الراهبة وأنا...

[علي محمد الشحي]

...من بعيد..هناك حيث تكمن الحقيقة الغائبة عن ميادين الحرية..

تقتربين شيئا فشيئا كإعصار جارف ..يلقم ما في طريقه بشراهة مفرطة..

تقرع الأجراس في قلبي كأني كنيسة قابعة نهاية الرواق في مكان تلطَخ بالطهر..

الظلّ ظلّك ..وأنت تقتربين شيئا فشيئا...

يتدفق الإدرينالين في ضواحي جسدي القادم من معركة خاسرة بعد هدنة..

جدراني باردة ..وناري أضحت هشيما باليا بلا رماد..

وجهي كوجه بحّار قديم ..

توقف المكان عن الحركة من أمد ليس ببعيد ..قرنين على ما أظن..

إغتيل الزمان ..فالثانية لا تتجه نحو الأخرى..انتهى السباق..

ساعتي وقعت في يد العدو كسبية حرب..

والسبايا تغتصب دائما على أيديهم بدم بارد..فلا حقوق للساعات..

وأنت هناك ..

تتدفقين كالسيل الجارف من العدم ..حيث كنت وأنا..

نعم أعرف الحقيقة ..فالظلّ ظلّك كما عهدت..

تقتربين بخطى ثابتة تدك الميادين ..نعم ..تلك أنت ..فلا ظلّ هناك غير ظلّك..

تتجمد كل السوائل في محيطي..حتى القهوة بفنجاني صارت جليد..

هربت الحروف مني..تغيرت وتبدل حالها ..

صارت مومس.. تعاقر الرذيلة وتنام مع مرتادي الشقاء..

فعجز لساني عن البوح بقصيدة شريفة..

حين تباع القصائد بالجملة في سوق كعكاظ..

وأنت تقتربين شيئا فشيئا..

الطهر والنقاء من جيوشك الجرارة دوما..

عن اليمين وعن الشمال يحفَانك كملكة سبأ..

تعرفين عنواني جيدا وتتجهين نحوي بلا هوادة..

بظلّك المعهود..المتشح بالسواد كراهبة...

يسبقك وقع خطواتك على القرميد..

كقرع الطبول ..معلنة بدء حرب الأيام..

وتحرّكي المكان..لخلق زمان جديد ..في بعد جديد..

يا لها من مفارقة ..حين وصولك ولم يلتفت إلا الظلّ..

حتى أنفاسك ..لم تحرك الستائر ولم تعزف نغم ناي شجيّ كالعادة..

كأني لم أكن أنا ..وعلى موعد مع القدر الذي أرسل لي بطاقة دعوة للألقاك..

وأنا مسمّر مكاني كعمود نور عند هاوية شارع.. وحيدا في حضن الليل ..

الصقيع ردائي ..ووسادتي الغيوم ..

فكما أن الظلّ ظلّك ..لكنك لا تحملين معالمه..

هناك إختلاف كبير بينكما ..فروقات شتَى ..كالفرق بين البياض والسواد..

الحقيقة والخيال..الأرض والسماء..فالظلّ لراهبة عذراء..وأنت لا..

فكيف تكبلينه بك..دعيه يرحل ليرى النور ويعيش الحياة..

فالاحتفاظ به جريمة تنتظر العقاب..

رجاء..اتركيه لي ..فهو لي ولا يمت لك بأي صلة...


مودتي ...

علي محمد الشحي