أو نهيٍ أو إلزامٍ بعدَ أمر الله ورسوله،وسواءٌ نفذَ الآخرون أو لم ينفذوا ما رجوتَهم به،فواللهِ لن يُقدمَ ذلكَ شيئاً أو يُؤخرن أو ينفع أو يَضُرَّ أو يزيدَ في أجرهم ويُثقلَ موازينهم،بل على العكس،ستتحملُ معهم وزرَ هذه الزيادة في البدعة،لأنه لا ابتداعَ في ( العباداتِ ) مطلقاً ولا اجتهادَ فيها بالزيادة أو النقصان أبداً كما أجمع بذلك علماؤنا كلـُّهُمْ حتى ولو كان بقصد الفائدة ونية الخير..ولي أن أذكركَ بقول علمائنا : (( اقتصادٌ في سُنةٍ خيْرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ )) وبقول عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه : (( كمْ من مُريدٍ للخيْر لمْ يُصبْهُ ))،وتأملْ معي-أخي الكريم-هذه القصة المتواترة عن إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله ورضيَ عنه :

جاءَ رجلٌ يسأله عن مواضع إحرام أهل المدينة في الحج والعُمرة..فقال مالكٌ : تـُحْرمُ من ( ذي الحُليْفة )-مكان خارج المدينة المنورة في اتجاه مكة المكرمة وهو ميقاتُ إحرام أهل المدينة- حيثُ أحرمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم،فقال الرجل : إني أريدُ أن أحْرِمَ من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لتتسع المسافة وأجدُ في ذلكَ أجراً كثيراً..فقال مالكٌ : احذرْ يا رجلُ..إنها لفتنة.. !! فاستغربَ الرجل وقال : وأية فتنةٍ يا أبا عبد اللهِ،إنما هي أميالٌ أتزيَّدُها أبتغي فيها أجراً..؟؟ !! فرد مالكٌ رحمه الله : (( الفتنة أن تعملَ عَمَلاً ترى أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد قصَّرَ فيه،ألمْ تسمعْ قوله تعالى : (( فليحْذر الذين يُخالفون عن أمره أن تصيبَهم فتنة أو يُصيبَهم عذابٌ أليمٌ )).. ))...

فانظر-سيدي الكريم-بالله عليكَ وتأمل معي..مالفرق بين أوامركَ للناس وإلزامهم بتلكَ الأذكار الصباحية أو المسائية وقبل النوم وبينَ ما وقرَ في قلب الرجل الطيب الذي جاء يسألُ الإمامَ مالك..؟؟ !! إن كليْكما له نية حسَنة ومَقصِدٌ خيِّرٌ من اجتهاده،ولكن لما كانَ الاجتهادُ في عبادةٍ من العباداتِ التي حَسَمَ فيها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في سنته العَملية،فلا كرامة لرأي أو زيادةٍ جاءَ بها إنسانٌ مهما زعَمَ بورعه وعلمه ونباهته وثقافته وكماله أنه من الواصلين الكبار..

معروفٌ-سيدي الكريم-عند علماء الأصول أن ( العبادات ) لا تخضعُ أبداً تحت أي ظرفٍ لاجتهاد الزيادة أو النقصان..ومعروفٌ أن الأذكار والأدعية الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جملة العبادات التي ترتبط بالعقيدة،على عكس ( المعاملات ) التي فيها شيءٌ من سَعَةِ العفو...

أما إن كنتَ تقصد أن تلك الأوامر والالتزاماتِ مرهونة بأمر الله ورسوله،فإذن كان المفروض أن تقولَ لنا : أيها المسلمون التزموا بها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا..اقرؤوها في الصباح والمساء وقبل النوم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديثه الصحيح الذي رواه الإمام كذا عن الصحابي الجليل كذا في كتاب كذا صفحة كذا أنه قال كذا وكذا وكذا...

