روابط مفيدة : استرجاع كلمة المرور| طلب كود تفعيل العضوية | تفعيل العضوية

.::||[ آخر المشاركات ]||::.
متعب كثير [ آخر الردود : عبدالكريم السعدي - ]       »     متعب كثير [ آخر الردود : عبدالكريم السعدي - ]       »     في محراب الحنين [ آخر الردود : ذكرى - ]       »     الشـوق المثار [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نبسـط لـك الهوى [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     ذاكــرة أمـواجُ الشـوقِ‏ [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     متى تَلتَئِم الجراح [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     وجوه تهوي بها الأيام فترميها ب... [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     نـوبـة حنين [ آخر الردود : نبيل محمد - ]       »     لحظه غيابك [ آخر الردود : ياسر الكثيري - ]       »    


الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء
عدد الضغطات : 3,552ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 2,816ضع إعلانك هنا - ثلاث شهور فقط 25 ريال عماني
عدد الضغطات : 8,384
دروازة للتصميم
عدد الضغطات : 52,518عدد الضغطات : 52,298عدد الضغطات : 52,403

العودة   منتديات السلطنة الأدبية > منتديات السلطنة الأدبية > النقد والكتابات الأدبية والسينمائية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-07-2011, 07:14 PM
الصورة الرمزية أحمد الهديفي
أحمد الهديفي أحمد الهديفي غير متواجد حالياً
اللجنة الإعلامية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 123
افتراضي من نصوص الملتقى (القصه القصيره)

