شَهْوَةٌ عَارِيَةٌ
انْسَكَبَتْ دِمَاءُ الطُّهْرِ .. تَلَاشَتْ مَلَامِحُ عِفّتِهَا .. حَتّى بَرَاءَتُهَا خُدِشَتْ ..
مِنْ نَسْلِ اللّيْلِ جِينَاتِهَا .. وَمِنْ رَحْمِ السّوَادِ وُلِدَتْ ..
فَـ كَانَتْ أُخْتَ الظّلَامِ ..
عُذْرَاً يَا ظَلَامُ .. أَشْبَكْتُهَا بِكَ ..
أَنْتَ أَكْثَرُهُمْ سَوَاداً ..
لَا شَعْرَهَا .. لَا إِنَاءَهَا .. لَا حِذَائَهَا ..
أَنْتَ وَفَقَطْ ..
حَتّى عَبَاءَتُهَا تَلَوّنَ سَوادُهَا ..
زَخْرَفَتْهَا بِأَعْرَاسٍ وَمَصَابِيحٍ ..
قَرْعُ طُبُولَ الْعُهْرِ يَئِنُّ فِي خِصْرِهَا ..
يَتَسَاءَلْ :: أَلَيْسَ ثَمَّةُ بَيَاضٍ ..؟!
هِيَ أُخْتُ الظّلَامِ ..
حِينَ رَأَيْنَا جِذْعَهَا بَيْنَ ظُلُمَاتِ الدّهَالِيزِ ..
هِيَ أُخْتُ الظّلَامِ ..
حِينَ عَاشَتْ بِلَا عَقْلٍ .. بِلَا قَلْبٍ .. بِلَا نَقَاءٍ وَلَا وَفَاءٍ ..
حِينَ عَاشَتْ بِلَا رَأْسٍ .. فَـ كَانَتْ أُخْتَ الظّلَامِ فِي تَخْوِيفِ الْأَطْفَالِ ..
بَاعَتْ جَسَدَهَا لِـ مَنْ يُسَلّونَ جَشَعُهُمْ بِالْعَاهِرَاتِ ..
تَرَنّحَ جَسَدَهَا لِـ مَنْ يُسَلّونَ جَشَعُهُمْ بِنَخْبِ الْكَأْسِ ..
كَانَتْ هُنَاكَ .. بِلَا عُذْرٍ .. لَا آزِلَةٌ وَلَا آزِفَةٌ ..
مَمْشَاهَا بِلَا طَرِيقٍ ..
تَخْتَضّ أَضْلُعُهَا بِحَرَكَةِ إِصْبِعٍ ..
((هِيَ)) بِلَا وَعْيٍ ..
((هُمْ)) يَدُهُمْ عَلَى خَدِّهَا .. عُنْقِهَا .. صَدْرِهَا .. وَمَا خُفِيَ أَعْظَمْ ..
وَقَبْلَ الْخُرُوجِ .. تُرْمَى عَلَى وَجْهِهَا أَوْرَاقٌ أُغْرِيَتْ بِهَا ..
انْتَهَى وَقْتُهَا .. لَكِنْ ..
شَهْوَتُهُمْ مَا زَالَتْ مُوْقَدَةٌ .. كَـ شَهْوَةِ الْمَوْتَى ..
شَهْوَةٌ عَارِيَةٌ تَرْقُصُ خَلْفُهُمْ ..
يَلْتَفِتُوْنَ لِلْخَلْفِ .. فَتَنْتَقِلُ خَلْفُهُمُ الْآخَرُ ..
وَيَظَلّوْنَ يَلْتَفِتُوْنْ .. حَتّى أَحَاطَتْهُمْ مِنْ كُلِّ الْجِهَاتِ فَـ لَا مَفَرْ ..
تُغْرَى بِأَوْرَاقٍ أَكْثَرْ .. لِتُحْظِرَ لَهُمْ عَاهِرَةً أخْرَى ..
فَتَأْتِي الْأُخْرَى .. وَتَلِيهَا أُخرْىَ .. وَتَلِيهَا أُخْرَيَاتٍ ..
حَتَّى بَانَ وَجْهُ الْفَجْرِ ..
خَنَقَتْهُمُ الشَّمْسُ ..
أَشْفَوْا غَلِيلُهُمْ بِخُمُورِهِمْ ..
نِصْفَ نَهَارِهِمْ نِيَامٌ .. وَنِصْفَ نَهَارِهِمْ يَنْتَظِرُونَ اللّيْلَ ..
لِتُعَادَ حِكَايَتُهُمْ كُلّ لَيْلَةٍ .. لِتُعَادَ حِكَايَتُهُمْ كُلّ فَجْرٍ ..
آآه يَا أُخْتَ الظّلَامْ ..
كُنْتِ أَنْقَى مِنَ الْمَاءِ بِحِجَابِكِ وَسُمُوِّهِ ..
صِرْتِ طُحْلُبٌ لَا يُسَامُ بِظِفْرٍ ..
أَصْحَابُ نُفُوذٍ وَأَمْوَالٍ .. أَنْتِ قَمِيصَ النّارِ لَهُمْ ..
فَرَاشَاتُ الطّهْرِ لَمَحَتْكِ مِنْ بَعِيدٍ .. عَادَتْ إِلَيّ وَهِيَ تَرْتَجِفُ ..
حِينَهَا أَرْخَيْتُ مِرْآتِي .. كَسّرَتْهَا فَرَاشَاتِي .. فَـ الَأَجْسَادُ تَتَشَابَهْ ..
يَا سَادِنَةُ الْعُهْرِ .. اقْبِضِي أَجْرُكِ .. فَـ الْمَالُ عِنْدُكِ الْحَيَاةْ ..
أَشْعِلِي جَسَدُكِ جَذْوَةً .. وَسِّعِي مَدَارِكَكِ لِتَزِيدِي الْفَاجِرَاتْ ..
أُنْثَى بِلَا شَرَفٍ .. كَـ حَيَاةٍ بِلَا حَيَاةْ ..
صَدِّقِينِي ..
لَوْ تَصْلَيْنَ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ .. وَفِي جِيدِكِ حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ..
أَهْوَنُ مِنْ أَنْ تَكُونِي بَائِعَةُ أَجْسَادٍ ..
كُلُّ مَا بِيَدِي ..
انْتِظَارُ النَّاعِي قَبْلَ الْآزِفَةِ .. وَيَا حَبَّذَا لَوْ يَصِلُنِي النُّعَاةُ فِي الْهَاجِرَةِ ..
لِيَكُنْ عُذْرَ تَعَرُّقِي الرَّمْضَاءُ .. وَلَنْ يَعْلَمَ أَحَدٌ بِتَأَثُّرِي بِعَفَائِكِ ..
مَنْ مِثْلِي وَعَكْسُكِ ..
تَجِدِيهُ دَائِماً فِي الْعَقَبَةِ .. فِي عُقْرِ السَّحَابِ ..
نُزُوعُنَا لِلرُّقِيّ لَا يَقِفُ أَمَامُهُ حَائِلٌ ..
وَيَسْتَحِيلَ أَنْ نَهْدَجَ كَأَنْتِ ..
كَلَامُنَا آدَابٌ نَادِرَةٌ ..
أَمَّا أَنْتِ وَ((هُمْ)) ..
فَـ كُلُّ مَا تُرَدِّدُهُ أَلْسُنَكُمْ ..
مُهَاتَرَةٌ .. هُجْرٌ .. هَجْسٌ اسْتَهْجَنَهُ الْعُقَلَاءُ وَالشُّرَفَاءُ ..
|