روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »     انتفاضة [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     هموم مضت في فضاء الواقع [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     كفيف [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     ذكرى شاعرة في ربيع العمر [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     شوقان [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     جناح الخير [ آخر الردود : زياد الحمداني (( جناح الأسير)) - ]       »     عودة حميدة نتمناها للجميع [ آخر الردود : وهج الروح - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,475ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,733ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 7,980
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,440عدد الضغطات : 52,213عدد الضغطات : 52,320

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > القصة القصيرة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 25-02-2013, 10:49 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي

حكاية شعبية


أبو البنات السبع


الجزء الرابع


أغمي على ساعدة, ولكنه سرعان ماأستفاق

إذ أنَّ الحمار كان يلعق وجهه بلسانه, فلمّا عاد إليه رُشده

وزال خوفه, رأى أنَّ الحمار مطاوع له, فاقتاده إلى قصرأبيه

أما العيّار فإنه ذهب عند منتصف الليل ليسرق الحمار وعندما

فتح الزريبة ولم يجده عاد مُسرِعا إلى أبي ساعِدة وأبلغه

فداخلهما الفزع

وخافا أن يكون قد سمع مؤآمرتهما أحد وأبلغ الصياد

فباتا ليلة كئيبة وهما ينتظران رجال القاضي

أدخل ساعِدة و إخوته الحمار مع حمير و بغال أبيهم

ثم تَشَاوروا في أمره

فقال سعدون : أرى أن نصعد به غدا إلى غُرفة أبي

بعدان يستغرق في نومه ظهرا

وحين ينهض من قيلولته يجِد الحمار أمامه فيسُرمنا

و يعلم اننا رجالا ذوو حِنكةٍ و تدبير

فإبتهج إخوته لهذا الرأي الذي ظنَّوه سديدا

وعزموا و إتفقوا على تنفيذه

في صباح اليوم التالي

وعندما أراد أبا البنات السبع أن يخرُج للصيد كعادته

ذهب ليطعم الحِمار و يحمِّل عليه مؤنته

فوجد باب الزريبة مفتوحا و الحمار قد خرج

فظن أنّه خرج لوحده

وراح يبحث عنه في النواحي القريبة

حتى صار الوقت ضحى وفاته موعد الصيد

وحين لم يعثِر عليه أخذ يسأل كُل من يلتقي به و يقابله

و قد تملّكه الحز نُ وغلبت عليه مرارة خُسران قوت البنات

و بينما هو كذلك مر بِه أحد الصبية

الذين كانوا يعبثون مع ساعدة

فسأله و قد رآه حزينا : مابك ياعم ؟

فأخبره بضياع حِماره

قال الصبي : بالأمس وعندما كِنا نلعب

مر علينا إبن أخيك ساعِدة و كان مُلثما

و هو يمشي بإتجّاه كوخكم مشية مُريبة

فربما يكون قد شاهد الحمار

أسرع أبو البنات السبع إلى قصر أخيه و هو يُمنّي النفس

بسماع إجابة شافية من فم إبن أخيه

أو أن يُساعده في البحث عن الحمار

وحين وصل إلى باب القصر طلب من أحد الخدم

أن يستدعي ساعِدة

و الذي همّ بالخروج إلى عمه و هو خائف

من أن يكون قد كشف أمره

فاستوقفته أمه الجالسة على الدرج المشرفة على قاعة الضيوف

وسألته : إلى أين أنت ذاهب ؟

قال ساعِدة : إلى عمي أبي البنات السبع

سألت أمه : أين هو؟

وماذ ايُريد ؟

قال : إنه على الباب قد أضاع حِماره

و هو يتهمُني بسرقته.

كانت أم ساعِدة إمرأة جسيمة بدينة مُتسلِّطة

مع شراسة في أخلاقها و بذائة في لسان


ولها ولع شديد بأبنائها

ففي نظرِها هم أذكاء من إياس و أشجع من كُليب

و أجود من حاتم و أفقه من سُفيان و أنبل من عروة

فتُدللهم وتُنعِّمهم و تتساهل في تقويمهم

بل إنها تخالهم أشبه بالملائكة الكرام

فلا يُخطئون و لا يزِلّون

وعندما سمعت مقالة إبنها بشأن عمه

أخذتها العِزة بالإثم

فأرغت وأزبدت ثم هبطت كالصاعقة المرسلة

وقد شمَّرت عن ساعدها الغليظة, وإتّجهت صوب الصياد

ثّم وقفت خلف الباب وشرعت تكيلُ الشتائم و السباب

والقدح والذّم لأبي البنات السبع, و هو مذهول

لايدري علام تسبُّه تلك الشيطانة الرجيمة !!

ثم إنها صرخت في وجهه قائلة :

ماالذي جاء بِك إلى قصرنا أيها الفقير التعيس ؟

أجئت تستجدي قُوتا, أم جئت لتشفي غِلّك وحسدك؟

ردَّ الصيَّادُ مستهجنا فضاضة تلك المرأة :

إنما جئت لأسأل إ بن أخي إن كان قد رأى حماري

فقاطعته قائلة بوقاحة وغرور: يالك من نذل حقير

أتتّهمُ إبني الشهم النبيل بسرقة حمارك الغبي؟

يالجرأتك !!

يالوقاحتِك!!

ثم إستنفرت خدمها

وأمرتهم بإشباع الصياد ضربا و لكما.

فهب الناس الذاهبون والعائدون من السوق

والقاعدون على الطُرقات لنجدة الصياد المسكين

عندما سمعوه يستغيث ويستنجِد فخلّصوه

من أيدي الخدم و قد شارف على الهلاك

ثم حملوه إلى (الماريستان)

بينما أسرع بعضهم و أبلغ ا لقاضي بالحادثة

كان الوقت قد أوشك على موعد أذان الظهر

والمحكمة تكادت غلق أبوابها

فأمرالقاضي حاجبه بالذهاب الى الصياد قبل الصلاة

وأن يعرف منه ماحدث, ومن ثم يذهب إلى أبي ساعِدة

ويخبره بالأمر و يأمره بالمجىء إلى دارالقضاء بعد الصلاة

لعله يتصالح مع أخيه.

وصل الحاجب والنقباء إلى (الماريستان)

فوجدوا البنات السبع يندبن ويبكين بحزن ومرارة

وقد لبسنا السواد,وامتنعن عن الاكل والشرب

فرقّ الحاجب ومن معه لأولئك المساكين

ورثوا لحالهم المُتعثِّر

وبعد قليل من الوقت

أفاق الصياد من غيبوبته وهو يتأوه و يتألم

فقال له الحاجب : أخبِرنا يابُني

لماذا إعتدت عليك أم ساعِدة و خدمُها ؟

فأخبره, وهمهم الناس تأسُفا وشفقة

وهزالحاجِب رأسه تعجّبا !!

