مجرد حلم !
مجرد حلم
جلست وحدها، منفصلة عن الأشياء، متحدةً مع نفسها, وجلسَ هو كما جلستْ تمامًا، الفرقُ بينهما هو أنه يغالبُ حياءَه، وهي يغالبُها حيائُها، المسافةُ بين كرسييهما أمتارٌ قليلةْ، تتلاشى المسافةُ عندما تفاجئُه بيدِها ممدودةً على لوحِ الكتابةِ في كرسيّه، تختفي جميعُ الوجوه حولهما خالقةً جواً من الخُصوصيَّة المربكة، يُنزِلُ بصره ليَدِها، يتأمَّلُها تأمُّلاً مُسكِراً، بيضاءُ مائلةٌ للصُّفرة المشعَّة، عليها دُكنةٌ أنيقةٌ عند مفاصلِ الأصابع، وأصابعُ ممشوقة متباعدةٌ عن بعضها قليلاً، وأظافرُ لم تقلّم لأيام جعلتها أكثر إغراءً، لم يكن يتوقَّع يدها بكل هذه النَّظارة، شيءٌ وحيدٌ أثر على جماليةِ الممدودةِ على الطاولةِ ولمْ يلغها، أظفرُ الأصبعِ الوسطى به ثلمةٌ ملحوظة، ينفقَ لحظةً طويلةً يتأملُ تلكَ الثلمة.. وما زالت اليدُ على اللوح ممدودة إلى أمدٍ لا يعرفُ أجله.. يعمُّ البياضْ. ثلاثُ ودقائق فقط وستقامُ صلاةُ الفجر، يحثُّ خطاهُ أملاً أن يصل قبل تكبيرةِ الإحرام، يصل لأذنه صوت خفيف كأنه ينادي باسمه، يلتفت، محمد، أحدُ أقرانه.يمد محمد للمصافحة يدَهُ وهو مقبلٌ لصاحبنا بخطًا حثيثة، وكالتماعِ البرقِ يتذكَّر مشهدَ اليد الممدودة.. يضحكُ بوهَنْ.ويمضيانِ معًا بصمتْ. صوتُ الإمامِ أجبرهَ أن ينسى الدنيا لدقائق، وبعد السَّلام، مدّ محمد يدهُ ليصافحَ صاحبَنا، ومن جديد يتذكرُ المشهدْ، اليدَ المدودة، ولكنّه هذه المرةَ بكاملِ تفاصيله وجزئياته المُغرِقةْ، بدءَ المسجد يفرغُ من المصليّين، وصاحبنا ما زال يتأمل الكفّ الممدودةَ على اللوح،.. حفظهُ لتفاصيلِ المنامِ وتفاصيل اليد لدليلٌ على أن الرؤيا مسكونةٌ بمعنىً لا يعرفه.. سيحاولُ أن يسرق اليومَ نظرةً ليدها ليتأكد إن كانت هيَ كما رآها في المنام، ولنْ ينسى الثُّلمة في الأصبع الوسطى، موعدهمْ الساعة 12. كعادتِه.. يدخل غرفة الدرس متأخراً بضعَ دقائق، وكعادتهِ يجلس بنفسه نائياً عن العيونِ في الركنِ القصيِّ من الغرفة، يأمرهمْ الأسمرُ الطويلُ الذي يقفُ على رؤوسِ الجميعِ أن يتَحلَّقُوا، يختارُ لنفسهِ في الحلقة مكانًا يقابلها فيه، خبثٌ برِئ، يسترقُ النَّظرْ، يداهَا خارجَ مرمَى بصرِه وكأنها تخفيهما عنه، ينتظرُ بلهفةٍ وأملٍ لعلمهِ أنها ستحتاجُ أن تكتبُ، وعندها سينْقَضُّ بِبَصرهِ على يَدِهَا لينالَ بغيته.. كفُّ الأسمرِ الطويلِ تقعُ على كتفه بلطفٍ، ينظرُ ليراهُ يبتسمُ له معاتباً: -You have to work with the group! -Ok. Sorry. يبتسمُ على سخافةِ الموقف، يلقِي نَظرةً أخيرةَ تِجَاهَهَا، عيناها مصوبتانِ نحوَه ، يراقبُ حركةَ عينَيها، هما غارقتانِ ساهمتان.. يتابعُ خطَّ مَرماهُما.. الخيطُ يُوصِلهُ إلى يدِه. طلال النوتكي 4\ 7 \ 2012 |
