منتديات السلطنة الأدبية

منتديات السلطنة الأدبية (http://www.alsultanah.com/vb/index.php)
-   القصة القصيرة (http://www.alsultanah.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   حكاية شعبية التوأم الجزء 3 (http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=17496)

ناجى جوهر 27-06-2013 02:52 AM

حكاية شعبية التوأم الجزء 3
 



الَتوْأمَ

الجزء الثالث

وخُيِّل إليها أنها في سوق العطارين
فأريج الغالية والعود والمسك والصندل يفوح في أرجاء المكان
ودخان البخُور يعبق في فضاء الجِناح
ولا تدري من فعل هذا ؟ ولا ولماذا ؟
وقبل أن تفيق من حيرتها, سمعت حسنا يُشدو بصوت رخيم, ويغنّي أغنية عاطفية
عندها وضعت يدها على صدرها وأوشكت على فقدان رُشدها
فهي تعرف أن حسنا خجول بطبعه, رزينا حكيما, فكيف أصبح يغني
وينشد الأشعار, ولماذا يعبق كل هذا العطر من غرفته ؟!
وبينما هي في حيرتها, إلتفت حسن
فلاحظ أُمه واقفةُ متحيرة, فبادر إليها
وقد أحس بخجل فضيع, وأحراجٍ شديد وأمسك بيدها يُقبلها ويقول لها :
سلامتكِ يا أم حسن
عند ذلك ثابت الأم إلى رُشِدها ... وقبل أن تنطِق بحرف واحد
كان حسن قد جلب لها كُرسيّا, وكأسا من ماْء دهاقا, فشرِبت شربة هنيئة
وحين عادت إليها روحها, قالت له معاتبة : قلقت عليك يا بني
إنها المرة الأولى التي تنام فيها الى هذا الوقت المُتأخر من النهار
ماذا أصابك يا نور عيني ؟
من أي شيء تشكو ؟ وأمطرته بسيل جارف من الأسئلة
قال حسن : ها أنا ذا أقف أمامكِ يا أُماه ... فماذا ترين ؟
عندما وقعت عيناها على مظهر حسن الجميل, وقد كان يرتدي ثيابا بديعة الصُنع.
مُزركشة بخيوط الفضة, و وضع قلنسوته بطريقة عجيبة.
فهمت أنّ إبنها مسافر الى مكان ما
فقالت له مُوبِّخة : أهكذا يا حسن تعتزم السفر, ولا تُعلمُني ؟
رد حسن : كلا يا أُماه ... لست بمُسافر .
قالت الآم : لست بمُسافر ... إذن فأنت تزور القاضي ... الست كذلك ؟
رد حسن : كلا يا أُماه ... لن أزور القاضي ...
قالت الآم : فإنّك تستقبل ضيوفا ؟
قال حسن : لا والله لن أستقبل ضيفا اليوم
وقفت حائرة ... إذن فأنت ... فكّرت في صمت
ثم إستغرقت في نوبة ضحك
وقالت : فهمت الآن يا حسن , طأطأ حسن رأسه. ولم يتكلم
فقالت له أمه : أنا أنتظرك في المجلس, ثم إنصرفت
عاد حسين إلى المنزل ليطمئن على أخيه, فوجده يحادث أمه
وحين علم أنّ حسن لا يشكو من بأس قال له : إنهض أيها الكسول
فإن تاجر اللبان قد يأتي في اية لحظة
قال حسن : إتّفِق أنت معهُ يا أخي, ثم عُد إلينا سريعا . ودعني أحادِثُ أمي قليلا
عاد حُسينُ إلى القصر قبيل الظُهر, فألفى أمه وأخاه في سُرور وحُبور
فأنضم إليهما مُتسآئلا : أراكما تُدبِران أمرا لا أعرفه, فما هو ؟
قالت الأُم ضاحكة : أتذكر حديثي لكما بالأمس ؟
قال : حُسين : نعم كنتِ تتحدّثين عن الزُواج
أرجوكِ يا أُماه ... كُفي عن هذا الحديث
لا رغبة لي في الزواج لا أحب الأطفال المُزعجين
أرجوكما أن تعُذراني ثم إنصرف إلى جِناحه
تأثرت الأم قليلا من رفض حُسين, فبادرها حسن بقوله : دعيه يا أماه
فإنه حين تعرض له جارية ممشوقة القوام. وضيئة الجبين
مليحة الوجه. معتدلة القامة, هندية الشعر. حجازية العينين
وترميه بسهم فاتك من عينين سود, فإنّه سيأتي إليكِ راكعا, لتخطُبيها له
فضحكت ثم قالت : ولكنك حتى هذه اللحظة لم تُعلِمُني بإسم من وقع عليها إختيارك
فأحمر وجههُ خجلا. وتاهت عنه الكلمات والعبارات
قالت الأم : هيا يا حسن لابد أنّك إخترت فتاة حميدة الخصال, عريقة النسب ؟
قال حسن : نعم أماه ...
قالت : فمن هي يا حسن ؟
طأطأ حسن رأسه وقال في خجل شديد : إنها
إنها شمس النهار إبنة عمتي عاتكة
ردت الأم : شمس النهار فتاة مباركة, وجميلة
ولكنك تعلم يا بُني إن أُمها عمياء ...
وأنه ليس لها من يرعاها سوى إبنتها ... فهي لن تُفارقها أبدا
قال حسن : وماذا لو عاشتا معنا في هذا القصر الواسع ؟
قالت الأم : لا أرى بأسا في هذا ... فلنعرض عليهما الأمر
بعد أيام ذهب حسن وحسين وأمهما لخطبة شمس النهار, من أمها عاتكة
إشترطت أم شمس على حسن ان تبقى إبنتها معها في دارها, وأن يسكن هو معهما
فوافق على شرطها, وحدد معها موعد العرس الميمون
وعندما حان موعد العرس هُرِع الخدمُ والحشمُ لتزيين القصر
فنصبوا الخيام, وفرشوا السجاد, ورفعوا رايات الأفراح, وبيارق السرور
شِهِد العرس أعلام المدينة من الفُقهاء, والتُجّار, وأرباب الصناعات
وجموع عظيمة من الناس ... ودام الفرحُ ثلاثة أيّام بلياليها
وقد أنفق العريس وأخوه مبالغ طائلة كهِبات, وصدقات وعطايا
ثم إنتقل حسن للعيش في منزل عمّته الضريرة عاتكة تنفيذا لشرطها, ورحمة بها
كانت أم حسن تشعُرُ ببعض الحزن لإبتعاد حسن عنها, ولكنها
ومع مرور الوقت إعتادت على الوضع
خاصة وأن حسنا كان يزورها في كل يوم
ولم يبخل عليها حسين
بأي شيء يُدخل السرور على قلبها
عاش حسن أجمل أيام حياته, وكان يُلح على أخيه حُسين أن يتزوج
ويذكر له السرورالعظيم الذي دخل عليه منذ تزوّج
ولكن حسين كان يتجاهل الموضوع ويرفض الفكرة
إتّقق الأخوان على أن يدير حسين المتجر صباحا, وأن يديره حسنا مساء
بسب وقوع مسكن حسن الجديد في أقصا المدينة
وهكذا مرّت أيامهما هنيئة سعيدة لا يكدر صفوها مُكدّر
وذات يوم من أيام اللهِ, وبينما كان حسين يزاول تجارته
لمح ...

