كثيرا ماتمر بمخيلتي حكاية بائعة اعواد الثقاب حينما ارى تلك المناظر المقحلة من الاحاسيس والخالية من العزة والانفة . فتاة عمرها لايتجاوز الخمس سنوات او طفل لايكاد يفقه القول منشرون في ارجاء الاسواق المبعثرة .


في احدى المرات كنت منطلقا من مقر عملي بمسقط متجها الى بلدتي الصغيرة فتوقفت قليلا كي املأ خزان الوقود . بأحدى محطات تعبئة الوقود بالعاصمة . لم اكد افتح النافذة لاخبر الموظف ان يملا الخزان واذا بفتاة لاتكاد تبلغ الخمس اعوام تطل علي مادة يدها " ياعمي ارجوك ساعدني واشتري مني هذا البخور " وبدات تشرح لي عن ظروفهم وان الوالد قد مات وانهم في حالة مادية يرثى لها
فلم املك الا ان اساعدها . ثم انصرفت عائدا الى بيتي وانقضى ذلك اليوم .

وفي مرة اخرى رايت الفتاة في نفس المكان ولكن بصحبة اخٍ لها اصغر منها ولكني وقفت بعيدا فقط اراقبهما وهما يتنقلان من سيارة لاخرى . هناك من يراف بهما وهناك من يزجرهما وبعيدا هناك رايت سيارة تراقب الطفلان كما افعل انا ولكن في تلك السيارة كان هناك رجل وامراة وطفل صغير يراقفبان الموقف ولكن بقلق اكبر

فاخذني الفضول الى ان اعرف ماسر تلك العائلة فضللت قاعدا لم احرك ساكنا ومازال الطفلان يتنقلان بين السيارات ... وقد كانت اصوات بعض الناس مرتفعة ..
كالعادة الفتاة تقول لاحد اصحاب السيارات " ياعم ساعدني واشتري مني وتشرح الظروف " ولكن رد عليها شخص كان يركب بجانب السائق " انا امس جاي هنا واشتريت منك " واخذ يقول لصاحبه " ماعليك منها ياسعيد هذي عيارة لامحتاجة ولا شي كل يوم تجي نفس المكان والبخور اللي تبيعه مغشوش " هنا بدات الطفلة تتوسل " هذي اخر مرة ياعمي وانا محتاجة والبخور امي تسويه انا بس ابيعه " قال السائق " ياسالم هذي بنية فقيرة خلينا نساعدها ونكسب اجر وماراح تعيدها مرة ثانية "
ومازلت انا اتابع الموقف بصمت ولكن العائلة في السيارة الاخرى تراقب ولكن القلق يبدو وقد ازداد .

فتكرر الموقف للفتاة اكثر من مرة عندها لاحظت ان الرجل في السيارة الاخرى يلوح بيده للفتاة بان تاتي ليشتري منها ويساعدها ...
ولكني تفاجأت عندما اقتربت الفتاة من السيارة لم يشتري الرجل وانما فتح الباب لها وصعدت هي واخيها وانطلقت السيارة ... عندها بدا الشك عندي بان ذلك الرجل انما هو والد الفتاة والطفل
فكم تالمت لحال هذا الرجل فهو لايملك من العزة ولا الكرامة شي ...فكيف سولت له نفسه ان يفعل باطفاله هكذا ... جعل منهما متسولان وكاذبان ... هناك من يرأف بهما وهناك من يزجرهما ...اضاع الطفولة والراءة من اطفاله واصبحا متسولان وهو على قيد الحياة ...

فاين بائعة عود الثقاب التي ماتت بعد ان اشعلت اخر عود ثقاب وهي تحاول ان تدفأ نفسها
فهي كانت بلا اب ولا ام ولا مأوى