.../...
...لستُ أدري-سيدتي البديعة قوافي-وأنا أقرأ في صمتٍ حالِمٍ هذه ( الموْجاتِ الغرثى،المُترَعَة بتراتيل الأشواق ) وأرنو لمعانيها الميَّاسة الرقيقة وهي تتراقصُ اكتحالاً في أحداقي...لستُ أدري لِمَ خِلتـُها تمر في بصري وَكأنما احتراقُ بوحِها القرمزي ذبالة شمعةٍ ؛ تعبثُ بها نسَمَاتُ الصَّبَا إلى حيث تبدو كبحيْرةٍ،تموجُ من حولها عرائسُ بحْرٍ تتمَاهَى سِلاًلاً مُوسِقة ًأوْرَاداً وزنابق...؟؟!!
أكادُ أتمثلُ نفسي واقفاً على شاطئها القرمُــزيِّ،فتنداحُ صدَفــة ٌمنها،وما ألبَثُ-أنا القارئ-أن أرخي صِوَانَ أذني لقوْقعتِها الذهبيةِ اللألاءَة لأتمَـــلـَّى بيني وبين مشاعري تلكَ الوشوشاتِ العذبة التي تتالى تِباعاً على أسماعي كأنها تراتيلُ العرائس :
(( أيتها الأمواج بلغيه سلامي
حدثيه عني
اخبريه كم اشتقت اليه
كم افتقدته أيامي
كم أحن أليه
اخبريه أني حدثت عنه النوارس
أخبرت عنه الشطأن
أوصيت البحارة أن أوصلوا سلامي أليه
أرأيت كم تحتلني أيها المشاكس
كيف امتلكت أوقاتي
كيف تمكنت من أفكاري
كيف سكنت ذاكرتي
وتسللت إلى أعماقي... ))...
ــ إنها دفـَقـَاتٌ من سقسقاتِ الكَلِم،تتوقفُ عندها تلكَ التحايا التي تشبه التنهيداتِ الحَرَّى،فيهتزُّ لوقفِها القلبُ وترحلُ إحساساتـُنا الأدبية معها،وكأنما يَرتـَدُّ صداها الطروبُ فيها لتستحيلَ الخاطرة المنثورة إلى مُـــدَرَّجٍ موسيقِـــيٍّ،وتستحيلُ الأسطرُ المتماوجة إلى خطوطِ ألحانٍ قزحيةٍ أرجوانيةٍ جميلةٍ،وتستحيلُ الكلماتُ إلى ( نـُــوَتٍ ) موسيقيةٍ تتجاذلُ في مقاماتِها،وإذ بها تسطعُ في الأذن كأعذب شـدْوٍ...!!!
ربما كان-سيدتي-لكنيتِكِ الأدبية الفنية ( قوافي ) في مملكتِكِ الشعرية دافعٌ مَّا أغرَى الكلماتِ أن تتراصفَ في ما بيْنها على نـَسَـــقٍ بديعٍ لتنصهــرَ أخيراً في بوتقةِ هذه الأمواج الرفيفة الشفيفة التليدة...
ربما أردتِ القولَ-مبدعتي الكريمة-أنَّ زهَـــرَاتٍ مَّا من عرائس اليَاسَمِــين راحتْ تنبتُ مع نبْض القلب لتنشرَ عَبَقاً من حُبٍّ وليدٍ لمْ ينفطمْ بَعْدُ من إسَار البُعْدِ وتضريس الاشتياق...
ليكنْ ذلكَ أو لا يكنْ سيدتي..فهذه هي بُحيْرتكِ الغناء،وتلكَ هي زهَــرَاتـُكِ الفيْحاء وهاتيكِ هي مملكتكِ الشاعرية التي لا يصِحُّ لإشبينٍ أو عَرَّابٍ أن يستجدي فيها رَبْــوَة ًأو مكاناً..وأنتِ...أنتِ فقط مَنْ يحدد لها الطقوسَ والمراسيم..!!
الذي يَعنيني هنا-مبدعتي الكريمة-أننا أمام قطعةٍ جميلةٍ من نثــرِ القول ورقيق المعنى وجمال النبض العذب...
قطعة ٌجميلة ٌتنضافُ إلى رصيدنا الإبداعي الوارف،نقفُ على هضباتِ رُباها،نسمعُ شجوَها،ونتملى إيقاعَها،ونسافرُ مع خفقاتِها ودمعاتِها،ونتحسس حُداءَ أشواقها ولواعجها وجَــوَاها المليء شجَناً وعذوبة ًولظـــى...!!!
ها أنتِ-ست قوافي-ترتلين صَدْحَة الحبِّ من بعيدٍ،فينقدح في خفقةِ الشريان نبضٌ كقصةٍ حكتها روعة الحِسِّ وصفو الخيال...
ها أنتِ-ست قوافي-كقـُبُّرَةٍ،تهَبُ قارئيها سِرَّ النجوى..وحُلوَ الهوى..وكتمانَ اللهفةِ الحَيْرَى..وخافقاً في الصدر،يزفُّ نبضه المجنحِ كفنيقٍ لا يستكينُ-من لوعة الشوق-إلى هدوءٍ أو قرار..!!
ها أنتِ-مبدعتي الرقيقة-وكأنما الشجوُ في تباريح حروفِكِ غِنوَة ًسَكْرَى، مُلوِّحَة ً بنار البعادِ أن في القلب حُرقة بــِـينٍ وفي المهجة غـُصة حُرْقةٍ..
مبدعة أنتِ-سيدتي-في شجو مناجاتكِ العذبة..فقد جعلتِ الحرف ينفحُ عِطرَا..ويُذيبُ المهجة سِحْرَا..ويَعْصِرُ الأشواقَ رَاحاً حَلالاَ..!!
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!
التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 01-08-2012 الساعة 03:59 PM
|