"العمانية للكتاب واﻷدباء" .. تحتفي بعودة الروائي علي المعمري من رحلة علاج ناجحة
"العمانية للكتاب واﻷدباء" .. تحتفي بعودة الروائي علي المعمري من رحلة عﻼج ناجحة
علي المعمري: أقدم شكري وامتناني لجميع الكتاب واﻷصدقاء الذين تابعوا حالتي الصحية وكانوا على تماس وتواصل دائم
عوض اللويهي: عودة الروائي علي المعمري معافى إلى السلطنة بثت في قلوبنا السعادة واﻻنشراح ونأمل أن يعاود نشاطه الكتابي في أقرب فرصة ممكنة
رئيس رابطة اﻷدباء العرب: المعمري أحد كتاب الرواية العمانيين الذين يحاولون التجديد في السياق الروائي للوصول بالرواية العربية إلى آفاق ورؤى أكثر عمقا وأرحب مدارا
السلطنة : تعتزم الجمعية العمانية للكتاب واﻷدباء، إقامة ليلة احتفائية بالروائي علي المعمري، الذي عاد مساء الخميس المنصرم إلى أرض الوطن، قادماً من رحلة عﻼجٍ. وحول العملية يقول المعمري لدى وصوله إلى مطار مسقط الدولي: "كانت لدي بعض المشاكل الصحية وبعد العملية شعرتُ بتحسنٍ كبير، إذ تبين لي نجاح العملية بنسبةٍ مرتفعة، وعليه فإنني أقدم شكري الجزيل لمعالي السيد خالد بن هﻼل البوسعيدي وزير ديوان البﻼط السلطاني، على اهتمامه البالغ بأمر عﻼجي، ومتابعته المستمرة لمجريات رحلة العمل، كما أبعث شكري مع عظيم اﻹمتنان إلى رئيس الجمعية العمانية للكتاب واﻷدباء الدكتور محمد العريمي وإلى أعضائها الكرام على اهتمامهم الكبير بي، وقلقهم الدائم على وضعي الصحي، وجميع الكتاب واﻷصدقاء الذين تابعوا حالتي الصحية وكانوا على تماسٍ وتواصلٍ دائم".
ينهي المعمري حديثه بالقول: "وجدت عنايةً كبيرة ورعاية باذخة من قبل إدارة المستشفى والقائمين على أمره، خصوصاً حينما علموا بأنني كاتب وروائي عماني، فما كان مني بعد هذا اﻻهتمام الكبير، إﻻ أن أهديتهم "مذكرات أميرة عربية" لﻸميرة سالمة بنت سعيد التي غادرت زنجبار عام 1867م لتتزوج التاجر اﻷلماني هاينريش رويته الذي أحبته وعاشت في كنفه بألمانيا، هذه المذكرات كتبت باﻷلمانية، تجلت فيها شخصية امرأة ذكية وطموحة، ذلك أنها لم تكتف بدور المرأة واﻷم وحسب، إنما حاولت أن تقتحم عالم السياسة والدبلوماسية، وشغلتها شؤون ومشكﻼت وطنها "زنجبار" رغم إقامتها في ألمانيا. تفاجأ الطاقم الطبي بالمستشفى، حينما أعلمتهم أن سالمة بنت سعيد لم تكتب هذه المذكرات للنشر، فقد دونتها وهي في وضعٍ نفسي وجسدي اعتقدت معه أنها لن تعيش طويﻼً حتى يبلغ أطفالها سناً تستطيع أن تروي لهم فيها شيئاً عن حياتها، لكن بعض أصدقائها أقنعها بنشر هذه المذكرات، فتهيأ لنا بذلك كتابٌ عن الحياة في بيت سلطانٍ عربي من القرن التاسع عشر ﻻ نكاد نعرف عنها شيئاً من دونه. فرح الرفاق بهذه المعلومات كثيراً، فطفقوا يبحثون عن الرواية حتى اقتنوها، وبدأوا في الترويج لها، وبذلك فإننا نمد جسور المحبة والتواصل والمعرفة في أي بلدٍ نسافر إليه".
لفتة كريمة
وعن سعادة الجمعية العمانية للكتاب واﻷدباء بعودة أحد أعضاء الجمعية معافى يقول الشاعر عوض بن محمد اللويهي أمين سر الجمعية العمانية للكتاب واﻷدباء: "عودة الروائي علي المعمري معافىً إلى السلطنة بعد نجاح العملية بث في قلوبنا السعادة واﻻنشراح، تابعنا بقلق رحلة عﻼجه، وسرنا نبأ نجاح العملية، ونعمل حالياً على اﻹعداد لتنظيم أمسيةٍ احتفائيةٍ بالكاتب المبدع، ونأمل أن يعاود نشاطه الكتابي في أقرب فرصة ممكنة" .كما وتشكر الجمعية العمانية للكتاب واﻷدباء اللفتة الكريمة من معالي السيد خالد بن هﻼل البوسعيدي وزير ديوان البﻼط السلطاني، الذي كان لمساعيه الخيرة دور ملموس في تسهيل كافة اﻹجراءات المتعلقة بعﻼج الكاتب الكبير علي المعمري.