دائماً تعزو الأوامرَ والنواهي والالتزامات لله ولرسوله فقط فقط فقط،وما أنتَ وأنا وكل الأمة إلا مبلغون عن الله ورسوله لا أكثرَ ولا أقل...

أما أن تقولَ : يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم..جمعتُ لنفسي أذكاراً معينة وأدعية خاصة..جمعتها من هنا وهناك على ما اتفقَ من الجمْع والترتيب..وقد جربتُ أنا ورأيتُ أنا أن فيها أسراراً وعجائبَ الدهر،فالتزموا بها في الصباح أو المساء أو الليل أو المنام..واقرؤا هذا الورد خمسَ مرات..ورددوا تلك الكلمة عشر مرات...واذكروا هاتيكم الكلمة مائة مرة...( !!!!! )..

فاسمَحْ لي-سيدي-أن أقولَ لكَ وأنا ابتسم وشر البلية ما يُضحِكُ : أنا أيضاً سأجيءُ من بعدكَ وأخترع طقوساً أخرى وأوراداً أخرى ومن حقي الديموقراطي أن أخترعَ وأضيفَ وأنقص،وما المانع..؟؟!! وغيرُنا سيقول ثائراً : إيشْ معنى انتم الذين تزيدون وتنقِصون،نحن أيضاً سندخل سباق المنافسة..؟؟!! ما الذي يمنع أن نفتحَ مزادَ الاختراع والابتكار لكل مَنْ هبَّ ودبَّ ما دام الأمرُ ممكناً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟؟!!!

هل رأيتَ-أخي الكريم-ما سيجري من فوضـَى وانحرافٍ وفسَادٍ..؟؟!!! وهل لكَ أن تتصورَ مآلَََََ الدين وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لو انفلتَ الأمرُ وصارَ كلٌّ يَزيدُ في السنن ويُنقصُ كما يحلو له هواه وكما تمليه عليه بشريتـُه الضعيفة القاصرة...؟؟؟ وسيقول الكُلُّ إنما نفعلُ ذلكَ باسم ( أسرار الدين وخفاياه ) وباسم ( أن اللهَ يُعطي للبعض فتوحاتٍ ربانية لا نظيرَ لها أو حدوداً ) وباسم ( أن الدينَ بَحْرٌ واسعٌ وفيه من الأسرار المُغلقة ما لا يجرؤ أحدٌ أن يَفتحها إلاَّنا ) وباسم ( الزار..وزرزار...وعِمَار..وعنزار..وعشتروت..وبهموت..وشمهروش..وفرش وعرش وقاف...وبحر الظلمات...وشاق واق وبُهاق وبهماق..وبشماق..وطرشاق..!!!!! ) وباسم ( أن الإسلامَ فيه من مغاليق العلم ما لا يفتحه إلا أولئكَ الذين يتنفسون بالبواخير ويُقيمون الليلَ على التمائم والأحجبة ويملؤون بطونهم من أضاحي وقرابين كحلان ملك الجان...!!!!! عَلِمَ ذلك مَنْ علمَه وجهِلَ ذلكَ مَنْ جهله-تأمَّـــلْ-!!!!!!!!! )وباسم..وباسم....حتى لقد بلغ من بعضم،ممن يضعون على رؤوسهم طاقية مشوَّشة،ويُطلقون لِحاهم المنكُوشة،ويَحملون في معاصمهم مسابيح البركة والارتقاء وفي أياديهم عصاً طويلة حين تثبَتُ المَشْيَخة لأحدهم..بلغ من تضخمهِ في حِسِّ المُريد أن يكونَ واسطة بين العبد وربه،فإذا ما سألته عن سِرِّها قال لكَ بمِلءِ شِدقيْهِ وفواغر لوْزتيْهِ : (( ألاَ تعلم يا بني..أننا خضنا بحراً وقفَ الأنبياءُ على ساحله..؟؟؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! ))...

