دموع على أرصفة مطار هيثرو

[محمد الطويل]

التقينا هنا في مدينة الضباب هي الخطوات اﻷولى لكم وهو اللقاء اﻷوحد لي زانت الدنيا بأكملها حتى أصبحت الغربة وطنا .. لكن سرعان ما تحول الوطن إلى جرح .


كيف لا وانا الوح بمنديلي عليك ﻷلقي سلام الوداع .. كيف لا ...وانا الدمع اراه على وجنتيك ينسكب ودمعي خبأته بين الجفون وقلبي .. كيف لا ويداك تلتف حول رقبتي وبين عينيك خيارين اما أن ارحل معك أو أن ترحل معي .. لكن الزمان لم يقضي لنا بذلك بل آثر أن يفصل بيننا فذهبت أنت في طريق خلف الجبال وخلف المحيطات والدمع لا زال يسيل وقد جرح خدك من ملوحته .. وانا عدت من جديد إلى الغربة استند على ذكرياتك ورائحتك وصوتك وأماكن كنا فيها باﻷمس معا .. أخبئ ما تبقى منك في ذاكرتي واخبئ بعضا منها في حقيبتي اليدوية كما اخبئ البوم الصور في هاتفي المحمول .


ها أنذا في مطار هيثروا أقف وحيدا بعدما كنت مشغولاً بك .. ها أنذا في مطار هيثروا اسمع نحيبك من خلف زجاج المطار واحاول أن ان لا اسمعك ﻷني لا أملك خيار منعك من السفر ولا بيدي جواز سفري كي اقطع تذكرتي وارحل معك .


كلانا معلق بأقداره . لهذا لا أدري ما أقول لبورسميث إن سألتني الجون وولف عنك.. او حدثني الكوميشن رود عنك .. أو سألتني طرقات الجزيرة النائمة في اويل اف وايت ..
مؤلم حد التذكر وموجع حد الغثيان ولكن لي بارقة امل ستجمعنا على ارضنا اﻷم هناك في عمان المحبة حينها لا فراق ولا وداع .


نعم هي دار احن اليها كحنين اﻷب ﻷطفاله وكحنيني إلى احبتي ففيها لا وداع ولا فراق .. وحتى تلك اللحظات التي كلانا ينتظرها سأحاول أن أتصالح مع نفسي كي أعتاد على غيابك وسوف احاول أن اتصالح مع اﻷماكن كي لا تعود تزرع خنجر السؤال المسموم في بحثها عنك وسوف احاول ان اتناساك كي اعود اعشقك من جديد .


لا أملك خيار غير ذلك وشعرك العالق في المكان سأحاول أن أغمض عيني عنه حتى وإن لامست شعراتك المتساقطة أكتافي .

وحيداً يا بورسميث .. عدت اليك وحيدا كنقطة البدايات فخلف جلباب الليل سافر أحبابي حينما كان الليل مسجي على الشراشف الدافئة .. وحينما نامت الهمسات خلف السكون وانكفأ المطر بعيدا تاركا للعاصفة حفيف شجر لا يهدأ أو ينام .


سافر احبابي وعدت كما كنت اليك غريبا ووحيدا فسلام على دار زارها الفرح قليلا ثم اشتعلت بحريق الذكريات .



29 أكتوبر 2013م .

- محمد الطويل
- من مطار هيثرو الدولي


جزء من النص مفقود ............