اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شاكر العلوي
تحية للجميع
رأيت ان هذا النص يستحق وقفة تأمل ما من نظرة قارئ يقدر قيمة الشعر في الحياة لما وجدت به الشيء الكثير الذي من الممكن الحديث عنه ولعل أهمه شكل النص الذي لا اعرف ان كان مجموعة من مقاطع لنصوص سابقة للشاعرة ام انها مقاطع منفردة تشكل نصا تتراوح بين العمودي والتفعيلة وفي كل الأحوال فانا اراه نصا مترابطا لحضور الفكرة الرئيسية من البداية إلى النهاية بترابط المقاطع والجمل الشعرية.
لكنني لا بد ان اذكر وأوضح كعادتي ان ما سأذكره ليس نقدا أو رؤية نقدية حتى لا اتهم باقتحام النقد انما هو رأي لا اكثر لمتابع للشعر. كما إنني لست مترجما هنا بقدر ما انا متأمل لمعنى الصورة الشعرية .
لأكون هنا بعد غياب
وليقيني بأن هنا قلوب بيضاء..
كان لا بد أن أحضر مع "دندنة على أوتار الروح"
وهي ليست إلا بعضاً من ذاتي - أقصد بعضاً من كتاباتي-
فـــ لكم هي..
/////////
(1)
تعوّد
تعودنا نشوف الحلــم واقف بآخر الطابور
ونظراته علــى اول طريــقٍ ساكنٍٍ فينا
تعودنا على جمــر الضلوع الناحلات البور
تشبّ أكبادنا جــوع الحيــاة ومـا تطفينا.
في هذين البيتين نرى الاعتياد على بعد تحقيق الاحلام بل ربما عدم تحققها ليصير الامر عاديا بالرغم انه لا يراوح أرواحنا فهو ساكن في طريق ما بداخلنا والسكون هنا ليس عدم الحركة بل الاقامة الدائمة وايضا المتحركة بدواخلنا لنستطنق من البيتين صورة شعرية ليست مبتكرة تماما لانها ترددت بشكل مختلف هنا وهناك لكنها مختلفة الربط اللغوي المؤدي الى معنى مختلف .
(2)
وُحدة
على كثر البشر حولي أحس إني وحيدة حيل
واحس بشي ناقصني/ وانا أملك كثير أشياء
وعلى كبر النهار اللي يطوقني/أشوف الليل
يحاصر سكة اوهامي ملامح ملّها الإعياء
في اعتقادي الشخصي انه لا باس من احضار صورة شعرية لمعنى سائد متداولة لعدة مرات خصوصا ان كانت بطرح مختلف اذا كان ذلك لصالح نص يختلف تماما عن ما سبق تصويرا ومعالجة فشطر البيت الاول للمقطع تشعر بانك قراته سابقا لكنه يأتي مختلفا ليؤدي بك كقارئ الى معالجة وصورة شعرية مختلفة فان اقول انني بالرغم من وجود الناس حولي اشعر بالوحدة وان هناك ما ينقصني برغم امتلاكي الكثير فهذا لن يختلف عن البيت الاول لكنه قد يكون مدخل للبيت الثاني الذي تصور الشاعرة به النهار كالطوق في تعبير جميل عن الاستسلام ولكن لحرية ما التي لا تمنع الليل من الظهور ليحاصر الوهم بملامح مل منها اعياءها نفسه!
(3)
خيانة
غريبة/
حتى هالسواقي تخون..!!
تصرخ فوجه التراب
إن بخلت وما عطيتك/
وش تصير؟؟
غير أرضٍ قاحلة
متساءلة
أرضٍ يباب
مــ حضنت إلا السؤال :
ليه طيب هالسواقي تخون؟؟!!
::
::
يالسواقي وش جنيتي غير موت الياسمين؟؟
........................جاوبيني كــان لدموعـك حـروف وفهميني
ليه ندفن في عروشك من عطشنا حاجتين:
........................حاجة ما تروي ضمانا وحاجة ملّتها سنيني؟؟
في هذا المقطع يحضر الشعور بالرمز او بوجوده لكن حين التوغل اكثر قانك تجد اخي القارئ ان التصوير الخيالي والتشبيه هو الحاضر أكثر اضافة الى ابتكار جديد في تكوين الصورة الشعرية مقترنة بجمل أكثر احساسا بالمعنى فكيف يمكن (للسواقي ان تخون)؟! وهو سؤال نابع من تعجب الشاعرة ، سواقي غريبة تصر وتفصح عن امتناعها عن العطاء!! وتعرف ماقد يحدث لو امتنعت..وكعتاب لمفقود فان الشاعرة تخاطب السواقي مذكرة لها بانها سبب بموت الياسمين وتنظر الاجابة بشيء من الندم ثم تستمر في التساؤل في تصوير جميل سهل التلقي لماذا ندفن بك حاجتين بسبب الظمأ الذي يعترينا دون ان تخبرنا هاتان الحاجتان.