بالله عليكَ-أخي-وسط هذه الخلبطة الشرعية والفوضى العقائدية الجهلاء العارمة،أين يا ترى موقع السنة والسيرة النبوية الصحيحة كما تعلمناها منذ نعومة أظفارنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم..؟؟؟!!!!!!!

أهذا هو الإسلام العالمي الذي أمِرْنا بعرضهِ على باقي أمم الأرض لإخراجهم من ظلماتِ الجهل إلى أنوار المعرفة..ومن سَفه العقول إلى رَشادِ الأفكار..ومن أتون الأميةِ والضحالة إلى سوامق التثقيف والعلم والتنوير الحقيقي...؟؟؟!!!!!

أبمثل هذا النمط من التفكير كانت قادسية سَعْدٍ ويرموكُ أبي عبيدة وخالدٍ..حطين صلاح الدين..وقسطنطينية محمد الفاتح...وزلاقة يوسف بن تاشفين..وكانتْ فواتحُ جابر وابن الهيثم وابن البيْطار وابن النفيس وثابت بن قرة والبحارة العربي العُماني الظفاري أحمد بن ماجدٍ رحمه الله الذي لم يَعرفْ فاسكو ديغاما الإسباني مسَاراً لرأس الرجاء الصالح حيث اكتشاف الطريق الجديد المُوصِل للهند لولاَ إسقاطاته العلمية المِلاحية العجيبة التي دوَّختِ العالمَ أنذاك...؟؟؟!!!!!!

إني أتساءلُ في غرابةٍ وذهول عن هذا الفارق الرهيب بين نمط التفكير عند مسلمي الأمس واليوم...!!!!

ثم انظر إلى قولكَ أخي : (( ... حيث يحدد. لها يوم. معين ووقت. من ذلك أليوم وبعد ألصلاة وترا. تذكر هذه ألأذكارات. فيما أذا كان أمراض ألسكر أو ألقلب أوغيرها يتم مسك رأس ألمريض بكف. أليد أليمنى مع قرأة سورة. ألفاتحه مره واحدة وألصلاة على ألنبي(ص)ومن ثم قرأة أية ألكرسي سبع مرات. وألشفأ من ألله. حيث إن ألمريض يرى روؤيه في ألمنام. وسبحان ألله يشفى على أثرها ويشترط عند ما يرى ألرؤيا أن يزرع سبع شتلات لوجه إلله. يقرأ عند زراعة كل شتله ألفاتحه ويصلي على ألنبي(ص)... ))...

أقولُ-أخي الكريم-واثقاً : إن أذكارَنا وأورادَنا التي ورثناها بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تلزمنا أن نزرع شتلة أو فسيلة أو بصلاً أو جرجيراً أو خسًّا أو برسيماً...وعباداتنا لا تؤخذ بالرؤى والمنام..فديننا-قرآنا وسنة-في أوامره ونواهيه جاءتْ في اليقظة وفي وضح النهار،والأمر والنهي بالرؤيا انقطعَ بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن (( رؤيا الأنبياء وحيٌ ))،وليسَ لإنسان بعدَ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام بعد أن يملأ بطنه بالطعام،وبسبب البطنة يَرى خزعبلاتٍ وأضغاثَ أحلامٍ،ثم بعدَ غطيطٍ وشخير ونومٍ ثقيل يستيقظ ليُنفذ-باسم الإسلام وشرائعه-أوامرَ آتية من مناماته وخزعبلاته...

وليسَ لأحد أبداً أن يُحددَ من تلقاء نفسه أن يُلزمَ مريضاً بأوامر أو نواهي في رؤيا يراها أبداً...؟؟ مَنْ قال بهذه الترَّهَاتِ من الأولين والآخرين..؟؟ !! بلْ مَنْ قالَ قبل هذا وذاكَ إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أعطى هذه الأعطية لبعض الناس بأعيانهم بحيثُ يُلزمون مرضاهم بأن يرَوا في مناماتهم كذا بشرط أن يزرَعَ سبْعَ شتلاتٍ أو سبعَ بصلاتٍ أو فلفلاتٍ أو زهرات أو خشاشات...؟؟؟!!!

