إلى امرأة تعشق الكلمات

[حمد السيابي]

إلى امرأة تعشق الكلمات
أدعوك يا سيدتي إلى الكتابة .. كتابة كل شيء .. كتابة اللحظات وكتابة الوجوه العابرة كل يوم .. وكتابة الأماكن الساكنين فيها والساكنة فينا ..
أدعوك إلى ممارسة شهوة الكتابة .. إنها لذة ما بعدها لذة .. إنها عبور فوق المعقول واللامعقول .. عبور نحو ذاكرة المستقبل ..
اكتبي لحظاتك .. اكتبي سقوطك .. اكتبي مقاومتك للانزلاق نحو أمر ما .. مارسي هذا الحق المشروع بكل واقعية .. دغدغي مشاعرك بوقع كلمات عابرة ..
دعي مذكرتك رفيقة حقيبة يدك والقلم أصبع سادس في إحدى يديك ..
مزقي دفتر اللحظة بكتابة كلمة داخل سطر ضمن عبارة .. ثم اقرئيها وأنت تحلقين في معجم انتقاء الكلمات .. إن المشاعر الحميمة يا عزيزتي هي من تستحق ألم لذة الكتابة .. الأشياء الحميمة نكتبها ولا نقولها .. فالكتابة اعتراف صامت ..
اعترفي لنفسك بما يدور داخلك .. اخرجي من ذاكرتك عفونة الأيام المكدسة فوق رفوف اللحظات .. اسكبيها في إناء دفترك صافية رقراقة كدمعك الذي عهدته .. والذي أشتهيه في غيابك كجسدك .. آآآه وأنت بعيدة عن عيني .. قريبة من دفتري .. ملتصقة بذاكرتي .. ممزوجة بدمي .. بحبر قلمي ..
أسمع همسك .. أشم رائحة عطرك .. أتلمس جسدك الغائب بشيء من الجنون المدمر ..
كل شيء في حياتنا يستحق الكتابة .. عينيك مثلا تستحق مني الكتابة عن روعة جمالهما .. خطواتك المزلزلة للعابرين قرب رصيفك .. دلالك الزائد .. روعة اختيارك للأشياء .. عطرك اليومي .. فستانك الملتصق على جسدك المشتعل كحريق..
الأماكن المعطرة بأنفاسك .. الشوارع الشاهدة على جنونك اليومي .. الوجوه التي تعبرنا كل صباح ومساء .. تستحق منا روعة الكتابة وتستحق لذة العناء ..
خوضي غمار الكتابة ولو عبثا .. ستغرقين في وحل اللذة .. ستشربين نبيذ الكلمات وتسكرين .. ستنهضين كل يوم على رائحة عطر كلمات جديدة .. ستتنفسين هواء جديدا .. ستتغير الأمكنة أمامك كل يوم وبشكل غير معقول ..
ستصبح لحياتك معان جميلة ولكلماتك ذوق رفيع ولحروفك وقع السحر ..
قولي للآخر الذي يعبر أحلامك كل لحظة : (( أحبك )) .. قوليها بلغة الكتابة الصامتة .. وستسمعين دويها داخلك .. ستزيح عنك عبئا ثقيلا من التردد .. الذي ينهش جسد المشاعر المتدفقة ..
لملمي أوراقك الملونة بحبر جنونك المبهر .. أعيدي ترتيبها حسب قاعدة الانقلاب الغرامي للأشياء .. قولي للآخر الذي تتذكرينه وتتحسسين أماكن عبوره فوق خارطة جسدك .. قولي له بلغة الكتابة الجارفة : أين أنت ؟ .. وأجيبي عن تساؤلاتك من ذاكرة خوفك ، ألمك،سخطك .. ومن أوراق دفتر حبك ومن شموع ذاكرتك الممتلئة بوهج المواعيد القديمة .. ذاكرة جسدك وعطرك ولقائك.. وتاريخ موعد على شاطئ خيالي فقد مع الأيام ضياءه وعطره ..