ثم أشهد الحضورعلى شكوى الصياد

وتوجه بعدها الى دا ر القضاء و أبلغ القاضي

بكل ما سمعه من فم الصياد

فأمره بِإستِدعاء أبي ساعِدة حالا

و عندما أقبل الحاجب و النقباء عليه و هو في متجرهِ

وعاينهم

إنخلع قلب أبي ساعِدة من مكانه وتشوّش خاطِره

وتملكه الخوف و الرُعب

وقد خالهم علموا بتدبيره مع العيا ر

وظل منكّس الرأس صامتا

مستسلما لمصيره ناويا على الإعتراف ...

يتبع

إن شاء الله

ناجى جوهر

التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 27-02-2013 الساعة 06:26 PM سبب آخر: أخطاء إملائية
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 26-02-2013, 12:28 AM
الصورة الرمزية نادية السعدي
نادية السعدي نادية السعدي غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
الدولة: في قلب الوطن
المشاركات: 85

اوسمتي

افتراضي

أخي ناجي قصة رائعة واسلوب جميل في السرد في اتظار البقية
تقبل مروري
كل التقدير
__________________
وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 26-02-2013, 08:07 AM
الصورة الرمزية سالم الوشاحي
سالم الوشاحي سالم الوشاحي غير متواجد حالياً
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,853

اوسمتي
وسام أجمل الردود وسام الإدارة درع الإبداع وسام الإبداع مميز السلطنة الأدبية وسام التميز 
مجموع الاوسمة: 6

افتراضي

أخي الغالي ناجي جوهر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سرد راقئ وطرح متميز بأسلوب

يتسم بالحبكه واللغه الجميله

أحييك ونحن من المتابعين لك أيها الأصيل

سجل إعجابي وتقديري العميق
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 05-03-2013, 12:17 AM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي

حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء الخامس

ولما وصلوا إليه بادره الحاجب بالقول :


أما لك من سلطان على زوجتك يا رجل ؟


الا تخافان الله ؟ أهكذا تصل رحمك ؟

أهكذا تساعد أخاك ؟

فإنها قد فتكت بذلك الصياد المسكين أبا البنات السبع

و كادت تزهق روحه

فأحس أبو ساعِدة وكأنّ جبلا هائلا قد أُزيح عن كاهله

عندما سمع خطاب الحاجب
وعلم أن لا أحد قد فضح كيده, أو كشف تدبيره مع العيار
فتحجر قلبه ...
و أنسلخ من آدميته, وصار وحشا كاسرا
و رد بحزم وجبروت : إن زوجتي إمرأة راجحة العقل

وهي لن تتعرّض لذلك التعيس

أو لأحدٍ سواه بمكروه ما لم يسئ الأدب

أو يرتكِب أمرا قبيحا يغضبها

أو يستفز مقامها الكريم !!

فلما سمع الحاجب منه ذلك,الكلام قال غاضبا :

فإن القاضي ينتظرك
فذهب معهم معتدا بنفسه, تكاد عنقه تندقُّ من فرط

الشموخ الزائف
وتنادى أخوال ساعِدة وعُصبتهم, وتوجهوا إلى دار القضاء

وقد كثُر لغطهم

لم يكن أبو ساعِدة يعلم أن الحمار موجودٌ في غُرفته

بل وفي خزانة ملابسه

عندما أسمعه القاضي شكوى الصياد فثار غضِبه

و إشتد سُخطه على أخيه
فهاج وماج, وأرغى وأزبد, وعلا صوته

و إرتفع صراخه وضجيجه

فسمعه الناس خارج دار القضاء, فأيقظ فضولهم

فقدموا مسرعين

وسمعوه يقول :

إنك غير منصف أيها القاضي, تتهِمُ ابني بالسرقة

و ليس بيدك دليل ولا برهان

قال القاضي :
لا أحد يتهِم إبنك, كل ما في الأمر أن أخاك أراد أن يسأله
إن كان قد رأى حماره, ولكن زوجتك ,وخدمك

عاجلوه بالشتم والضرب

فهل تنكر أنَّ إبنك ساعِدة قد رأى حِمارِ عمه ؟
رد أبو ساعِدة ردا قبيحا, فقال :
بل أقسم على ذلك, وإن شئت أيها القاض

فإبعث رجالك ليفتِّشوا عن الحِمار بين حميري وبغالي
ذهبت رُسل القاضي, وفتشوا زريبة أبي ساعِدة

فلم يعثروا على الحمار

إذ أن ساعدة وإخوته كانوا قد أصعدوه إلى غرفة أبيهم

وأغلقوا عليه في خزانة ملابسه
ليفاجئوا أباهم مفاجأة سارة, عندما ينهض من قيلولته
كما يتمنون !!!
وعند ما عادت الرسل, ولم يجدوا الحِمار, قال القاضي :

برِئت ساحة إبنك من رؤية الحمار
ولكن ماذا عن إعتداء زوجتك, وفعلها بأخيك ؟

وضرب خدمك المبرح له ؟
قال أبو ساعِدة :

إنه قد تجرأ على إتهام إبني الهمام بما ليس فيه

وأساء إلى سمعته الطاهرة بهذه الأكاذيب

ورماه بالسرقة زورا وبُهتانا
فهو يستحق أن تُضرب عنقه, لا أن يجلد !!!
فسكت القاضي, وهو مذهول

ثم إنه رفع الجلسة لأداءِ صلاة الظُهرِ

وأنصرف الناس
خرج أبو ساعِدة من دار القضاء نشوانا جذلا

قد غمرته الفرحة وطغى عليه السرور
فلقد تحقق له مراده, في حِرمان أخيه و يناتَه من الإنتفاع بالحمار
وأعتقد أنه حققَ نصرا تايخيا مُؤزّرا, وأنه لن تقوم لهم قائمة

وأيقن أن مؤامرته الدنيئة مع العيار لن تُكشف

فزاده هذا الظن بِطرا وغُرورا
ولم يسأل نفسه عن مصير الحمار
فلما دخل قصره نادى بأعلى صوته : يا أم ساعِدة أقبِلي ...
فأتته مُتثاقِلة, مقطّبة الجبين, عابِسة الوجه, مُتجهِّمة

فلمّا رأى منظرها فزع وأرتاع ولكنه تماسك وتضاحك
وقال لها مُمتدحا :

أحسنت صنعا أيتها الأصيلة
لا عدمتُك, هكذا تصنع الحرة, وهكذا تكون الأمهات ...