هذا الكلام عن الالتزامات المنامية واللهِ-أخي الكريم-لا نقبلها من أرباب الزهادة والتهجد وأكابر علمائنا الثقاتِ المشهورين بالتجرد والورع وقيام الليل ومجاهدة النفس،المشهودِ لهم بالعِلمِ الغزير الواسع الراسخ كابن عطاء الله السكندري ومالك بن دينار ومعروف البُلخي والسري السقطي وعبد الله بن المبارك وعبد القادر الجَيْلاني و الإمام جعفر الصادق وسفيان الثوري والحارث المحاسبي وحاتم الأصم..وغيرهم..وغيرهم......أقول واثقاً : واللهِ..واللهِ لن نقبَلهَا لو صَدَرتْ عنهم،وسنردها بقوةٍ ولا كرامَه..فكيفَ نقبلها بعد ذلك من ذراري وعِيال وغلمان هذه الأيام..؟؟!!!
ْ
لو قال لي الإمامُ الأعظم أبو حنيفة النعمان بن ثابت-وهومَنْ هو في ورعه وتقواه وعلمه وفقهه وأمانته-: سترى في منامكَ كذا وكذا وعليك بناء عليه أن تصنع كذا وكذا..واللهِ لو قال لي ذلكَ لأنكرتُ عليه ولرددتُ الأمرَ على وجهه-مع كوني صغيراً صغيراً أمام حياته العامرة وجهاده وعلمه ومآثره الكبيرة-فلن يمنعني الحياءُ أبداً من أن أقولَ له : هذا رأيكَ يا إمام..ولن تلزمَ به إلا نفسَكَ..وثقتي البسيطة أني لن أدخلَ النارَ إن خالفتُ ولا سيُنقِصُ من ديني إن رفضتُ أو يسألني الله تعالى لمَ لم تنفذ ما طلبَ مني أبداً..؟؟...إذا كانَ هذا هو موقفنا المبدئي الذي سنتخذه بحزمٍ وحسمٍ مع أعلامنا الكبار لو ورَدَ منهم ذلكَ فكيف والأمرُ يأتي من بعض الغلمان في هذه الأيام ممن لا تأمنهم أن يقرؤوا لكَ آية قرآنية قراءة صحيحة فضلاً عن أن يُفسروها التفسير العلمي الصحيح المأثور..؟؟

إنها واللهِ مساخر ومهازل..وإنه واللهِ سرطانٌ فكري ومأساة علمية وشرعية تستشري في أوصال هذه الأمة المريضة البائسة المتخلفة المسكينة...

وبدَلَ أن نتحدثَ عن الجهاد العلمي الطبي السليم الصحيح الذي تفتقر إليه هذه الأمة في طب الجراحة والتكنولوجيا البيولوجية وكيف السبيل إلى دفع الأبحاث العلمية الجادة إلى صدارة التمكين والريادة الحقيقية،نلجأ نحن إلى وسيلة المناماتِ لشفاء مرضى السكري والقلب وتليف الكبد وأمراض الغدد..؟؟؟

هلْ لكَ-أخي الكريم-أن تتصور معي أنني أنا وأنتَ في قلب مركز علمي للأبحاث البيولوجية في باريس أو برلين أو لندن أو طوكيو أو سيول أو مانهاتن،ثم-ونحن جالسون مع كبار العلماء والخبراء والجراحين في جلسةٍ علميةٍ جادةٍ-يُدارُ حديثٌ عن مَرض السكري أو الزهايمر أو الصداع النصفي أو الانهيار العصبي أو الذبحة الصدرية،فيلتفون إلينا ينتظرونَ منا-كأتباعِ دينٍ يأمرُ بالعلم والتثقيف الحقيقي-أن يَسمعوا ما في جعبتنا عن الموضوع..هل لكَ أن تتصور كيفَ سيكون ردة فعلهم ونحن نقولُ بملء أفواهنا : أما نحن فجئناكم بعلاجنا السحري العجيب للسكري يا سادة،وهو أن ينام المريضُ ساعة،وبقدرة قادر سيرَى مناماً معيناً،يُشترط فيه أن يزرَع صاحبُهُ سبعَ شتلاتٍ،يُغمغم مع كل غرسةٍ بشيءٍ من الفاتحة والصلاة على رسولنا..وهكذا فإن غدة المعثكلة ( البنكرياس ) ستعود تلقائيا إلى إفراز مادة الأنسولين في الدم..!!! وينتهي الأمرُ ولا الضالين آمين...