اخي العزيز طلال النوتكي قصه جميله جدا ورائعه تسلم على هذا النص الطيب والجميل تقبل تحياتي |
أخي العزيز طلال النوتكي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته سرد رائع ولغة جميله تميزت بها أبدعت في تفاصيل هذا الحلم سجل إعجابي وتقديري أيها الأصيل |
اقتباس:
شكراً لمرورك على قلبي |
اقتباس:
أستاذي سالم الوشاحي شهادة منك لها فراغ كبير في قلبي الصغير |
أخي العزيز
طلال النوتكي... بصراحة عشت تفاصيل القصة تماما..لحظة بلحظة.. استمتعت بالقراءة ...سلمت يمناك ايها الراقي كل الاحترام و التقدير |
أخي طلال النوتكي تمتلك سرد جميل لاحداث جميلة
عشنا اجواء حلم هنا .. قلم مميز .. كل التحية لك .. |
اقتباس:
تحيتي الصادقة |
اقتباس:
|
اقتباس:
اهلا بك اخي طلال هنا وانت تطرق ابواب القصة القصيرة طرقا هادئا ورائعا قصة متسلسلة الأحداث ربطت بين الحلم والواقع بطريقة متميزة وأسلوب أخاذ تحيتي لك |
تفاصيل نغفل عنها، لكن ما وراء ستار الفؤاد أسرار كثيرة
ومنها تمثل في اهتمام محمد بمسألة يد أنثوية وحيدة جذبته.. أسلوب شيق بالفعل، وتفاصيل ملفتة.. سلم إبداعك أخي طلال.. خالص تقديري^^ |
الأخت رحيق الكلمات شكراً ^_^ |
الأخت أمل فكر مرورك وإطرائك أكثر تشويقاً شكراً لروحك |
قصة جميلة تسلم اخوي
ف انتظار جديدك |
شكراً أختي ^_^
|
أشاعرٌ و قاص !!
مدهش ^ ^ قصة جميلة و حُلُمٌ أجمل . . لديكَ أخطاء بسيطَ جدًا في بعض الهمزات > لا يهم ؛ ليست قصيدة و هذا الأهم ^.^ سلامي لـ " زياد " peace =) |
عزيزي علي الكمزاري...
روحك الأجمل دائمًا، شكراً على الإطراء الأنيق! Who is زياد ؟!! |
أول مرة أكمل قراءة قصة
(أو المرة الثانية للامانة) . . يعني . . . ذكرتني بكل شيء خارج نطاق البوح > الحمد لله أني لا أجيد القَصَصْ ! غفر الله لك طلال ما أعذب خبث براءتِك ! |
نسيت كل شيء اسمه نقد وخطأ وضعف وركاكة
أقعدتني مقام المتذوق المحض ! كالذي يخشى أن يركز مع الإمامِ فيفسد تدبرهُ وخشوعه ! |
يا إلهي يا إلهي!
يوسف أرجوووك خف عليّ، عاد ما كذا!!!! عموماً أشكر تذوقك الراقي وبرأتك الأنيقة ^_^ لك الود والتقدير |
وحيدة كالقمر/ شكراً لسطوعك هنا / شكرا
|
مشكور
قصة رائعة |
عاشقة كندا
من روعتك! |
الساعة الآن 09:48 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir