(( بيتــــي الكبيــــر ))

[صلاح عبيد]

لكل منا بيت يسكن فيه وبيتنا كبير جدا ، بناه أبي من عرق جبينه وخسر عليه الكثير والكثير ، كنت أتسائل مرارا وتكرار بيني وبين نفسي كيف أتى هذا البيت الكبير الحجم وكيف أستطاع أبي نقله الى هنا بعد أن إشتراه.

أجل بجانبنا بيوت كثيرة كبيرة وصغيرة ، فقط أحب بيت صديقي منصور ، طبعا لا تعرفوه فهو زميلي في المدرسة للتعليم الاساسي حلقة أولى وأنا عموري محدثكم ، بيتنا كبير وبيت منصور صغير نوعا ما بس أحبه كثيرا لأنه لايعجبه الاستاذ بسيوني عندما يصرخ فينا وكان منصور يغضب ويرمي الاستاذ باقلامه ودفاتره وانا لا استطيع وكعقاب لنا اجبرنا على ان نعمل بحثا عن اعصار جونو .

في بيتنا الكبير لم يساعدني احد فعندما كانوا يريدون مساعدتي سمعتهم يتحدثون عن فيت وبيت ، اليوم لا رغبة لي في رسوم متحركة فالاستاذ بسيوني لن يرحمنا بصراخه المزعج الحاد كانه وحش فيجا ، اشاعات وقيل وهرج ، شاهدت هذه المرة جونو بنفسي : ياااااااااه حجمه اكبر من خارطة عمان نفسها ، هو الذي اريده فقالوا : انها سحب ذاهبة لباكستان وليس لها تأشيرة دخول لعمان من حدود المرتفع المغلق ، ولا أخفيكم أني خفت كثيرا كثيرا لحجمه وقربه من بلادنا وبيتنا الكبير ، ولا أخفيكم أيضا أني ضحكت على عقول الكبار وهم يصدقون وهكذا استطعت لأول مرة في حياتي أن اكتب بحث جونو بكل بساطة وبدون شراء بحث جاهز.

جيرانا يرحلون ولكن لمدرستنا ، سمعت أنه اجلاء (مدري ) اخلاء كنت أقرأها في بحوث أخرى عن الحروب والزلازل وايضا في الاخبار ، لاتستغربوا نعم أقرأ وأفهم وإن كنت صغيرا وفي المرحلة الاولى من التأسيس التعليمي ، ولكن استغربوا معي أن منصور وأهله رفضوا ترك بيتهم الصغير ذو الدور الواحد بحجة ابيهم المعقد : لن نترك درانا مهما كان ، فالامور بخير ومطمئنة ..... ونحن بيتنا كبير وبه متوفرة كل الامور التي لا تتخيلوها فنحن من عائلة كبار القوم ، وكنت أتمنى أن يوافق أبي على نزوح جيرانا لبيتنا الكبير والوفير ويكفي الجميع وزيادة.

لأول مرة تنقطع عنا الكهرباء ومثلما اخبرتكم فلم تستغرق في بيتنا طويلا ولم نخف من الظلام فقد عادت الكهرباء في ظرف نصف ساعة ( رقم قياسي ) ومع ذلك فالحارة مظلمة وسكوت مطبق ماعدا الرعد الذي يدوي وذلك التلفاز الكبير امامي ، تذكرت منصور وأحببت أن أطمئنه أن الاوضاع جيدة وفيت أصبح بيت وغير اتجاهه الحقيقي الى باكستان كما توقعوا ، وللاسف جميع الخطوط الى بيته لا تصل ، فصعدت لسطح بيتنا لعلي اراه فوق سطحهم لأخبره ، حمدا لله تماسكت جيدا من ذلكم الرياح وتلكم الصاعقة الرهيبة.

وجدت نفسي امام التلفاز والجميع موجود والمذيع يقول : نحبكم ولأجل ذلك لا تتهوروا .. لا تقربوا النوافذ ولا الاودية فالوقت ليس مناسبا الان للمرح والتسلية والتصوير ( تذكرت استاذنا بسيوني ) وانه للان لم تردنا اخبار عن اية حوادث ، ورأيت منصور داخلا باكيا فهل مات أحد من أهله ، رأيتهم ممسكين به يهدأون من روعه ، سألت وزاد سؤالي صراخا وبكاء : ماذا حدث ؟ .. غريبة لأ أحد يهتم بي ، وخرجوا جميعا للمقبرة وقرأت ( ودع عموري بيتنا الكبير في مثل هذا اليوم ، أثر صاعقة .. ولم أقرأ جيدا ربما التماس كهربائي).