هلْ لكَ-أخي الكريم-أن تتصورَ وجوهَهم وهم يتبادلونَ في ما بينهم ابتساماتٍ باردة ً،وكأنهم يقولون فينا بسخريةٍ واحتقار وازدراءٍ : أهذا ما عندكم..؟؟ أهذه بضاعتكم التي رباكم دينكم عليها..؟؟ أهذا هو مفهومكم للعلم وعمارة الأرض والتسخير ولأسرار الحياة والكون والإنسان..؟؟!!! دراويش ومساكين أتباع محمدٍ..يُثيرون العطفَ والإشفاق....!!!!!

أتصورُهم واللهِ وهم يتهامسون في سُخريةٍ واستهزاء-وهم معذورون-عندما يَكتشفون فينا مَدى الفجوة الهائلة التي تملأ عقولنا وأفكارَنا بين ديننا الصحيح وبين واقع الضحالة الفكرية التي صرنا نتخبط في وعثائها...

وأنا هنا لا أزري أو أزدري-لا سَمَحَ اللهُ-بمعونةِ الموالى سبحانه وبأمدادهِ اللطيفة في إنزال البرء والشفاء والعافية..فمنه المددُ أولاً وأخيراً ولا شريكَ له سبحانه..بَيْدَ أنني هنا أقفُ أمام ديني أدافعُ عنه شبهة الهرطقة التي يُروِّجُ لها البعض باسم الإسلام،والتي أوقعَتْ خلطاً فظيعاً فيه بين قضاء الله تعالى وقدرته النافذة وبين وجوب الأخذ بالأسباب الشرعية الصحيحة السليمة في علوم الطب والجراحة التي لا تقبلُ الدجلَ والهرطقة في ميادينها...

أحب أن يَرى الطرفَ الآخرَ أبناءَ ديني وهم يَحملونَ للبشريةِ الإسلامَ الصحيح الذي يَجعلُ الكوْنَ وأسرارَه كتاباً منظوراً إلى جانب شقيقه الكتاب المقروء،بحيثُ لا سبيلَ لنا إلى حيازة أسراره وفتحها إلا بالعلم النافع الصحيح والعمل الصالح (( يرفعِ اللهُ الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلمَ درجاتٍ ))،(( سنريهم آياتِنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق... ))...

أخي الكريم...الأذكار والأدعية شيءٌ طيب وجميل..وما يَجرؤ مسلمٌ عاقل على الإزراء بالدعاء والذكر أو يُهَوِّنُ من شأنهما في صحة العبادة وسلامة المقصد وصِدْق التوجه إلى الله تعالى..بل إن الدعاءَ في عقيدتنا الراسخة سلاحُ المؤمن ودرعُهُ وحصنهُ المنيع الحصين..ونحن مُطالبونَ أن نجأرَ إلى الله في كل لحظةٍ وحينٍ..فقط أنا أحب أن تربطها بروافدها الأولى..تربطها بأنوار النبوة وأوامرها ونواهيها،لأن الخيرَ كلَّ الخير في ما دعا به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وذكرَ الله تعالى وبما قامَ به من أفعال وحركاتٍ وسكناتٍ في دعائه وذِكْره..فهل هذا صعبٌ أو غريبٌ أو كثيرٌ على مسلمٍ يزعمُ أنه منقادٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم،مُحبٌّ له..؟؟

كيفَ أجدُ في ميراث النبوة هَدْياً في طبٍّ نبويٍّ عذبٍ رقراقٍ مضمونٍ صافٍ فأتجاهله أو أتخلى عنه،ثم أخترع لنفسي منهجاً آخرَ وفقَ ترتيبٍ وطقوس أخرى..؟؟؟

تـُرَى تحتَ أيِّ مُسَمًّى شرعي سنسمي هذا التصرف..؟؟!!!