يتبع إن شاْء الله



خليل عفيفي 28-06-2013 02:54 AM

أخي الغالي ناجي جوهر
دائما ما تكتب لتثري ولتعالج موضوعا بين السطور
هكذا هو الكاتب المثقف الذي يكتب لغيره ولا يكتب لذاته وحسب
لك التقدير والاحترام

عبدالله الراسبي 28-06-2013 01:26 PM


اخي العزيز ناجي جوهر تسلم على هذه القصه الرائعه
نص جميل وسرد اجمل
ودمت بكل خير وموده اخي الكريم
وتقبل تحياتي

سالم الوشاحي 29-06-2013 10:32 AM

أخي الغالي ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صفحة مليئة بالرقئ والفن ... وسرد أنيق

ينم عن فكر وثقافه جميله ...

يعطيك الف عافية ... نحن من متابعينك إن شاء الله

سجل إعجابي تقديري العميق

أم أفنان الرطيبيه 30-06-2013 09:59 AM

اسلوب مشوق وراق جدا
اعجبني هذا السرد والنص الذي ينم عن ذهبيات قلمك المبدع
دام عطائك

جمعه المخمري 30-06-2013 01:54 PM

ناجي الجوهر:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
ها أنت تجدد عهد الابداع مرة أخرى..
بجزء ثالث وممتع...
قلم يستحق الاشادة والمتابعة...

تحياتي لك أخي الغالي

ناجى جوهر 02-07-2013 02:07 AM

رد
 


السلام عليكم أستاذ / خليل عفيفي
أعتذر عن تأخر ردي
لا عدمت تبل أخلاقك و لاثقافتك الغزيرة أيها البدوي النبيل
وتقبّل فائق تحياتي


ناجى جوهر 02-07-2013 02:10 AM

رد
 

السلام عليكم أيها الأخ العزيز عبدالله الراسبي
يؤسفني تأخر ردي
ولكنني أعرف نبل أخلاقكم
فتقبل تحياتي


ناجى جوهر 02-07-2013 02:14 AM


أخي الشهم النبيل / سالم الوشاحي
لا زلت تقف إلى جانبي وتشد إزري
إمتناني لا حدود له
وتقبّل تحياتي


ناجى جوهر 02-07-2013 02:19 AM


و أخيرا يا أم أفنان ..
صراحة ما لم نقرأ لك إبداعا جديد
فسأدخل باب العتاب
لا داعي للقسم ..
ولكنني أتطلع بشوق
إلى رائعة من روائعك القصيرة
وتقبّلي تحياتي



الساعة الآن 04:43 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية