بياض يقترب مني ، لا تزال الرهبة تستوطن فؤادي كلما رأيت بَياضا متحرك . هو آتٍ نحوي ، خطواته تتحرك جهتي ، نكست رأسي وركزت بصري على أرضية المستشفى التي مسحت بعناية، أرتفع خفقان قلبي لدرجة خلت أن الجميع يسمع دويه . من هذا ولم يقف قربي ؟؟!
 حاولت طرد هذه الفكرة ، وتركت لخيالي تأمل أشكال البلاط وما يوازيها من أرض الواقع ؛ سماء غائمة ، فتاة منكوشة الشعر ، وجه جحظت عيناه وأفغر فاه . إلا أن الصور تبخرت بمجرد جلوسه بقربي . ثقلت أنفاسي ، بدأت أطرافي ترجف ، وازدادت انتكاسه رأسي .أحسست أن صوت زفراته تثقب أذني
   امتعضت وبدأت أكيل له الشتائم  بيني وبين نفسي ، لم أبقِ صفة سيئة إلا وألصقتها به .
   " قليل الأدب ، عديم التهذيب ، أليس لديه أخوات يخشى عليهن رد الدين "!!
   استجمعت قواي ، وسحبت قدماي  لكرسي آخر , وجلست أفرقع أصابعي ، وأقضم شفتاي . بطرف عيني أبصرته قام من كرسيه ، وأقترب من جديد مني . ارتجف جسدي ، وقررت بعد نزاع مع النفس أنه لابد من تلقينه درسا في الأدب .
   سأجعل " من لا يشتري يتفرج " عليه ، سأضع حدا لوقاحته ! 
   ملأت رئتي هواء ، وعقدت حاجبي ، ورفعت رأسي لأشتمه .. فإذا به أخي ..!!
   لم أتمالك نفسي ، ضحكت من سوء تفكيري ، من شتائمي له بيني وبين نفسي ، من استعجالي الحكم عليه . 
   كل حركاتي لم تلفت انتباهه لانشغاله بهاتفه النقال لكن ضحكتي شدته .
   نظر إليّ باستغراب " ما بك جننتِ ؟ 
   أجبت باستحياء " شيء من هذا القبيل "