وبأيِّ وجهٍ أو لسانٍ سأعتذرُ لرسولَ الله صلى الله عليه وسلم غداً يوم العرض الأكبر على اللهِ إذا سألني : لِمَ تركتَ سنتي واستعضتَ عنها برأيكَ وهواكَ وتجربتكَ..؟؟!!!!

فيا مسلماً تدعي الإسلامَ مَجاناً ** هلاَّ أقمتَ على دعواكَ برهانًا..؟؟!!

إننا فقط-أخي الكريم-حين تنتفضُ قلوبُنا وأقلامُنا إحياءً لسنة نبينا الصحيحة وردْعاً لمنْ أرادَ وأدَها أو العبث بها أو تغليط الأمة بصرفِها عنها،فإنما-عَلِمَ اللهُ-نفعل ذلكَ لنحمي ديننا من الخرافةِ والخزعبلات التي دمرتْ مسيرتـَنا الحضارية وجعلتنا عِرَّة الأمم من الناحية العلمية والحضارية..

ونريدُ أن نسوِّقَ ديننا العالمي للآخرين بما يُغريهم بالفعل أنه دينٌ قامَ على الإيمان الصحيح والعلم الحقيقي الوضيء وقامَ على محاربة الهرتقة والدجل الخرافي والتخلف الفكري في مناقشة الأفكار والرؤى...

ولنا أن نختار-مثلاً-إن كان لابد من الاختيار..أن نختار ( الطبَّ النبويَّ ) الشرعي المعروف..والحمد لله فمكتبتنا الإسلامية فيها من ذخائر هذا النوع من الاستطباب ما يُغني كل باحث عن الالتجاء إلى دروبٍ غامضة أخرى،لا يعودُ منها الإنسان بغير البدعة وأوزارها...

نقرأ مثلاً ( بابَ الطب ) في موطأ مالك،وكذا نفس الباب في أغلب مخطوطات السنن..نقرأ مثلاً ما كتبَ العلامة ابن القيِّم في كتابه الثرِّ النفيس ( الطب النبوي )...نقرأ ما كتبه الطبيب العربي الفقيه عبد اللطيف البغدادي في موسوعته الرائدة ( الطب في القرآن والسنة ) بتحقيق أستاذنا الدكتور عبد المعطي قلعجي..نقرأ مثلاً ما كتبه الفقيه العلامة الطبيب عبد الملك بن حبيب الأندلسي،الملقب ( بعالم الأندلس ) تحت عنوان ( الطب النبوي ) بتحقيق أستاذنا العلامة البروفيسور الدكتور محمد علي البار...

نقرأ على الأقل شيئًا قليلاً أو نزراً يسيراً في هذه المصادر الضخمة التي تتحدث عن الطب الشرعي الموصول بروافده الرقراقة الصافية من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة الصحيحة....

أما أن تـُلغى كل هذه المعارف الطبية النبوية المُحققة من الحسبان،ويُتركَ المجال فقط للرأي والهوى والطرح اللامنطقي والخرافي،فهذا واللهِ هو الخبالُ بعينه..

انتظرُ تعليقكَ على كل نقطةٍ أثرتـُها..وسأقبلُ أي اعتراضٍ واختلاف،فقط بشرط أن يكونَ على ضوء العلم ومنهجه وليسَ غيرَهما سبيلٌ إلى وفاق..والله يتولانا ويَرعانا جميعاً...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 12-10-2013 الساعة 10:02 PM
رد مع اقتباس