رحلـه على شاطـــــــئ الهـــوى...

[ريانة الغصن]

رحلـــه على شاطـــئ الهـــــوى
عزمت أن أشتهيـــــك..
لأنك أمطرت حقول الغمــام..
وعبرت عيونا تنأ شغاف الدهر..

لأنك أرض وجداني..وسماء كل الوحوش
يكاد الحس ينكر في بلادي حكاية جمرات قلبي
وأن الورود التي رأيتها صباح يومي
مات بريقها ومات الأمــــل..
وطفلي "إبن الخطيئة"شحت دموعه
ما عاد ينبض..عانقته خجــــلا..
فغدوت مســـــافرة..
تجاذبت فيه حين هاجر سفيني
يبادلني الشوق بحبات الرمــــل..
فــــأبى !!
توسمت فيه بمزن تلك الديار العطشى
حين راودتها شغبــــــا...
فـــأبى!!
أراني أعصف بذور الهوى يمينا ..وشمالا..
على متن قافلتي كدت أستنجد
جهنمات الرؤى أربعين خريفا..
ونصف الزمـــــان..
على شاطئ الهوى بدت القيعان تنكشف
رويدا..رويدا..
تلوح في الأفق نورسة بائسة..
تحمل حجرا صغيرا في منقارها الصغير..

هنـــاك..في أفقي الصغير..
حيث لا شمس ولا قمر..
حيث لا شجر ولا زهر..
فوق ذاك المنحدر..
بت أصغي لأسئلة الأعماق والآفاق..
ومن بين جنون الحجر..أرقب من بعيد
أملي المرتقـــب..
تسآئلني ورقات الشجر..
حين مرت بجانبي رياح من الهوى
تحمل في كنهها آلاف الرسائل النزارية المفعمه..
أبحر سفيني تاركا طفلي المحرم
وتاركا بلادي نحو اللا نهايه..
يا ترى هل سيثور غضب قبيلتي!!
هل سأسأل نفسي : هل فعلا نجوت من كارثة ذاك المساء!!
أم سأعيش قائدة لسرب النوارس!!

لأني أشتهيك حقا..
سأبكي بكاء طفلي الرضيع..
حين إستفاق لم يستطع أن يسألني
أيـــن أبـــي..
بات يكضم الوجد مسددا رماح السنون في جسدي..
أراه يصغي لصوت الناي منفــردا
وعلى هسهسة السنونو أفاق ذات مساء ليسألني :
أمـــاه..أمــــاه..توارت شارتي الحمـــراء
لا أستطيع رؤية الشمس خلف الضباب الكثيف..
دليني على عروبتنــــــا...قريتنـــــا..
فأرقت الجسد النحيل..المتعب من جنون الأيام..
إبني حبيبي..عن ماذا أحدثـــــك؟!!!!
عن عروبتنـــــا الثكلــــى وكيف مات حنينها!
أم القرية التي أُنتبذت منها!
وكيف أباحوا وجودي بينهم!
أم كيف إستهوت الخيانه عقول قومي!
ظل طفلي حائرا..ينظر إلي تارة
وتارة أخرى يمسح بمعصمه العرق المتصبب على جبينه
هالني منظــــره..غدوت أمسح بيدي على شعره الأشقر..
بنــي .. مـــا بك؟؟
أجاب بعد أن إعتذرت منه دمعتان حارتان
على خديه المثقــــــلان..
أمــــــــــــاه..أيـــن أبــــــي؟!!!

ولأني كنت حقا أشتهيك..
أطرقت رأسي خجــــلا..أصبحت ثملــة..
مرتعشت الساقين..
أحسست بداخلي قشعريرة تكوي جسدي..
لقد قضـــي علـــي..
سأسكت.. رغم أنه حقك..
سامحني أرجوك بنـــي
لست أعرف جوابا لسؤالك!!
فقط أنظر لتلك الريح تعصف خارجا..
وأسراب العصافير تنتشر حيارى في الأفق البعيد..
وأغمـــض عينيــك لوهلة..
أمسك منديل أمك المطرز..
لملم أطراف حكايتك ولملم معها سري
وسر أبيك...
أغلق المنديل..
وأحكم إغلاقه..
إقرأ وردك..ونـــــم بســــلام.....

إني ألمح أسراب النوارس من جديد..
وهي تحط على الميناء..
وقبطان سفيني أرسى القواعد..
ليعلن إنتهــاء رحلتي على شاطــــئ الهوى
بـــلا عــــوده...
.................