[عبير الرطيبيه]

اندفعت السياره تجوب الشوارع بلهفة تقطع الطريق في شوق للوصول إلى احضان القرية الحنون استغرقت في تأمل عميق وانا اتابع الطريق من نافذة السياره ،كان الشارع يعج بالزحام والسيارات بالكاد تتحرك ...اصوات الابواق تملأ الاجواء ضجيجا والاعلام ترفرف بحريه تزف تهاني النصر والعوده السالمه .. دموع الفرحه جاءت هى الاخرى لتشارك ابتسامه النصر سعادتها ،لترسم لوحه عرفان تتقدم بها إليكم أنتم الذين رويتهم ظمأ الارض من ينابيع حياتكم لتخلدوا في كل قطرة ماء تسقي بها الحقول وكل حبه قمح تعجنها أم لتطعم بها أطفالها .
فرحتنا يا أخي ينقصها وجودكم لكنها ما كانت لتتم لولا رحيلكم فبه حلت ومن دونه تزول هكذا علمتني انت .. فهل تذكر ذلك ؟
عندما كنت على مشارف الرحيل حين أجلستني بجانبك بادرتك متضايقا :لماذا الرحيل ؟
أجبتني مبتسما : لأن الارض تحتاج إلى ذلك
ثم أردفت تقول وأومات تربت على كتفي وعيناك تحلقان بعيدا :ستشرق عند الغروب
لم أفقه حينها ما تقول فمن التي ستشرق؟ وعن أي غروب ؟وحين سألتك مستفهما قلت لي:ستفهم ذلك ..أعدك
غادرتني وانا غارق في حيرتي وتوالت ايام الحرب بطيئه قاسيه حتى بلغنا خبر استشهادك كنا في غايه الفخر والاعتزاز رغم ذلك لم أعثر على الجواب بقيت اترقبه فإذا به يأتي بعد طول انتظار لقد تجلت عبارتك تلك بوضوح ورفعت اللثام عنها لتغدو جليه للعيان فقد أشرقت شمس النصر حين غادرتم الدنيا بعدما وهبتم الارض دماء قلوبكم .
بعد طول إنتظار بانت من بعيد أعتاب قريتنا الحبيبة انطلقت بنا السياره مسرعه لترتمي في قلب القرية التي اعياها القصف وسلب منها الحياه وأغلب البيوت فيها دمرت وجزء كبير من الحقول إلتهمتة النيران الحاقده فقد ضاعت اشجار الزيتون وكذلك هو الحال بالنسبه لمنزلنا فقد تهاوى جزء منه بينما بقي جزؤه الاخر صامدا ،حديقه المنزل الصغيرة احترقت بالكامل .
استهوتني فكرة البحث
بين الانقاض ولكن طلب منا الحذر فالعدو قد خلف وراءه فضلات حقده ليقتل حتى الرمق الاخير . لكن أتعرف ماذا وجدنا بين الانقاض ؟ صورة في إطار تكسرت أطرافها وتشوه جزء من معالمها لكن جزء منها واضحاً وكأنه لم يمسسه شيء لقد أطل وجهك في تلك الصوره بابتسامتة الهادئه مشرقا وكأنه يضيف لتلك العبارة تفسيرا إخر .