المعمري عالمي المشهد
الحديث عن المعمري ﻻ ينتهي أبداً، فهو كما يقول الكاتب المصري حاتم عبدالهادي السيد رئيس رابطة اﻷدباء العرب: علي المعمري، أحد كتاب الرواية العمانيين الذين يحاولون التجديد في السياق الروائي للوصول بالرواية العربية إلى آفاق ورؤى أكثر عمقاً، وأرحب مداراً، بدأ حياته قاصاً ينهل من معين العربية شهد الرؤى، ويستسيغ من نخل التراث رطب المفردات المموسقة، فخرجت مفرداته مفعمة بأوار التراتيل وبعمقٍ ضارب في اﻷصالة، وتمتد فروعه لتتماس والحداثة في عناق متقدٍ أبدي وممتد وخالد، ﻻ يفصم تشابكهما ووريد أواصرهما حد، إذ تشابكا في سديم غير محد، وﻻ نهائي ممتد، وقد أصدر كاتبنا العديد من المجموعات القصصية منها: "أيام الرعود عش رجباً"، عام 1992م، و"مفاجأة اﻷحبة" عام 1993م، و"سفينة الخريف الخﻼسية" عام 1995م، و"أسفار دملج الوهم" عام 1997م. وفي روايته اﻷولى "فضاءات الرغبة اﻷخيرة" حاول "علي المعمري" أن يحفر ﻻسمه مكاناً في خارطة الرواية العربية، وأظنه قد نجح في هذا اﻷمر.
المعمري عالمي المشهد، وأعني بعالمية المشهد - هنا -: "انصهار الرؤى العالمية في بوتقة غير محدة في اطار محد، وبعبارة أكثر وضوحا، انصهار المدارس اﻷدبية والتيارات الحداثية في عمل يجمع بين دفتيه سمات الحداثة، وما بعد الحداثة، والكونية، والشرق أوسطية، والمتوسطية، العولمة، ثم دمج كل هذه التيارات الحادثة في عمل له سمات العالمية والرؤية المستقبلية، عﻼوة على مزجها بمدارس اﻷدب الحداثية والقديمة فهو - أي المشهد الروائي- يضم الواقعية القديمة، والواقعية السحرية، واﻷنجلو أمريكية، والتفكيكية، والتركيبية، والتحليلية، والوصفية، والرمزية، والشكلية وتيار الفن للفن وغيرها، وصهر كل هذه النتاجات اﻷدبية في العالم وصوﻻ لعمل يجمع كل هذه التيارات، ويمزجها في نسيج متﻼحم ليشكل في النهاية "رؤية عالمية" للنص الروائي المعنى بالقراءة، وهنا تتجلى عالمية المشهد وتتضح رؤاه.
وقد حاول علي المعمري ـ بقصد أو بدون قصد ـ تحقيق ذلك، فنراه يأخذ من الشكلية "التقسيمات الحداثية" فيقسم روايته الى خمسة عشر فصﻼ، وان شئت فقل "لوحة"، وكل لوحة يمكن ان نفتتها الى لوحات أكثر عمقا، كما انه يأخذ من الواقعية التركيز على المكان، ومن الرمزية التكثيف في الصورة والبعد عن الضبابية التي قد تغلق النص على الفهم، ومن التحليلية دقة الوصف وتناميه، ومن الواقعية السحرية اﻻثير المتجلي عبر آفاق السرد الروائي وغير ذلك، بل يأخذنا الى "أدب البورنو" وتيار الوعي العالمي المتمثل في "عولمة الثقافة"، والتحديث المصطلحي الناجم عن ظهور "النحو التوليدي" ونظريات ارتقاء اللغة واﻻشتقاق، بل انه يعمد الى استخدام صيغ صرفية ونحوية وبﻼغية قديمة وحديثة ـ في آن ـ فكأنك أمام بنيان شامخ مموسق ومتناسق ومترابط منذ بداية الرواية حين افتتحها بقوله: "أنا لست دفا تنقر على جلده المشدود مشاكلك" وحتى آخر سطر في الختام حين أنهى روايته بنفس العبارة والتي حين تطالعك تصدمك من أول وهلة، فتتحد معها ذهنيا ووجدانيا فﻼ تستطيع ان تتركها إﻻ بعد أن تنتهي من قراءة السطر اﻷخير منها، والذي يعود بك الى نفس الصدمة اﻻولى فيكرر نفس الجملة التي بدأ بها روايته فتحن الى قراءة تلك الرواية مرات ومرات.