لقد لقّنتي ذاك السفيه درسا لن ينساه

ولن يجرؤ بعدها على النيل من سمعتنا

ولن يكون بمقدور بناته السبع التافهات أن تقف

لِتناظر فتيتنا السبعة النُجباء
قالت أم ساعِدة ساخِرة :
يا لك من رجلٍ مهين, أتكتفي بعقوبتي له ؟
إذهب إليه أنت بنفسك الآن,
وقم بتأديبه بكل قسوة وغِلظة, لكي لا يعود لمثلها أبدا
قال أبو ساعِدة مُرتجِفا : سمعا وطاعة

ولكن أولئك الصيادون التُعساء
قد خرجوا للتو من صلاة الظهر, وهم مجتمعون أمام

(الماريستان)
وأخشى إن أنا عرضت له, أن يفتكوا بي ...
أعرضت عنه أم ساعِدة وهي ساخطة, تسُب وتلعِن ...
أما هو فقد صعد إلى غرفته, مُبتهج بالنصر المؤزر

الذي حققه على أخيه

الفقير المُعدم المسكين و بناته السبع اليتامى

ولم يتخيَّل أن الحمار في غرفته

فألقى بِجثته الضخمة على السرير وهو متخم

بعد أن التهم الكثير من الطعام
بينما حَرَمَ بناتَ أخيه من القوتِ في ذلك اليوم ...
إذ أن أباهن راقد في (الماريستان)
يثئن من وطئة الألم, كسير الخاطر, حزين, مُهُموم
كان أبو ساعِدة مُثقلا, وقد أرهقه إستجواب القاضي

و نكّد خاطره ذم زوجته
فأراد أن ينال قِسطا من الراحة, وما إن وضع رأسه
حتى غط في النوم.
فنامَ نومة أهل الكهف, وحين أستيقظ وجد نفسه

مُتأخِرا عن السوق
وقد ولى وقت العصر, وفاته مجلس القوم

فاراد أن يرتدي ملابسا فخمة
تُظهر سطوته و جبروته, فأندفع نحو الخزانة

وأمسك بالمغلاق يرزعه

وما إن أحس الحمار بحركة الباب حتى ...



يتبع



إن شاء الله



ناجى جوهر



التعديل الأخير تم بواسطة ناجى جوهر ; 05-03-2013 الساعة 01:42 AM سبب آخر: تلوين
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 06-03-2013, 12:33 PM
رحيق الكلمات رحيق الكلمات غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: في قلوب أحبتي أحيا بصمت
المشاركات: 2,212

اوسمتي

افتراضي

أهلا
بمبدعنا
الأخ
ناجي
سردك
مشوق
ونقاط
التوقف
زادت
من
لهفتنا
لتكمل
لنا بقية
الحكاية

نحن
في الإنتظار

فلا تذهب
بعيدا
__________________
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 11-03-2013, 11:51 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي

حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء السادس

وما إن أحس الحمار بحركة الباب حتى رفس رفسة مهولة بكلتا قدميه
وخرج يهرول مذعورا, وقد تلبَّسه الجن, وهو ينهق نهيقا مُنكرا متواصلا
فلقد حبسه ساعِدة وإخوته الأغبياء في مكان ضيق, يقلُّ فيه الهواء
و كاد يموت مختنقا, لهذا خرج وقد أفسد الخزانة ببوله وروثه و قذارته
ووقع أبو ساعِدة على قفاه مُغشيا عليه, وسمِع الناس نهيق الحمار المتواصل
ولكنهم لا يدرون من أين يأتي؟ ثم رآه أحدُهم في غرفة أبي ساعِدة
فتجمّعوا تحت القصر وتزايدت أعدادهم, وهم يتسآلون عما يجري ويدور
وبينما هم كذلك, جاء أحد الصيادين وعرف الحِمار, فصاح بأعلى صوته :
ذاك حِمارُ أبي البنات السبع فهتف الناس :
حِمارُ أبي البنات السبع ... حِمارُ أبي البنات السبع
وأرتفعت أصواتهم, وعلا ضجيجهم, حتى وصل إلى مسمع القاضي
الذي كان مُنتظما في حلقة ذُكر في المسجد, فأرسل من يأتيه بالنباء اليقين
أمّا أبو ساعِدة فما لبث أن إستعاد وعيه, ولكنه كان غير مُستوعب بعد ما
حدث له قبل قليل, و ما زال بصرهُ زائغ, وعقله مُشوِش, وجِسمه يؤلِمُه
وحين عادت إليه نفسه, نظر حوله فشاهد الحِمار واقفا على سريره متحديا
وهو يلتهِمُ فِراشه بنهم, فأذهلهِ وجود ذلك الحيوان في غُرفته, وتبادرت إلى ذِهنِه
أسئلة كثيرة حائرة, ولم يهتدي إلى حُسنِ التصرف, فثار على رِجليه ساخطا ناقما
وصمم على إخراج الحمار من غُرفته بالقُوة, لكّن الحمار نهق مُجدد وأخذ يعدو
ويرفُس بفعل تلبُّس الجن أخوال سعدى, و أبو ساعِدة يطارده من رُكن إلى رُكن
والناس أسفل القصر يتفرِّجون عليهما, وقد زادت نقمتهم و سُخطهم على أبي ساعِدة
وأخذوا يسخِرون من دنائته, وخُبثِه ولؤمه, وشراهة نفسه ...
وهو لم ينتبِه لوجودهم, و لِم يلحظ حُضورهم
كان الحمِار في حالة ذُعر شديد, و أبو ساعِدة في حالة سخط بالغ
فتعقد الوضع, لم يهتدي الحمار إلى الباب ويخُرج, لان الجن كانت تفزعه وتنخسه
ولم يهدأ الرجل ويُخرِجه بالحيلة, فظلا على ذلك زمن كاف لأن يراهما القاصي والداني
وتنادى الصبية, والنساء, والغوغائيون, للفرجة على أبي ساعِدة و هو يُصارع الحمار