(4)
عيب
تجي تصرخ فوجهي ما درت عن حاجتي للفلس
وانا أتراجع بخطـوات ذلّـي وألعــن الحاجة
إذا كان الفقر عيبـي/ ترا أكبـر عيوب النفس
تشوف إنسان يقتات الظلام وتطفــي سراجة
كما في المقاطع السابقة فان البيت الاول دائما ياتي كمدخل ليس الا ففي البيت الثاني صورة شعرية في غاية الجمال والعمق والابتكار
(تشوف انسان يقتات الظلام وتطفي سراجه)
فما هو اصعب تقبلا في النفس البشرية من انك تحطم انسان مكافح متمسك حتى بالظلام ساعيا للاستمرار في الحياة دون يأس ليس لديه سوى سراج وحيد يساعده على المضي ثم يأتي احدهم ليطفئ ذلك السراج .
(5)
ضياع
من ذاكرة دم الشوارع يرتوي مليـون جرح
ومن حزن أعوامي تخط الذاكرة لحظة وداع
ما جبتها إلا لنفسي وآنا أبنـي الحلم صرح
ومـا جبتها إلا وانا ازرع حقولـي للضياع
يمكن ان يكون هاذان البيتان على لسان صاحب تجربة غير الشاعرة فدم الشوارع اكثر ما يشير الى حوادث الطرق ان استبعدنا دماء شهداء الدفاع عن وطنهم ايا كان لكن في كل الاحوال فارى نظرة سوداء للمتحث هنا اقرب للاحباط فبرغم الدماء التي سالت لم يحث تغيير ما برغم ما تم بناؤه من دافع الأحلام مع اقتران ذلك بحدث معاكس وهو ضياع حصاد ما تم زراعته .
(6)
عطش
(عطشانتـك)...والليل مـا فكّر ينام..
طوّل.. وانا أرقب رجوعك واحترق
(عطشانتك)..والصبح يعـزف لليمام
معزوفة غيابـك وانـا كلـّي أرق
في داخلي تضمـى سنينك عام/عام
وفـي داخلك تتناثـر أشلائي ورق
هنا لغة عاطفية حتى وان لم تشأ الشاعرة الذهاب لمعنى مشابه فهنا انتظار بعطش للقاء ورغم الاحتراق فالانتظار مستمر كتصوير عميق للصير والتحمل بل ان الصبح يعزف لليمام عن الغياب رغم الارق الذي تشعر به ثم تخاطب الشاعرة الضمير الغائب مذكرة له بوفاء مستمر قوبل بجفاء تام في صورة شعرية تركيبية جميلة.
(7)
بعثرة
بنيت لك "دولة حنين" بداخلي وبعثرت أشيائك وراي
...................................حتى أنا بعثرتني من ضمن أشيائك وانا لك أنتمي..!!
بيت شعري جميل في غاية الاثارة فقد بنت الشاعرة دولة كاملة للحنين لكنها بعثرت كل اشياء المخاطب ورائها ربما دلالة على محاولة النسيان بل ان بلغ بالشاعرة ان بعثرت نفسها مع تلك الاشياء تعبيرا جميلا وعميقا عن مدى السخط للجفاء والصد والفارق .