حامض الذاكرة

الشمس تحاصر الطرقات بجبروتِ أشعتها، تلهبُ الجلود السمراء فتزيدها اسمراراً، وتصطف البيوت الطينيّة كجيشِ من العمالِ أرهقهُ الجري الدؤوب خلف لقمة العيش، بينما يداعب نسيم الصيف الجاف سعف النخيل ويرسم على الخدودِ الصغيرة حمره تضاهي حمره الشفق الأحمر جمالاً وشقاوة.
حكّ أنفه بشكلِ لا إرادي مراتِ عديدة وهو يقفزُ من الشمس إلى الظل، فكر في الأمبا الذي يداعبُ لعابهُ كلما مرّ على بيت ود المُبَشر، أعاد تلاوة المشهد من جديد، فسال لعابه وهو يتلمظ ذكرى آخر أمباة قضمتها أسنانه.
تمردت الرياح على السكون وكادت أن تخطف إزاره لولا أنه تنبه لزئيرها فقبض بقوة على إزاره، سأل قلبه الصغير الله أن لا يكونَ الشايب سلمان مضطجع في الحوش كالعادة، أي مجنون هذا الشايب سلمان ينام تحت سطوة شمس الظهيرة ليثبتَ أنه رجل لا شيء قادر على النيل منه؟! كشفت عيناه بنظرة واحدة على الحوش، كانت الأجواء غريبة بعض الشيء، السكون يخيّمُ على الأرجاء، وجد قدمه تدفعُ الباب الحديدي، همس صوته باحثاً عن صديقه عبدالله: عبيد، عبيد، بدا له أن البيت خال إلا من جسده وأرواح سكان البيت من الجن، ارتعدت فرائصه وهو قابع عند المدخل، تذكر الأمبا فواتته الشجاعة فتقدم حاشراً جسده في ممراتِ البيت يتلصص بحثاً عن وجه عبيد أو أحد إخوته، التفت مراتِ عديدة خوفاً من ظله، نبض قلبهُ بشده حين راودته فكرة أن يكون الشايب سلمان في البيت وقد يلمحهُ، جفّ صدره، واتسعت عيناه.
وصلَ إلى النافذة المطلة على بيت ود المبشر، قرّت عيناه بتأمل شجرة الأمبا، لمح رجل يركضُ على نحو غريب، مدّ نظره إلى المساحات الأخرى بين بيت ود المبشر ومزرعة النخل، عند البئر شاهد مسعود والشايب سلمان وكأن ثمة خطب غير طبيعي يحدث هنالك، استفزه الفضول فخرج من البيت مسرعاً متوجهاً إلى تلة بنت الراعي حيثُ بإمكانه رؤية المشهد كاملاً، هل يصدق ما تراه عيناه؟ جسد ود المبشر مسجى على الأرض ورأسه مضرج بالدماء، ابتعدت الشمس قليلاً عن كبدِ السماء، تعالت أصوات أذان العصر من القرية والقرى المجاورة، وعيناه ما انفكتا تسجلان المشهد، مسعود والشايب سلمان رموا جسد ود المبشر في البئر، رموه بقوة وعنف، شعر هو بأن روحه تنزلق من شاهق مع جسد ود المبشر، ارتفع طعم حموضة الأمبا إلى حلقه فاستحال طعمها مر ومثير للغثيان، صوّر خياله ارتطام جسد ود المبشر النحيل بعمود وماكينة البئر فشعر بأن رأسه يتحطم على دوي المشهد.
انتهى كل شيء، غادر مسعود والشايب سلمان المزرعة، وبدأت الأزقة الضيقة تصافحُ أقدام المصلين المتجهين إلى مسجد شَرَقْ، نزل من على التلة، كان إزاره مبتل، لم يهتم بذلك، حاول أن يسرع قدر الإمكان قبل أن يلمحهُ أحدهم، تعثرت قدماه بحجارة التلة فتأذى ظفر إبهام قدمه اليسرى تأوه متألماً ولكنه ركضَ وكأنّ العالم بأسره يركضُ خلفه غير آبه بحرقة الوجع.
اختبأ خلفَ بيت زوينة العوراء مخافة أن يلتقي بأحد، سمعَ أصوات أقدام تتقدم نحوه، دسّ جسده بين جالون ماء وباب خشبي مخلوع، امتدت يد كآهلة، شعر بها تقترب، كتم أنفاسه، بحثت اليد عن مخبأ لتحشر شيء لا يعرفُ هو كنهه بعد، طال الوقت، دقائق ولكنها تشبهُ طابور الصباح في يوم تفتيش الأظافر والخيزران بيد المدير محمود أبو قانون، احتجت رئتيه، ازرقّ وجهه وأخيراً ابتعدت اليد بعد أن حشرت كيس نايلون في الزاوية، ابتل إزاره مرة ثانية لا يعلم لماذا سالت دموعه وسال أنفه بغزارة دفعة واحدة؟! الكيس يحمل عمامة بيضاء ملطخة بالدم وأشياء أخرى.
ظلّ في مكانهِ، جسده المحشور ينتفض، صورة وجه مسعود والشايب سلمان تتسع، تتسع ، ويتقزم هو، تتسع وتبتلعه، يعيد مشهد البئر يشعرُ بالدوران ويرتجف ، أظلم المكان تدريجياً، حمره عشوائية تلطخُ وجه السماء، رفع رأسه، مسح أنفه بكمه، الطيور تعودُ إلى أوكارها و قطط تمرقُ بتململ إلى الداخل.
في صبيحة اليوم التالي كانت الحمى تشلُّ حركته بينما القرية تعلنُ الحداد بعد أن انتشر الخبر كالنار في الهشيم، (مسكين ود المبشر طاح في البئر بينما كان يحاول إصلاح ماكينة الطوي... الله يرحمه لو انتظر حمود المُصّلح ما كان أخيّر له ؟ ... مات لا ولد ولا تلد الله يرحمه.. الله يرحمه باع المزرعة والبيت لمسعود و الشايب سلمان).لم ينسَ ذلك اليوم مطلقاً حتى بعد سفره إلى أميركا لدراسة كان يتتبعُ أخبار القرية فتصلهُ طازجة، الشايب سلمان أصيبَ بالزهايمر، وقضى بقية حياتهِ يروي حكاية قتلهِ ود المبشر في الشوارع بينما الصغار يتوقفون عنده ليتضاحكوا ويرموه بالحجارة غير آبهينَ بأساطيره تلك.
وعندما عاد من الغربة ووجدّ أحفاد الشايب سلمان يديرون المزرعة، أخبرتهُ العجوز سلامة بنت ربيّع التي التقى بها عند مدخل بيتها عندما سألها عن مسعود أن مسعود تزوج فتاة هندية تصغره بعشرين عاماً وأكثر، كانت فتاة فاتنة أنجب منها ولدين توأمين وأولعَ بحبها وبعد مدة اكتشفّ بأن بيتهُ يزورهُ نصفُ مراهقي القرية ، قتلها وفرّ هارباً من الشرطة وأثناء مطاردة الشرطة له سقط في بئر ود المبشر.
تصاعدت المشاهد الحامضة كالبخار الساخن تحت غلي الذاكرة بسر الأمس، عندما ترجل ناصر بن حمد عن سيارته وتذكر صورة ود المبشر المضرج بالدماء في ظهيرة الأحد قبل خمسة وعشرين عاماً من الآن.


مريم بنت سعيد العدوية
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:17 PM.


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi
جميع الحقوق محفوظة لدى الكاتب ومنتديات السلطنة الادبية