و "على الزمان" هو الشخصية المحورية للرواية فهو يبحث عن حلول لذات هائمة في سديم الكون، تحاول جادة أن تبحث عن الحقيقة فتواجه أحداث وصراعات وشخصيات وتنتقل من مكان الى مكان في زمن قياسي، ثم تصدمك بواقعك وزمانك فﻼ تنفك تلهث مع علي الزمان باحثا عن حقيقة لغز (البانجلو6ا) وهو رقم حجرة الفندق، والذي تدور أحداث الرواية حوله، ويأخذنا الكاتب في رحلته بداية من عمان حيث "خيام الشعر" وحياة البادية الخشنة، حتى يصل بنا الى المقاهي والحانات في العالم، حيث مقهى الحياة الذي يضم المسلم والمسيحي واليهودي والبوذي وغير ذي الديانة، وحيث الرؤية اﻻنسانية المتركزة على اﻻنسان دون النظر الى لغته او ديانته او هويته او وطنه.
هو يأخذنا للعالم ومشكﻼت البشر، حيث الرأسمالية واﻻشتراكية وطبيعة الحكام والسلطة، وحقوق اﻻنسان، ويحيلنا من بعيد الى مشاكلنا اﻻقليمية كمشكلة النفط والغذاء والمياه والحروب وتوزيع الثروات، والصراعات على الحدود واﻻمن والمخدرات واﻷحزاب الحكومية والسرية واﻻقليات والطوائف الدينية والصراعات على امتﻼك القوة النووية والسﻼح وأسواق المال ثم يحيلنا الى صراع الذات مع نفسها وعندئذ يهرب من كل هذا الضجيج الكوني الى الحضن الدافئ الرؤوم حيث الوطن فنراه يصيح:"الوطن يا رسول الله".
وهو يسبح بنا عبر هدير بحر الحب المتﻼطم الذي جمعه "بجليلة بنت مرة" تلك الشخصية التراثية، التي أحبها، فهو يحب فيها عروبتها، حيث سواد الليل في شعرها، ولمعان النجوم على صفحة خدها، وتناثر الورود و "اﻷقمار" و"الشموس" على ارجاء صدرها، هي العروبة بكاملها، يحملها في صدره ويجوب بها انحاء العالم، فتراه يتخفى في شخصية "علي بابا" أو "علي الزمان" او "علي المعمري"- نفسه - فيتخيل امبراطورية شخصية وهمية - أورساء- يتجول داخلها فيرى "العم سام" او "اﻻنكل توم" فيعود بالذاكرة الى قصائد الشعر العمودي "للحارث بن حلزة"، وذلك عندما يجلس مع الشاعر "جارث " النيوزلندي، ويهيم في "حانة الفﻼسفة " حيث يشاهد جليلة الفرنجية او اليهودية او "اﻻفرو-أوروبية"، حيث تتحدث بلكنة اعجمية، اﻻ ان "علي الزمان" قبل ان يشرب من زجاجة "النبيذ" نراه يطلب قدحا من القهوة، وكأنه يصر على عروبته، ثم ما ان يتطرق الحديث عن الحرب و"ان اموالهم في بنوك سويسرا يديرها اليهود" فاننا نرى "علي الزمان" يحاول ان يوجه طاولة الحوار الى الحديث عن اﻻنسانية وان هذا الشأن متروك للعرب وحدهم، فهو يحاول ان يظهر عدم التعصب، مع انه في اﻻصل حاد في تعصبه لعروبته.
تتجلى الذات في شخصية "علي بابا" أو "علي الزمان" أما اﻵخر المقصود فيتجلى في هويات جنسيات الشخصيات التي تعامل معها "علي الزمان"، في الحانات والمقاهي وفي الفندق، وفي الدول التي طوف حولها، وأرست قلوعه عندها، فهو يتجول بنا من عمان الى الجزائر الى ألمانيا والهند وكل ذلك داخل مملكة "أورساء"- ليست الحقيقة- ومع هذا فهو لم يتجول بنا في المدن ، وانما تجول فقط من خلال شخوص الرواية وجنسياتها وكانه يحيلنا الى ثقافة الوافد - الاخر - ومع هذا فقد اكتفى بالتنقل من حانة الى حانة : ومن مقهى الى مقهى ، ولكن ( واقعيته السحرية ) احالتنا الى اماكن اخرى جسدتها تلك الشخوص التي تعامل معها في محاولة منه ليقربنا من هذه الشخصيات فنرحل معهم عبر عوالمهم ومدنهم وثقافاتهم فنشاهد (افلام البورنو) ومستحدثات التكنلوجيا ، وافاق الانترنتوالاشرطة والاقراص الممغنطة والكتاب الالكتروني ، ثم نشاهد رسائل جليلة بالانجليزية حيث (يتكسر الزمان على طاولة مكان الحلم) فنشاهد (كسر الروح والفضاء ) (وشبح الالفاظ المرورية).
|