روابط مفيدة :
استرجاع كلمة المرور|
طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية |
.::||[ آخر المشاركات ]||::. |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
.../...
...فلنتفقْ أولاً-أخي الحبيب جمعه-أن الخلافَ في وُجهاتِ النظر طبْعٌ بشريٌّ متأصِّلٌ في النسيج الإنساني العام،وهو مَظهَرٌ من مظاهر الصحةِ في الفطرةِ السويَّةِ كما أرادَ لها خالقـُها أن تكون بين الناس،وإنَّ الزعْمَ أنه يمكنُ توجيهُ العقل البشري واقتيادُهُ-بالاختيار أو الإكراهِ-لوجهةِ نظرٍ واحدةٍ هوَ زعْمٌ واهمٌ،وهو إن حَدَثَ فإنه أشبَهُ ما يكونُ بالسباحةِ العاتيةِ ضدَّ التيار العارم ما يفتأ يُحْدِثُ تصادُمٌ هائلٌ في نقطةِ التماس قد يترتبُ عنها طرْدٌ رهيبٌ في تنافر القـُوَى..!!!
إن اختلافَ وُجهاتِ النظر يعني أن هناكَ تنويعاً وإثراءً لأشكال وصُوَر الحقيقة التي لا يجرؤُ إنسانٌ-مهما علاَ شأنـُهُ-الزعْمَ بأنه يملِكُ ناصيَتـَها بالمطلق،وهو يَعني أن المَسَارَ الفكري في المجتمع يقوم على أساس ( العقل الجَمْعي ) الإيجابي،فلا مكانَ للاستفرادِ بالرأي-كما هو الشأن في المجتمعاتِ التي تـُسَاقُ بالقهر والاستبداد وقمْع الرأي والتفكير-ولا مَجَال بأن تذوبَ طاقاتُ المجموع-أو تـُـهمَلُ-في سبيل تأليهِ رأي الفرد... ومع تثميننا وإيماننا بمنقبةِ الخِلاف في الرأي إلا أن ذلكَ لا يَعني أنَّ هذا الخِلاَفَ ينفلتُ من الضوابط والمعايير التي بدونها قد يتحول إلى مِعْوَل هَدْمٍ وخرابٍ للقيم الراسخةِ والمبادئ الثابتةِ، وإلى وأدٍ للإبداع الخـَلاَّق... اختلافُ وجهات النظر لا تعني أبداً أنني أنطلقُ بلساني وقلمي لا ألوي على شيءٍ،أقول بلساني وأكتبُ بقلمي ما أشاءُ وبالطريقة المنفلتة التي أرتئيها لإشباع رغباتي ورعوناتي الذاتية..!! والنقدُ والحِجاجُ مع الطرف الآخر مثلاً من أخصب الميادين التي يظهرُ فيهما الاختلافُ في الرأي واضحاً جليًّا،بيْدَ أن كثيراً ما ينحرفُ اتجاهُ النقد البناء والحِجاجُ الصحيحُ بين أصحاب الفكر الحُرِّ،فإذ بطاولةِ النقاش والحوار تتحولُ إلى حلبةِ صراعٍ تظهرُ وكأنها ميْدانٌ لدِيَكَةٍ تتهارشُ لاَ باحَة ًسامية ًلبشَرٍ يتناقشون... النقدُ البنـَّاءُ يقومُ بَدَاهَة ًعلى مبدأ ( التجرد والإنصاف ) بعيدًا عن مغالاةِ الإسراف في إحصاءِ الأخطاء والهنات وبعيداً عن شهوةِ النفس التي تـُضحِّي دائما بمعرفةِ الحق أو الوصول إليه في سبيل إرضاءِ الغلـَبَةِ الشخصيةِ وتقديس الذات..وتأمل معي-أخي الحبيب-إلى قول الشاعر الحكيم كيف يَكشف جانباً من هذه المغالاة الممجوجة : تقولُ هذا جنى النحل تمدحُـــــــــهُ ** وإن شئتَ قلتَ ذا قيْءُ الزنابير مَدْحاً وذمًّا وما جاوزتَ وصْفهُما ** والحق قد يَعتريه سُـــــوءُ تعبير..!! أما المُحاججة الصحيحة فهي تقومُ على المبدأ العريق الذي هو في الأصل قاعدة فقهية من قواعدِ شرْعِنا في الإثباتِ والإنكار : (( إن كنتَ ناقلاً فالصِّحَّة أو مُدَّعيًّا فالدليلُ ))... فمن نقلَ شيئاً وجبَ أن ينقله للغيْر كما هو في غيْر زيادةٍ أو نقصانٍ أو تحريفٍ أو تزويرٍ أو تلاعب..وهذا ما يُعرفَ عندنا بـمبدأ ( الأمانة العلمية في النقل ).. ومَنْ زعمَ أمراً أو ادَّعَى فكرة ًفعليه أن يُصادقَ عليها بأدلةِ النقل والعقل،يقومُ بعرْضِها في كِياسةٍ ومرونةٍ وذوق وأدبٍ على الطرف الآخر،تاركاً للعقل المنير الراشد وللقلب الوضيءِ الحَي الذي يَرَى ويسمعُ ويستقرئ ويستنتجُ أن يُقررَ ما يَراه،فإن وجدَ القبُولَ كان بها ونِعْمَت،وإلا فليَسَعْهُ ما وَسِعَ الأسلافَ الميامين،وهو أن ينصرفَ بهدوءٍ من غيْر اللجوء لوسائل الإجبار والإكراه والصراخ والزعيق والنعيق..!! وتأملْ معي-أخي الحبيب-هذه القمم الشامخة من أقوال الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله ورضي عنه لنتمتعَ-ونحن في السفح-بأنسام ذراها العالية : (( ما ناظرتُ أحداً إلا ورجوتُ اللهَ أن يُظهِرَ الحقَّ على لسانه ))..(( ما باليْتُ أظهَرَ الحقُّ على لساني أم على لسان خصمي ))..(( قولي صوابٌ يحتملُ الخطأ وقولُ غيْري خطأ يحتملُ الصوابَ )).. أما بخصوصي أنا-أخي الحبيب-فشأني هو شأنُ أقلِّ واحدٍ من هؤلاءِ السلف العِظام،وأجتهدُ-على ما أعرفه من طباع وسجايا نفسي-أن أضبط مَساراتِ آرائي التي أعرضها بالصدق والوضوح والصراحة اللازمة... ولن أتألـَّى أبداً على حقيقةِ نفسي إن قلتُ إنني من أولئكَ الناس الذين يستميتون في الدفاع عن آرائهم ومعتقداتهم ووجهات نظرهم،وأكره كل الكراهة أن أناقشَ أو أحاورَ في موضوعٍ مَّا فأكتشفُ أن صاحبي الذي أناقشه يسعى لاحتوائي أو محاصرة عقلي أو التسليم له تحت ضغطٍ من هالتهِ المعنوية أو بدافعٍ من الخجل والحِشمة منه... أحب من صاحبي أن يكون-في قضايا الفكر والرأي-خصماً صُلباً ومُحاوراً عنيداً،ولا أرضى منه أبداً أن يُجاملني أو أجامله على حساب الوصول للحق والحقيقة،ولا أن يتملقني أو أتملقه إذا ما تبينَ لي أو له أن جوهرَ الحقيقة بين طياتِ رأيه أو رأيي... أحب أن يستمع لي وأستمع له كما يستمعُ إنسانٌ سيِّدٌ لإنسانٍ سيِّدٍ آخر،لا كما يستمعُ عبدٌ ذليلٌ لسيده،وأكره منه أن يذوِّبَ وجهة نظره بسهولةٍ في رأيي ووجهة نظري والعكس بالعكس صحيح..فيستمعُ كلانا لرأي الآخر ببصيرةٍ وتدبر وتأمل،فإن بَدَا الحق أبلجاً في أحد الرأيين كان اتباعُهُ والانقيادُ إليه من باب أوْلى،أما إن حدثَ ووقعَ إصرارٌ من أحدنا على رفضه،فليَكُنْ،وليَتحملْ هو وحده تبعة هذا الإصرار،لأنه ليسَ من سبيلٍ إلى اللجوء للقهر والإرغام والإكراه..ومَنْ يَدري..؟؟ إن لم تنقشع الغشاوة اليومَ عن بصيرته فالزمن كفيلٌ غداً أن يُجليها عنها..!! أما ردة فعلي الشخصية إذا ما تبين لي أنني كنتُ على خطأ..فأسارعُ بالقول-وبلا تردد-أنني مباشرة سأعترف بالخطأ وسأستغفرُ اللهَ منه،لأنه من الخيانة لله ولنفسي أن أخادَعَ ضميري بما سيُميتـُهُ في كِياني للأبد..!! الأمرُ مرهونٌ فقط بمدى قناعتي أنه خطأ..واعترافي بالخطأ لا يـُنقِصُ من قدْر نفسي أو إحساسي بكياني وكرامتي قدْرَ أنملةٍ..بل على العكس تماماً،سيُوَرِّثُ ذلكَ في قرارتي راحة وانتعاشاً أنام معها نومَ قرير العيْن هانيها..!!! أما سبُل الإقناع المناسبة..فأعتقد-أخي الحبيب-أن ما عرضتـُه في تعليقي هذا يَحملُ من الوسائل التي أراها-في تقديري-هي الوسائل الصحيحة والسليمة،وتأتي المعاملة الرقيقة اللطيفة الطيبة مع الطرف الآخر في صدارتها،ثم الصدق وإخلاص النية والصبر وسَعة الصدر والبال في الحوار والنقاش،ثم العلم ثم العلم ثم العلم بحيثياتِ الرأي المطروح للنقاش وعرض الأدلة في غير جموحٍ في الهوى أو استبدادٍ بدليل... وشكرَ اللهُ لكَ..وشكرَ لبقية الأحبة الأكارم الذين أدلو بدلائهم الكريمة..وباركَ اللهُ لنا جميعاً في فكرنا ومشاعرنا وفي أخوَّتنا ومَحبتنا لبعض...وتقبل الله منا ومنكم عوائد هذه الأيام المباركات...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب... يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!! التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 14-08-2012 الساعة 06:36 PM |
|
|