(8)
طهر
(ثلاثنيني) بدت تشرق وانا في داخلـي طفلة
حواها كل طهر الأرض/ لكن طهرها كاذب
تلاعب هالأماني لجـل تعطي للفـرح مهلة
وتخذلها أمانيهـا وتتحـول/ (وجه شاحب)
كساه الليـل سندس هيبتــه وتكوّنت جملة:
(أنا طفلة وحيدة ما لها في هالوطن صاحب)
وهنا كما اسلف عدد من الشعراء فهذه حالة خاصة تعبر عن دخول مرحلة عمرية جديدة هي في ذاتها لها الكثير من الدلائئل ربما ابرزها وداع الطفولة وانطلاقة الشباب بالرغم انها مرحلة تضج بالشباب الناضج من ناحية واقعية طبعا لكن الشاعرة تناولت الموضوع بشكل مختلف في مشهد اكتسى بالعفوية والبراءة تماما كما هو حال الابيات والصورة المتضمنة لها فدخول الثلاثين تبادى كشمس مشرقة مما يعني حضور شعور بامل بالرغم ان هناك اشارة للنفس بوجود او باستمرار طفل بهذه النفس في تصوير جميل بالبيت الاول لكن القارئ قد يصطدم بتعبير مربك فيما يبدو بان الطفلة التي حواها طهر الارض طهرها كاذب لكنني وبوجهة نظر خاصة ارى ان تلك الجملة ليست الا عتابا للذات لشعور آني معين عند كتابة البيت بخطأ ما يعاكس احتواء الطهر وحين التمعن اكثر فاننا نشعر فعلا ببراءة المتحدث التي نابت عنه الشاعرة او لنقل طهرها فهناك فيما سياتي من البيتين صراع داخلي متضاد داخل الشاعرة حول حقيقة الهدف او براءة الروح بالنظر للسلوك الوارد في حياة تلفها كثيرا اماني كثيرة تسعى لفرح ولو مؤقت لكنها تتحول لوجه شاحب حين تخذله تلك الاماني.
أنها طفلة وحيدة كما تؤكد في خاتمة المقطع وقد يشير ذلك لشعور بفقدان انسان ما تشعر الشاعرة بان وجودة قد يعيد الشعور بالطفولة والبراءة والطهر.
(9)
كذب
عفوا أكذب..ما فرحت..!!
كيف أبفرح والأمل شيخٍ ضرير؟؟
مر في دربي وغادر
وما عرف للدرب آخر
بس يمم شطر أحزانه وسافر!!
هذا مقطع قصير لكنه يعبر بشكل كبير عن غياب الامل بلغة شعرية عاطفية جميلة وسلسة.
(10)
حنين
حنين..ويكبر فصدري وطـن يتكحل بطهرك
يعانق شيطنة روحـي إذا مـ تعلقت باشياك
دخونك/دفترك/ورد السنين السادن بعطرك
ولفة شيلتك/ساعتـْك/كحلك/ طيبة محياك
يا روعة هالسنين اللي تسايرني على عمرك
يا حلمٍ ما انتشى إلا لجل أسهر وهـو يفداك
في هذا المقطع عفوية عاطفية جميلة بلغة سهلة مرنة ان صح التعبير فهنا استحضار انسان قريب من القلب من خلال اشاياء حاضره في الواقع تذكر بغيابه باستمرار وها تصوير سهل وجميل .
(11)
انتظار
هذا وجهك؟؟!!
ما عرفتك!!!
صارت أوصافك غبار
وصارت أحلامي قَفَار
ما عرفتك!!
هذا وجهك وإلا وجه الانتظار؟؟
مقطع آخر قصير به ما قد اسميه المشهد (الدرامي ) ان صح التعبير وهذا اسلوب حديث في المعالجة الشعرية لكنه يحتمل الابداع الكثير والابتكار.
(12)
مرور
تمريني وأنا المنفي بحد الذاكرة والموت
يمر حزنك بسكة العيون وترتعش رهبة
تمرين الوجع بآخر حنايا همّي المكبوت
تدوسين بخطاك الروح فيني وتنكسر رغبة
وصف دقيق لوجع الذاكرة والفقد والاحباب
(13)
موت
وداااع وكل ما فينـي حزيـن بموتتك يبكيك
.....................وداعٍ يا طهر ذيك السنين اللي لهـا بشتاق
رحلت وما رحل هذا الحنين اللي بقى ينعيك
....................رحلت ومن بقى بعدك يواسيني على الفراق؟
بعفوية لغة سهلة جميلة هنا وصف الوداع المر في مضمونه المتقبل شكليا بصورة شعرية سهلة لكن معبرة دون تكلف .
(14)
أمنية
ودي أكون إنسان منسـي ومجهول
.........................الكل ناسينـي وانــا أجهـل الكل
واعيش في دنياي بالعرض والطول
.........................لا لي عـدوٍ في حياتــي ولا خل
استذكر هنا بعض ابيات الشاعر عمر الخيام في رباعياته وايضا ابيات من اشعار الامام الشافعي رحمه الله ورضى عنه فبكل عفوية بريئة تنفر من الابيات السهلة حالة وجدانية خاصة تشتاق للعزلة ربما التامة ربما دفع ذلك راهن ملئ بالاحقاد والشرور والغدر بعيد عنه الحنان والطمأنينة والامان والحب لتكون الوحدة خيارا افضل .
(15)
سؤال
لاصرت في درب البصيرين أعمى
........................وينه عصاي يدلني مسلك الدرب؟؟
في بيت واحد شاعري جميل يتجلى البحث الغامض والمجهول عن الحقيقة رغم اتضاح دلائل كثيرة حتى انه لا برهان يتضح في الافق على مدى نجاح المسعى.
(16)
حزن
وش سالفة الايام تحــرث عمرنا
وتزرع لنـا غربة والآم وجروح؟؟
إن كان هذا الحــزن خطه قدرنا
في دفتـره ما عـاد لشفاهنا بوح
شاخت مشاويـر الأمانـي وشبنا
حتى العصا ما تحمل لكبرنا روح
في الابيات الثلاث الماضية نظرة اقرب للتساؤل حول فلسفة الحياة الصعبة التي نعيشها فالتساؤل حاضر والابهام اكثر حضورا فالايام تحرث العمر وتزرع في هذه الارض غربة وآلام وجروح في تصوير شديد عن معنى الغربة والاحباط من الوصول للامل برغم الاذعان للقدر في البيت الثاني دون الحديث عن مسببات ما يحمله هذا القدر بل ان الاماني شاخت ايضا كما في البيت الثالث ومضى بنا العمر كثيرا حتى اننا لانقوى على التعكز.
(17)
تيمم
صلّيت ركعـــة غيبتك وانحنت أرض
........................بنيت فيهــــا حلم رجعتـــْـــك حارة
يا ساكن أوجاعي تيممت بك فرض
........................لكن ترابك مــــا رحمنـــــي غباره
من رؤية دينية او حتى من منطلق ديني هنا رجاء لغائب او بعيد ان يعود او يقترب او يحن .
(18)
طلب
إذا جيتك وانا كلّـي يباسٍ ما رواه المي
طلبتك إن ضميت لشربتك لا عاد تسقيني
يتحدث البيت عن عزة نفس بتعبير جميل وسهل الوصول فرغم الضمأ فهناك رجاء وتاكيد لعدم
(19)
يأس
لو عطشنا ما ارتوينا غير آهات ورزايا
لو يجوع الجوع فينا ما لقى كسرة رغيف
ذبلت البسمة وماتت بالجسم كل الخلايا
والشرايين استضاقت ما بها دمٍ شريف
صارت الدنيا سواد وشانت بعيني النوايا
ما بقى قلبٍ يحب ولا بقـــــى حبٍ عفيف
تختم الشاعرة المقاطع بهذا المقطع المغلف بالتشاؤم وجلد الذات .كما في مقطع سابق فهنا وصف بغياب الشرف واعتقد ان ذلك ينسب للمجموعة وليس للشاعرة نفسها التي اعتبرت نفسها ربما تخلت عن ذلك لقبول تواجدها بين مجتمع فاسد ( والشرايين اسضافت ما بها دم شريف ) وربما يكون المعنى يذهب لمنحنى آخر وهو فقدان انسان شريف كصديق او حبيب في هذا الزمان .
وكملاحظة فانه برغم اعجابي الشخصي بهذا النص فانني ارى ان الشاعرة تستطيع تقديم الافضل من الابداع ان استطاعت الربط أكثر سواء بين بعض الجمل في البيت او الابيات او حتى عندما يحضر النص في هذا الشكل المتعدد المقاطع والاوزان لكن هذا لا يعني ان الابيات الماضية من اجمل ما قرات مؤخرا .
ختاما احيي الشاعرة وما كان ما ذكرت هنا سوى وقفة تأملية في ابداع جميل اتمنى ان اكون وفقت راجيا ان تعذرني صاحبة النص ان قصرت او اسأت بشيء هنا او هناك متمنيا التوفيق لها مع تمنياتي بالافضل الذي واثق منه .
////////
فاطمة الكعبي
|
أخي الشاعر شاكر العلوي
أشكرك جداً على هذه الوقفة المتأنية أمام هذه المقاطع
وأشكر كرمك الذي تعودت عليه دائماً..
وعلى الرغم من أنك نظرت إلى النص ببنية متكاملة وعضوية واحدة، إلا أن هذا أمر لا يزعجني أبداً، حتى لو لم أكن أقصد ذلك، فهذه مقاطع متناثرة كتبتها في فترات مختلفة وجمعتها لاحقاً...وربما ثيمة الحزن هي الطابع المشترك بينها وهذا ما جعلك تنتظر إليها هكذا..
يظل لمرورك طعم خاص ولبصمتك شعور مختلف
سعيدة لأنك هنا
ولقلبك باقات لا تذبل
دمت بود
13-02-2011, 09:56 AM
العرض العادي