وعندما تعِب وخارت قواه, توقّف ليلتقِط أنفاسه, فسمع صيحات الناس وهتافاتهم
وحين أطلّ من نافِذته, شاهد بعيني رأسه الجموع الكثيفة, من الرِجال والنِساء
والصبية, وحتى خادِمه ياقوت وهم يشيرون إليه بأصابِعهم في غضبٍ و إزدراء
ويصيحون بِه, فأرتاع, وسال عرقه خوفا وخجلا وأرتبك إرتباكا شنيعا
وصار في موقف حرِج, أمام الناس جمعيا, فجلس يعضُّ أصابع الندم
وبعد ساعة خرج الحِمارُ من الغرفة, وقد أحدث فيها, ورفس أبا ساعِدة أكثر من مرّة
عندئذ سارع وأغلق النافِذة, ثم جلس مقهورا, مخذولا, لا يدري كيف البصر ؟
ثم تحامل على نفسه, ووقف على باب غُرفته متميزا من الغيظ, ونادى خادِمه
فلما جاء, سأله : من أدخل الحمارا إلى غرفتي يا ياقوت ؟
كتم الخادم تهكّمُه ورد قائلا : لست أدري يا سيدي
قال أبو ساعِدة : فأين كنت يا ياقوت, الست مؤتمنا على قصري؟
والله لئن لم تدُلني على من فعل هذا بي, لأعاقِبنك عِقابا مؤلِما
خرج ياقوت مرتعبا من الخوف, وعرّج على الخدم يسألهم
فقال له أحدهم, إنه رأ ى ساعدة وإخوته وهم صاعدون بالحِمار ظهرا
فعاد سريعا إلى سيده, وأخبره, فقال له : أدعهم إليّ حالا
كان الخادم يعلم أن ساعِدة و إخوته, ما فتئوا يُطِّبِلون و يرقصون في غرفتهم
بينما كان أبوهم يصارع الحمار, ولم يعلموا بما حدث له, فلذلك توجّه إليهم
و قال لهم مبديا سرورا مصطنعا : إن سيدي ينتظِركم في غُرفته
وما إن سمعوا ذلك حتى ألقوا ما في أيديهم
وتسابقوا إليه ركضا وهم يظُنون أنه سُيكافئهم على ما فعلوا
كتم أبو ساعِدة غيظه وسأل أولاده : من مِنكم أدخل الحِمار إلى غُرفتي ؟
فصاحوا جميعا : أنا ... أنا ... أنا ...
فوقف أبوهم منتصبا, وقد إشتدَّ غضبه, وصاح بهم :
صهٍ ... أيها الحَمقى ... ثكِلَتكم أمكم
أنظروا إلى ما فعله ذلك الحمار اللعين بي. أنظروا إلى ما أحدثه في غرفتي
ثم علا صوته, وزاد صُراخه, فسمعته أم ساعِدة وصعدت إليه لتنظر ماذا دهاه
فوجدته قد حاصر أبنائها في ركن الغُرفة وقد زاغت أبصارهم, و أرتجفت قلوبهم
و أنسكبت عبراتهم, وتلعثمت السنتهم خوفا ورُعبا
فهالها ما رأت, وأشتدّ سخطها عليه, فصاحت به صيحة منكرة :
ماذا دهاك يا أبا ساعِدة ؟
فلمّا سَمِع صوتِها خاف وجَبُن, وقال لها متضاحِكا :
هَدَاكِ الله يا أم ساعِدة أُنظُري إلى ما فعلوه, لقد أدخلوا حِمارا إلى غِرفتي
ولمّا أردت إخراجه من غُرفتي, أخذ ينهُقُ بشدة, فأقبل أولئك
الصيادون الفضوليون, ووقفوا تحت نافِذتي, يتفرّجون عليه وهو يرفُسني
فماذا أفعل مع أبنائك المغفلين ؟
قالت غاضِبة : إنّما المُغفِلُ أنت ,و إلاّ لكنت شكرتهم, وقبّلتَ أيدِيهِم !!!
لأنهم إنما أرادوا أن يُعيدوا إليك ما هو لك, أيها الجاحِد !!
ثم خرجت مع أبنائها, تاركين أبا ساعِدة لوحده, يبكي كمدا
وفي المساءِ خرجَ يُريدُ المجيء إلى أصدِقائه التُجار, فلمّا رآه الصِبيةُ,أخذوا يجرون ورأئه
وهم يُنشِدون :
يا سارق الحِمار ... فضحوك بالنهار
فخجِل حِين سمعهم, وعاد أدراجه, قبل أن يزيد عددهم, وجلس وحيدا في بُستانه
يسترجِع الأحداث, وبداء ضميرُهُ يستيقِظ, فأخذ يُعاتِبُ نفسَه
ويلُومَها على ما فعله مع أخيه المِسكين, الذي حَرَمَهُ من حَقِّه في مِيراث أبيهما
وجاهرهُ بالعداوةِ, وأبطن له الحِقد والبَغضاء. وأخذ على نفسِهِ الإنتقاص من شأنه
في مجالسه ومسامِره. وتركه يُكابِد ويُعاني من الفقر المُدقع, ومن شظف العيش
وهو يُعيلُ بناتٍ سبع, وليس لهُ ولد , يُعينه, ويُؤآزِرُه
فأصبح لهنّ الأبَ والأمّ بعد وفاةِ أمَّهُنّ
إنحدَرَت دمعتان من مقلتية, وأدركته الرأفة والشفَقة, وأراد أخذ نفسه على الحقّ
وقهر ما خالط روحِه من بُغضٍ وكراهِية, وحَسَد, وعَزَمَ على إِنصاف أخيه وبناته السبع
لكن هذه الرِقة واللِين وهذا العَطف, لم يلقيا إستِحسانا من نفسه. لأنها خبيثة بِطبعِها
فنازعته أهواؤها, وغلَبته شهواتُها, وقالت لهُ زاجِره :
يالك من أبلهٍ, لماذا ترحم ذاك الفقير ؟!
ولماذا تحنو على بناتِهِ البائسات ؟!
إنه لا يقوى على فعل شيء يضُرَّك أو شيء ينفَعُك
فأنت لك المالُ, ولا مال له
ولك البنين وله البنات
تسكُن قصرا, ويسكُنُ كُوخا, يتودد إليك الأغنياء, ويُحبه الفُقراء !
دعهُ لبؤسِهِ وفقرِه, ولا تغم نفسك بِذِكره, وعِش حياتك كما تُحِب
فإقتنع أبو ساعِدة بهذا المنطق القبيح, ومحى من وِجدانه كلِ آثار الرحمة
وأستبدلها بخِصام فاجِر, وبمُقت فاحِش, ثم هَرَع إلى زوجتِه اللئيمة
يستوحي منها أخبث المكائد

يتبع إن شاء الله
حكاية في رواية
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 13-03-2013, 09:04 AM
رحيق الكلمات رحيق الكلمات غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: في قلوب أحبتي أحيا بصمت
المشاركات: 2,212

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناجى جوهر مشاهدة المشاركة
حكاية شعبية
أبو البنات السبع
الجزء السادس

وما إن أحس الحمار بحركة الباب حتى رفس رفسة مهولة بكلتا قدميه
وخرج يهرول مذعورا, وقد تلبَّسه الجن, وهو ينهق نهيقا مُنكرا متواصلا
فلقد حبسه ساعِدة وإخوته الأغبياء في مكان ضيق, يقلُّ فيه الهواء
و كاد يموت مختنقا, لهذا خرج وقد أفسد الخزانة ببوله وروثه و قذارته
ووقع أبو ساعِدة على قفاه مُغشيا عليه, وسمِع الناس نهيق الحمار المتواصل
ولكنهم لا يدرون من أين يأتي؟ ثم رآه أحدُهم في غرفة أبي ساعِدة
فتجمّعوا تحت القصر وتزايدت أعدادهم, وهم يتسآلون عما يجري ويدور
وبينما هم كذلك, جاء أحد الصيادين وعرف الحِمار, فصاح بأعلى صوته :
ذاك حِمارُ أبي البنات السبع فهتف الناس :
حِمارُ أبي البنات السبع ... حِمارُ أبي البنات السبع
وأرتفعت أصواتهم, وعلا ضجيجهم, حتى وصل إلى مسمع القاضي
الذي كان مُنتظما في حلقة ذُكر في المسجد, فأرسل من يأتيه بالنباء اليقين
أمّا أبو ساعِدة فما لبث أن إستعاد وعيه, ولكنه كان غير مُستوعب بعد ما
حدث له قبل قليل, و ما زال بصرهُ زائغ, وعقله مُشوِش, وجِسمه يؤلِمُه
وحين عادت إليه نفسه, نظر حوله فشاهد الحِمار واقفا على سريره متحديا
وهو يلتهِمُ فِراشه بنهم, فأذهلهِ وجود ذلك الحيوان في غُرفته, وتبادرت إلى ذِهنِه
أسئلة كثيرة حائرة, ولم يهتدي إلى حُسنِ التصرف, فثار على رِجليه ساخطا ناقما
وصمم على إخراج الحمار من غُرفته بالقُوة, لكّن الحمار نهق مُجدد وأخذ يعدو
ويرفُس بفعل تلبُّس الجن أخوال سعدى, و أبو ساعِدة يطارده من رُكن إلى رُكن
والناس أسفل القصر يتفرِّجون عليهما, وقد زادت نقمتهم و سُخطهم على أبي ساعِدة
وأخذوا يسخِرون من دنائته, وخُبثِه ولؤمه, وشراهة نفسه ...
وهو لم ينتبِه لوجودهم, و لِم يلحظ حُضورهم
كان الحمِار في حالة ذُعر شديد, و أبو ساعِدة في حالة سخط بالغ
فتعقد الوضع, لم يهتدي الحمار إلى الباب ويخُرج, لان الجن كانت تفزعه وتنخسه
ولم يهدأ الرجل ويُخرِجه بالحيلة, فظلا على ذلك زمن كاف لأن يراهما القاصي والداني
وتنادى الصبية, والنساء, والغوغائيون, للفرجة على أبي ساعِدة و هو يُصارع الحمار
وعندما تعِب وخارت قواه, توقّف ليلتقِط أنفاسه, فسمع صيحات الناس وهتافاتهم
وحين أطلّ من نافِذته, شاهد بعيني رأسه الجموع الكثيفة, من الرِجال والنِساء
والصبية, وحتى خادِمه ياقوت وهم يشيرون إليه بأصابِعهم في غضبٍ و إزدراء
ويصيحون بِه, فأرتاع, وسال عرقه خوفا وخجلا وأرتبك إرتباكا شنيعا
وصار في موقف حرِج, أمام الناس جمعيا, فجلس يعضُّ أصابع الندم
وبعد ساعة خرج الحِمارُ من الغرفة, وقد أحدث فيها, ورفس أبا ساعِدة أكثر من مرّة
عندئذ سارع وأغلق النافِذة, ثم جلس مقهورا, مخذولا, لا يدري كيف البصر ؟
ثم تحامل على نفسه, ووقف على باب غُرفته متميزا من الغيظ, ونادى خادِمه
فلما جاء, سأله : من أدخل الحمارا إلى غرفتي يا ياقوت ؟
كتم الخادم تهكّمُه ورد قائلا : لست أدري يا سيدي
قال أبو ساعِدة : فأين كنت يا ياقوت, الست مؤتمنا على قصري؟
والله لئن لم تدُلني على من فعل هذا بي, لأعاقِبنك عِقابا مؤلِما
خرج ياقوت مرتعبا من الخوف, وعرّج على الخدم يسألهم
فقال له أحدهم, إنه رأ ى ساعدة وإخوته وهم صاعدون بالحِمار ظهرا
فعاد سريعا إلى سيده, وأخبره, فقال له : أدعهم إليّ حالا
كان الخادم يعلم أن ساعِدة و إخوته, ما فتئوا يُطِّبِلون و يرقصون في غرفتهم
بينما كان أبوهم يصارع الحمار, ولم يعلموا بما حدث له, فلذلك توجّه إليهم
و قال لهم مبديا سرورا مصطنعا : إن سيدي ينتظِركم في غُرفته
وما إن سمعوا ذلك حتى ألقوا ما في أيديهم
وتسابقوا إليه ركضا وهم يظُنون أنه سُيكافئهم على ما فعلوا
كتم أبو ساعِدة غيظه وسأل أولاده : من مِنكم أدخل الحِمار إلى غُرفتي ؟
فصاحوا جميعا : أنا ... أنا ... أنا ...
فوقف أبوهم منتصبا, وقد إشتدَّ غضبه, وصاح بهم :
صهٍ ... أيها الحَمقى ... ثكِلَتكم أمكم
أنظروا إلى ما فعله ذلك الحمار اللعين بي. أنظروا إلى ما أحدثه في غرفتي
ثم علا صوته, وزاد صُراخه, فسمعته أم ساعِدة وصعدت إليه لتنظر ماذا دهاه
فوجدته قد حاصر أبنائها في ركن الغُرفة وقد زاغت أبصارهم, و أرتجفت قلوبهم
و أنسكبت عبراتهم, وتلعثمت السنتهم خوفا ورُعبا
فهالها ما رأت, وأشتدّ سخطها عليه, فصاحت به صيحة منكرة :
ماذا دهاك يا أبا ساعِدة ؟
فلمّا سَمِع صوتِها خاف وجَبُن, وقال لها متضاحِكا :
هَدَاكِ الله يا أم ساعِدة أُنظُري إلى ما فعلوه, لقد أدخلوا حِمارا إلى غِرفتي
ولمّا أردت إخراجه من غُرفتي, أخذ ينهُقُ بشدة, فأقبل أولئك
الصيادون الفضوليون, ووقفوا تحت نافِذتي, يتفرّجون عليه وهو يرفُسني
فماذا أفعل مع أبنائك المغفلين ؟
قالت غاضِبة : إنّما المُغفِلُ أنت ,و إلاّ لكنت شكرتهم, وقبّلتَ أيدِيهِم !!!
لأنهم إنما أرادوا أن يُعيدوا إليك ما هو لك, أيها الجاحِد !!
ثم خرجت مع أبنائها, تاركين أبا ساعِدة لوحده, يبكي كمدا
وفي المساءِ خرجَ يُريدُ المجيء إلى أصدِقائه التُجار, فلمّا رآه الصِبيةُ,أخذوا يجرون ورأئه
وهم يُنشِدون :
يا سارق الحِمار ... فضحوك بالنهار
فخجِل حِين سمعهم, وعاد أدراجه, قبل أن يزيد عددهم, وجلس وحيدا في بُستانه
يسترجِع الأحداث, وبداء ضميرُهُ يستيقِظ, فأخذ يُعاتِبُ نفسَه
ويلُومَها على ما فعله مع أخيه المِسكين, الذي حَرَمَهُ من حَقِّه في مِيراث أبيهما
وجاهرهُ بالعداوةِ, وأبطن له الحِقد والبَغضاء. وأخذ على نفسِهِ الإنتقاص من شأنه
في مجالسه ومسامِره. وتركه يُكابِد ويُعاني من الفقر المُدقع, ومن شظف العيش
وهو يُعيلُ بناتٍ سبع, وليس لهُ ولد , يُعينه, ويُؤآزِرُه
فأصبح لهنّ الأبَ والأمّ بعد وفاةِ أمَّهُنّ
إنحدَرَت دمعتان من مقلتية, وأدركته الرأفة والشفَقة, وأراد أخذ نفسه على الحقّ
وقهر ما خالط روحِه من بُغضٍ وكراهِية, وحَسَد, وعَزَمَ على إِنصاف أخيه وبناته السبع
لكن هذه الرِقة واللِين وهذا العَطف, لم يلقيا إستِحسانا من نفسه. لأنها خبيثة بِطبعِها
فنازعته أهواؤها, وغلَبته شهواتُها, وقالت لهُ زاجِره :
يالك من أبلهٍ, لماذا ترحم ذاك الفقير ؟!
ولماذا تحنو على بناتِهِ البائسات ؟!
إنه لا يقوى على فعل شيء يضُرَّك أو شيء ينفَعُك
فأنت لك المالُ, ولا مال له
ولك البنين وله البنات
تسكُن قصرا, ويسكُنُ كُوخا, يتودد إليك الأغنياء, ويُحبه الفُقراء !
دعهُ لبؤسِهِ وفقرِه, ولا تغم نفسك بِذِكره, وعِش حياتك كما تُحِب
فإقتنع أبو ساعِدة بهذا المنطق القبيح, ومحى من وِجدانه كلِ آثار الرحمة
وأستبدلها بخِصام فاجِر, وبمُقت فاحِش, ثم هَرَع إلى زوجتِه اللئيمة
يستوحي منها أخبث المكائد

يتبع إن شاء الله
حكاية في رواية
تتناغم حروفك مع جمال سردك وتتابع عنصر التشويق بمهارة فائقة
استوقفني
كثيرا حديث النفس لابو ساعده
فالتركيز هنا ممتاز
فالنفس البشرية حين يسكنها الخبث
يصبح صوت الضمير ضعيفا مهما حاول
تحيتي لك
__________________
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 13-03-2013, 10:49 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي شكر وتقدير

السلام عليكم
أسعد الله أوقاتك أختي الكريمة
أشكرك على هذه الملاحظات الثمينة
وهذا ما نحتاج إليه لكي نتمكّن من إنتاج ما يسعدنا جميعا
فلا تبخلوا على بالتوجيه و الإرشاد رجاء
وتقبّلى تحياتي
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 18-03-2013, 10:57 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية


أبو البنات السبع
الجزء السابع

أمّا أبو البنات السبع فإنّه وبعدِ إِنصراف الناسُ الذين زاروه في(الماريستان)
إختلى ببناته, وشرع يعتذِرُ إليهن عن تقصيرِهِ, وعجزِهِ عن توفير مؤنتهن
ولام نفسه على التوجه إلى إبن أخيه وسؤاله عن الحمار
لكنَّ البنات جعلن يُطّيِّبن خاطره, ويُهدّين من روعه, و يُطمأننه
فسألهن في قلق : وكيف تدبّرتن معيشتكن في غِيابي ؟
فأخبرهن بأنهن كنَّ يبعن ثوب إحداهن كل يوم, ويشترين بثمنه قوتا
فبكى سُرورا, حين علم أن بناته لم يسألن أحدا, وسجد سجدة شُكرٍ لله
شاهد رُسل القاضي صراع أبي ساعِدة مع الحمار, وسمعوا أقوال الناس
فنقلوا كل ذلك إلى أذنِ القاضي, بعد أن أشهدوا الشهود ...
فقال القاضي : إنّ غداً لِناظِره قريب ...
ولسوف يُشفى الصياد إن شاء الله, وحينها سوف أنصِفه, وأرد إليه كرامته وحقّه
بقي الصياد في(الماريستان) أربعة أيام, وفي اليوم الخامِس عصرا, غادره
وقد حفّ به أصدقاؤه الصيادون, وعندما صاروا على مدخل الحيِ
إستقبلتهم بناته, ونِساء الجيران بالتكبير و وبالزغاريد فسمِع الناس الهتافات
وأتوا مُهنئين على السلامة, ولما كثُرَ عدد الرِجال عملوا (مزفّا) وزفوه إلى كُوخِه
فوصلت أصوات الناس في (المزفّ) إلى مسمع القاضي, ولمَّا علِم
أنّ أبا البنات السبع قد غادر(الماريستان) وأمسى في كوخه ذهب إليه
مع مجموعة من وُجهاء البلد, وهنأوه على السلامة
ثم تلا القاضي : { وقُل جاءَ الحقُّ وزَهَقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهُوقا }
(الإسراء81)
و وعدوه بالإقتصاص و الإنتصاف من أم ساعِدة و من خدمِها المُتوحِّشون
في تلك الأثناء كان أبو ساعِدة قاعِدا في السُوق مع أصدِقاء له من التُجّار
وعندما بلغه ما يفعلُه الصيادون من الإحتِفاء بأخيه أراد أن يحُطّ من قدرِه
وأن يُحرِّض الناس عليه, لكنهم فارقوه, وذهبوا لتحية الصياد
والتسليم عليه فبقي أبو ساعِدة لوحده, وقد ثار غضبِهِ, وزاد غمُّه
فأخذ يصفع وجه نفسه من شِدّة الغيظ
في صبيحة اليوم التالي, أرسل القاضي من يسأل أبا البنات السبع إن كان
قادِرا على الحضور إلى دارِ القضاء, لمُواجهة غُرمائه
فأتى وقد أمسكه رجُلين من أصدِقائه الصيادين, كل واحد منهما يمسِكُه من عضِد
حتى أجلساه أمام القاضي, ورافقتهم بناته وهُنّ قلُقات خائفات, والحُزن يعتصِر أفئدتهن
وحضر الصيادون, لمناصرته, وكذلك حضر الصِبيان الذين عبثوا مع ساعِدة ...
وكان القاضي قد بعث حاجِبه, ومعه عددُ من رجال الشُرط والنقباء
إلى قصر أبي ساعِدة وأمرهم بِإحضاره مع زوجته وإبنهما ساعدة والخدم
عندما وصل الحاجب إلى قصرهم, وأبلغهم بأمر القاضي
رفضت أم ساعِدة المجىء, وعلا صوتها على رِجال القضاء, وأسأت الأدب
فقال لها الحاجِب مهدِّدا : في هذه الحالة يُحبس إبنك ساعِدة لِوحده حتى تنصاعين
و تأتين للإدلاء بشهادتكِ, فإن كان الحُكمُ عليكِ ضوعفت مِدة حبسِ إبنك
وحُبِستِ أنت أيضا مُدة طوِيلة
فأصابها الهلع, لأن زوال الدُنيا أهونُ عندها من حبسِ ساعِدة
فوثبت من جلستها, وهُرِعت إلى إبنها, وأحتضِنته وهي تبكي بحُرقةٍ ومرارة
ثم صرخت في وجه زوجها المرتجف خوفا قائلة :
إنهض أيها البدين, قبل أن يغتاظ منَّا ذلك القاضي التعيس, فيحبِسنا
ثم قدِموا إلى دار القضاء, يحُّف بهم الخدم والحشم, والناس ترمقهم
بأعين ملئها الكراهة , والإحتقار, بسبب جورهم وظُلمهم و شدة غرورهم
ولمّا أخذ أبو ساعِدة مكانه, إستدعى الحاجِبُ أبا البنات السبع
بأمر من القاضي, ولما وقف أمامه, قال له :
إبشِر يا بُني, فإن الله قد أظهر حقك, وفضح غريمَكَ !!
وكَشَفَ سِره, وردّ كيدَهُ إلى نحره ...
لم يفهم الصياد مقصد القاضي, لكنه إبتسم راضيا
ثم إن القاضي أشار إليه بالجلوس, وأمر بإستدعاء أبا ساعِدة
فلمّا مثل بين يديه, قال له : أما زِلت تنكر رؤية إبنك للحمار؟
فردَّ مُتذاكيا : كلا أيها القاضي الفضيل, لا أنكر أن ولدي
الشهم ساعِدة شاهد حِمار عمِه بين حميرنا وبِغالنا
قال القاضي مُتسآئلا : وكيف أصبح الحمار بين حُمِرِكم وبِغَالِكُم ؟
سكت أبو ساعِدة قليلا, ثم قال مُستدرِكا : إنّ هذا ما يُحيِرُنا يا سيدي
فلعله قد حنّ إلى رفاقه ...
قاطعه القاضي قائلا : أو ربما
جاء ليطمئنّ عليك ... فعجّ المجلس بِضحك وتهكُمِهِم الناس
بينما صمت أبو ساعِدة مخذولا
فقال له القاضي : أفتنكِر أنّ ساعِدة قد سرق حمار عمّه ؟
قال أبو ساعِدة : نعم أنكر, بل وأقسم أنه لم يسرق حمار عمّه
فقال له القاضي : عد إلى مكانك, وسوف نرى
ثم جاء الدور على أم ساعِدة , فسألها القاضي من وراء الحِجابِ قائلا :
ما شأنكِ يا أم ساعِدة وقد كِدتِ تقتلين نفسا بغير ذنب ؟
سكتت أم ساعِدة وقد تملكها الخوف, حين شعرت بعِظم جُرمها
فأستطرد القاضي : ألك حُجة تنفي بها تهمة الشروع في القتل عنك ؟
فلمّا سمِعت كلام القاضي, زاد خوفها, وأرتعشت أطرُافها, وإختلّ
توازُنها, ثُمَّ سقطت على الأرض, مغشِيا عليها, فسكت عنها القاضي
و تركها, و إستدعى إبنها ساعِدة
فلمّا مثُل بين يديه سأله :
لماذا كنت تضع لُثاما على وجهِكَ, عندما التقاك هولاء الصبية ؟
وأشار القاضي إلى الصبية
لم يحُر ساعِدة جوابا, فسكت, وأمعن في السُكوت ..
قال القاضي : فهل رأيت حِمار عمِكَ أبي البنات السبع في ذلك اليوم ؟
ردَ ساعِدة سريعا : لا. لم أره
قال القاضي : إذن فأنت تُنكِرُ رؤيةَ حِمار عمِكَ في ذلك اليوم ؟
قال ساعِدة : نعم. أنا لم أرى حِمار عمِي ذلك اليوم
أصيب الحاضرون بالدهشة, من قُدرة ساعِدة على المرواغة, وتكذيب أباه
ولكّنَ القاضي كان أكثر دهاء, ومكرا من ساعِدة ومن أبيه وأمِه
لذلك عمِد إلى حيلةٍ محكمة, يوقع بها هولاء الأشقياء في يد العدالة

يتبع ...

إن شاء الله
[/size]
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 25-03-2013, 11:15 PM
الصورة الرمزية ناجى جوهر
ناجى جوهر ناجى جوهر غير متواجد حالياً
إلى جنات الخلد أيها النبيل
 
تاريخ التسجيل: Jan 2013
الدولة: أعيش في سلطنة عمان ـ ظفار ـ مرباط
المشاركات: 3,170

اوسمتي

افتراضي حكاية شعبية

أبو البنات السبع
الجزء الثامن

في أثناء إستِجواب ساعِدة , كانت أمهُ قد تعافت, وأرادت أن تتدخل
لِصالِحِ إبنها, لكن القاضي أراد أن يمكر بهم جميعا, فطمأنها قائلا :
لا عليكِ أم ساعِدة, ما دُمتم تنكرون, فلا حُجّةَ لنا عليكم ...
ثم إن القاضي تشاغل بقضايا أخرى, وكان مُرادِهِ, أن يُباغِت
ساعِدة بِسؤال مُباشِرٍ, يذهله, و يكشِفُ كذِبه, ويضع الحُجّة عليه
وكان يلتِفت إليه بطرف خفي بين حين وآن, لكي يراه حين يغفِل
وفجأة, صاح القاضي بصوت مُخيف :
لماذا كنت تضرب حمار عمِك, عندما سرقتُهُ يا ساعِدة ؟
إنخلع قلب ساعِدة من الخوف, وأرتبَكَ , فردّ مُدافِعاُ عن نفسه :
لم أُكن أضربه, أيها القاضي, بل سٌقته إلى الزريبةِ بِرِفق ولين
قال القاضي بحزم : فأنت قد سرقت الحِمار, بأمرٍ من أمِك ؟
نفى ساعِدة : لا ياسيدي, لم تأمرني أمي بِذلك
قال القاضي: فمن أمرك إذن ؟
بكى ساعِدة, ثم سَرَدَ كل ما دار بين أبيه و بين العيار
وما إتفق عليه هو وإخوته
فقال القاضي : سنُصليّ الظُهر, وبعد الصلاة, نصدر الحُكم المناسب
علت أصوات الناس في المجلس قبل دُخول القاضي, فلمّا وصل
سكت الجميع, وحين أخذ مكانه, إشرأبت إليه الأعناق ...
فأستدعي القاضي أبا ساعِدة
فلما وقف أمامه قال له : لقد كنتَ تُنكِر الحق
وأنت من حاكَ خيوطَ هذه المؤآمرة الدنيئة, وأراد الله كشف لؤمك وخُبثك
وسوء طويتك, ففضحك حمار على رؤوس الملاء, وأنت تُنكر وتكذب
ونطق إبنك بالحقّ دون إكراه منا, وكان قد جحد وأنكر, تماما كما أنكرت أنت قبله
وبِناء على ظُلمِك, وكذبك, أحكُم عليك, بالحبس شهرين مُتتاليين
وأن تدفع مبلغ مائة دينار إلى أخيك, عقوبة لك على الكذِب والتآمُر ...
كما أحكُمُ على إبنك بالحبس ثلاثة أشهُرٍ, وغرامة مبلغ
خمسين دينار, عقوبة له على سرقة الحمار, والكذِب على المحكمة
عندما سمِع ساعِدة الحكمَ, أخذ يعدو نحو أمهِ وهو يبكي وينتحِب
قال القاضي : كما أحكم على أم ساعِدة بالحبس سنة, ودفع مبلغ الف دينار إلى الصياد
عقوبة لها على الإعتداء بغير حقّ, والإستهتار بارواح الناس, والبغي عليهم
وحين سمعت ما نطق به القاضي, وقعت مغشِيا عليها ...!
فعالجتها النساء الحاضِرات, حتى عادت إلى رُشدِها
فأخذت تصيح, وتُولوِل, وتلطم خديها وتحثو التراب على رأسها ...
فرق لها إخوتها, وبعض الوجهاء والشيوخ, فسعوا لها عند أبي البنات السبع
ورجوه أن يتنازِل عن حقه في حبس أم ساعِدة
على أن تُعوِضه بمال جزيل, فوافقهم, ثُمّ ذهبوا إلى القاضي وأعلموُه بالتسوِية
وتوسلوا إليه أن يعفي أم ساعِدة من الحبس, على أن تدفع مبلغا مرضيا
من المال لأبي البنات السبع تعويضا له, ولِجبرِ خاطِره
فألزمها القاضي بدفع مبلغ الفي دينار نقدا
فقالت وهي تنتفِض من الهلعِ : سأدفع ... سأدفع حالا
أما أبو ساعِدة فقد إكتفى بلطم وجهه, وهو يقول : أنا أستاهِل ... أنا أستاهِل
ثم قام إلى أخيه يُقَبِل رأسه, ويرجوه أن يشفع له عند القاضي, لكي لا يُحبس
فقال أبو البنات السبع للقاضي :
أرجوك يا سيدي أن تُعفي أخي من الحبس !!
فأُعجِب كل من حضر, بِشهامته وحُسنِ خُلُقُهِ, فقال له القاضي :
قد وَهبنا لك حبس أخيك وإبنه ...
فصاح الناس مُهللين, ومُكبرين, وبادروا إلى الصياد يبارِكون له, إنتصافه ممن ظلمه, وبغى عليه
ثم حمله أصدِقاؤه الصيادون على أعناقهم, وزفّوه إلى كوخه, فكان يوما مشهودا
عندما خرج أبو ساعِدة وأهلُه من دار القضاء, تعرّض لهم الصبية
في الطُرُقات, وهم يُعِيرونهم, ويركُضون خلفهم, و يُغنون :
يا سارِقَ الحِمار .... فضحوك في النهار
فزاد غم أبي ساعِدة وشعُر بالذُل يغمُرهُ, فكتم غيظَه وحقده على أخيه
ولم يتدبّر نتيجة الظُلم, ولا عاقِبة الجور
فوصل إلى قصره يغلي من الحنقِ والغيظ, كما يغلي المِرجل
وأخذ يصول و يجول أمام عائلته مقبلا مدبرا, وهو كظيم
فأنتهرتهُ أم ساعِدة قائلة :
كلُ ما أصابني وأصاب ولدي, كان بسبب حماقتِك, وتخاذُلك, وجُبنِك
فصاح أبو ساعِدة مُغضبا : أُسكُتي يا إمرأة, يكفيني ما عانيت
منذ اليوم لفرط غباء وجهل أبنائك المُدلّلين ... !!
فهَاجَت كَوامِنُ الغضَبِ في نفس أم ساعِدة وفقدت السيطرَةَ
على نفسِها, فأطلقت لِسانَها البذيء, يتناول زوجَها بكل نعتٍ قبيح, وصفة مستهجنة
فلم يحتمِل كل ذلكَ القذف والسّب, وأراد أن يبطِش بِها
فأشتَبَكا في عِراكٍ شرِس, ولم يتمكِّن ساعِدة وإخوتُه, من إيقافِ
المعمعة, فعَلت أصواتُهم, وأَقبلَ الناسُ يتفرِّجون, على الزوجين البدينين
بين شامتٍ بِهما, و مُشفِق عليهما
فلمّا تعِب الزوجان, جلسا يلتقِطان أنفاسهما, وما راعّهما إلا وجودُ العشراتِ
من الرِجالِ والنساءِ والأطفال, قد مَلَئوا ساحةَ القصر, فأمرا خدمهم
بطرد المُتطفلين, وإخراجِهم, ثم سكنا حين سمعا نِداء صلاة العصر
ولكن أم ساعِدة لم يطِب خاطِرُها, وقد حُشي جوفها حقدا وحنقا
فقالت متوعدّة, قبل أن تنصرِف :
لسوف أرى بسالتك, وقُوتَك وبأسك غدا, حين يأتي إخوتي ويفتكون بِك
في ذلك الوقت, وبعد إنصراف المُهنئون, كان أبو البنات السبع
يُشاورُ بناتّهُ, في ما يجِب فعله بالنُقود الكثيرة, التي صارت في أيديهم
فقالت إبنتاه سعادٌ وسعادة :
نُحب يا أبي, أن نشتري بناجر الذهبٍ, وخواتم العقيق, وسلاسل الفضة, نتزَيِّن بها
وقالت مِسِعدة : أنا أشتهي تختا من الألبسة المُزركشة, وقوارير المسك الأذفر
فكان أبوهُنّ يقول : حسنا ... إن شاء الله ...
بينما كانت سعدية و سعيدة ترغبان بالكثير من الطعام ...!
ظلّت سُعدى و سعدة صامتتان
فقال أبو البنات السبع وهو فرحان سعيد :
وأنتما أيتها الحبيبتان, فيما ترغَبَان, وماذا تتمنِيان, فأحضره في الحال ؟
قالت سعدة : أنا أتمنى ما يرضيك, وما يُسعِدُك, وليس لي مطلب ثان
فهشَّ لها أبوها, وقبّلها على جبينها
ثم إلتفتَ إلى صغرى بناته, وقال لها :
فيما يُفكِر عقلكِ الماكر, يا حُلوتي ؟
فقالت بنبرةٍ جادة : أرى يا أبي أن لا نضيع هذا المال في الترَف
وأن لا نُنفقه على الملذّات والشهوات ... فصاحت أخواتُها مُعترِضات
ولكنها إنتهَرتهن قائلة : صهٍ ... أيتها الغافِلات, سوف يكون لكنّ ما أردتن
ولكن يجِب علينا أولا, أن نسعى لإنماء هذا المال ...
فسألتها سعيدة : وكيف ذلك ؟
قالت سعدية : تُريد سعدى أن ننتظِر, حتى يلِد المالُ صِغاره !!
فضحِكت أخواتُها
وقال أبوهن : صبرا يا بُنياتي, ودعنها تُفصح عن رأيها
هيا يا أبنتي الحكيمة تكلّمي, إنّ رأيُك دائما سديد ...
قالت سعدى : الرأى أن تشتري سفينة كبيرة, ثم ترافقكَ في كل يوم
ثلاثة منا حين تذهب للصيد, فيزيد رزقُنا, ويكثُرُ مالُنا, حينها تشتري لهن ما يتمنين وما يشتهين
فأشرقَ وجهُ أبو البنات السبع بِشرا, وتهللت أساريره حبورا, وأخذ يدعو لها قائلا :
حفظكِ الله يا أبنتي, ولا حَرَمني من رجاحة عقلك, ولا من جودة تفكيركِ وذكائكِ
ثم أتّفقوا على أن يخرج أبوهن غدا صباحا, لِلبحث عن سفينة, وشرائها
بينما باتَ أبو ساعِدة ليلته تلك خائفا يترقّب, لم يهنأ له بال !!
ولم يغمُض له جفن, فليس له ناصر, ولا مؤيِد, يقف معه أمام أصهاره
وقد أضاع نصيره الوحيد, وهو أخوه
ويعرِفً طُغيان أصهارهِ, وخِيانة أبنائه, وخُبث زوجتِهِ, ولؤم خدامه
وحين أصبحَ الصباحُ سمعَ قرعا خفيفا على باب غرفته
فأصيب بالهلعِ, وخشي العقوبة, فوقف على العتَبة, ثم سأل بصوت مرتعش :
من على الباب ؟
يتبع ...
إن شاء الله
حكاية في رواية
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:15 AM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية