مجرد بقعة حبر,,

[علي محمد الشحي]

إنه الشتاء؟؟,, تتمتم بينها وبين نفسها,,

تعد فنجانا من الشاي ويداها ترتجفان,,

البرد قارس ,,تتساقط الثلوج في الخارج,,

درجة الحرارة تحت الصفر ,,تجمد الماء في صنبور المياه,,

فتحت العاصفة ثغرها المملوء بالحمم المتجمدة,,

العصافير إختفت في العدم ,,فلا تغاريد ولا أناشيد صباحية بلبلية,,

الورود أصبحت أساطير ,, والنسمات العليلة أخذها النسيان ورحل,,

نامت الأحلام الوردية على قارعة الأماني,,

ماذا حدث للشمس؟؟ إنه لأمر غريب !! منذ متى والثلوج تتساقط على الأرجاء!!

آآه يا ليلى.. قالتها وبصمت أيضا,,

بالأمس كان الشتاء ,,وأتى الشتاء ,,وسيأتي الشتاء,,

إنها حكاية ألف شتاء وشتاء يا ليلى,,

أخذت فنجانها متجهة إلى غرفة الجلوس ,,,

جلست مطلقة آهة أخرى ,, هل هي من آثار التعب أم من آثار الشتاء؟؟

لا بأس إن سمعنا أغنية لفيروز أوعبد الحليم حافظ,, ليكتمل المشهد الدرامي الشتوي,, قالتها بصمت,, مرتشفة رشفة من فنجان الشاي,,

أغمضت عيونها قليلا لتسبح في فضاء واسع لبرهة,, تنعشها حبيبات السكر المتلاشية في الفنجان ,,

لم تهنأ بغفوتها ,أفاقت فجأة ,,

حيث أن الخبر العاجل كان كالسيف القاطع لحبل أفكارها,, فاجأها !!!!!!,,

خطب جلل؟؟ ماذا هناك؟؟ تسائلت,,

أياد بيضاء ترفع لوحات ولافتات في الشارع المزدحم الذي إعتادت أن تمر به وهي ذاهبة للتسوق,,

المذيع ينعتهم بالذئاب التي تحاول أن تزعزع أمن الشعاب ((الشعوب)),,

هناك أناس ترتدي الأشجار وتحمل المناجق والهراوات تحاول قمع أيادي الذئاب البيضاء,,,

تسمّرت ناظرة بعيون تملؤها الحيرة ,,, تكلم نفسها ,, االذئاب تنادي بالحرية!!!؟؟؟ ما هي الحرية يا ترى؟؟

ربما هي إحدى النعاج التي تريد هذه الذئاب إلتهامها,, ومرتدو الأشجار يحاولون الدفاع عن تلك النعجة,,,

لا لا لا لا ,,تفكير سوقي ,, ربما الحرية هي إحدى الحوريات الضائعة من إحدى الأساطير ,, و... ,,

ليلى ,,ليلى تريثي قليلا,, قالتها وبصمت,,هناك الكثير من الكلمات الكثيروالكثير,,كل الأذوب تنادي بها بل تنشدها,, تغنيها

,, حرية ,,عدل,,مساواة,,.عيش كريم,,....

سمعت الكثير من الكلمات من بينها كلمة أعادتها للطفولة,,

(الوطن),, هذه الكلمة كم سمعتها منذ نعومة أظافرها,,

في المدرسة دائما كانت مع زميلاتها ومعلماتها ينشدون للوطن,,وخدمة الوطن,,

تنفست الوطن,,شربت الوطن ,,سمعت الوطن,, وشمت الوطن على قلبي,,

لكن أين الوطن ؟؟قالت ليلى : أين الوطن ؟؟

وطني وطني ,,

وطني يا نهرا للخير ,,رمزا للحرية والعدل,,

وطني يا تاجا للرأس ,,وطني يا عشق أبدي,,

وطني يا حضنا دافئ,, وسماء تحوي غيمات,,

وطني أزهار وسنابل,, وطني يجري في الشريان,,

الله ,, قالت ليلى: كم هي جميلة هذه الأناشيد التي تحكي الوطن منذ الطفولة ,, ولكن,,

وطن من هذا؟؟ هل هو وطن الذئاب ؟؟ أم وطن مرتدو الأشجار؟؟

ولم اللافتات والشعارات والهتافات والمطالب

ماذا حدث لك أيها الوطن؟؟

هل هناك من يسرق الحليب من ضروع أبقارك السمان؟؟

هل هناك فعلا من يخونك ؟؟ من؟؟ كيف؟؟ ولماذا؟؟

,,

,,

لم تجد ليلى إجابات ولن تجد ,, برد الشاي بل تجمد,,

قتلت أغنية فيروز وعلّقت كلماتها على أسوار الشاشات,,,

دخل الشتاء من جديد ,,لا ربيع ولا خريف,, لم الشتاء أيها الشتاء!!!

رحم الله وطنا عرف قدر نفسه,,,

مجرد بقعة حبر,,,