عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 26-11-2012, 11:49 AM
رحيق الكلمات رحيق الكلمات غير متواجد حالياً
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2011
الدولة: في قلوب أحبتي أحيا بصمت
المشاركات: 2,212

اوسمتي

افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحكمانية مشاهدة المشاركة
أطل الصباح بأرياحه الباردة ،وأشرقت الأرض بنور ربها

وأصداح الطيور تعج في سماء القرية الوادعة على ضفاف البحر ،فيروق بأعذب النسمات
نسمات عطرية هادئة كهدوء مريم ذات الخامسة والعشرين ربيعا،

زهرة يانعة في مقتبل العمر ،تعشق الحياة والبحر وتحب الخير للجميع ،
تعيش مع جدتها في بيت صغير،
حيث يغيب البرد منه في حضرة المشاعر،
ولاتزال مريم تحتضن فراشها الدافي حالمة بالحب .
وكعادة جدتها توقظها بعبير قهوتها قبل همساتها
فتنتشي مريم عزما لتخوض يومها وتبدأ معركتها في الحياة

فتتأنق بلبس جديد كالون البحر في زرقته
تقف أمام المرآة تمشط شعرها الطويل الكثيف وقد أرخى سدوله على وجنتيها النديتين وفي محياها تشرق ألف ابتسامة
ومن فتحة الباب يتسلل صوت جدتها الرخيم
مريم مريم هلمي لتناول الإفطار ،فتأتي على عجل تحتضن دفاترها مترنمة بألحان مشجونة ،
فتأكل بسرعة تسابق عقارب الساعة وجدتها ترتب بيدها الحنونة على كتفها قائلة :على مهلك ياحبيبتي الدنيا لن تطير
ها قد أزفت مريم على الذهاب،
وجدتها تنهال بالدعاء لها وتغدق بالتقبيل وفي عينيها أمل يرتسم.
فتخرج مريم من البيت تاركة خلفها بقايا أنسام روحها العبقة،
والجدة لاتزال تلوح بيدها ،تودعها .



تدخل سيارتها وكأس الشاي بين يديها هكذا قد اعتادت مريم حينما تهيأ سيارتها للسير .
وعلى الزجاجة الأمامية
تتساقط حبات الطل الندية ومع كل قطرة ندى تهم في النزول
كانت مريم تتأملها
تتأمل لونها
تتأمل معانيها
تتأمل بريقها حين يخطفه سناء الشمس .
وما أن تفرغ من شرب الشاي ،حتى تتأهب للقيادة والذهاب إلى مكان عملها .
ولا تنسى أن تعطر مسامعها مما تتيسر من سورة البقرة ،
فهي الحافظة من كل شر وحسد .
لم تكن مدرستها بعيدة عن البيت ، وما هي إلا دقائق وتصل
إلا أن ذلك الطريق المزدحم بالمطبات ،

يجعل الوقت طويلا و يحكي حكاية أخرى

فعلى مقربة منه
بيت عتيق ، تكتسي أسواره بهامات النخيل الباسقة حيث تتمايل مع هبة النسيم عليه
وأمام البيت ، يقعد رجل خمسيني على الحصير ،

مادا رجليه فوق بعضهما

وعلى رأسه عمامة مجدولة

وكأنها قد سكنت رأسه منذ سنين .
يحتسي فنجان قهوته ،
وفي تفاصيل وجهه حوادث الزمان،

قد شقت خطوطها المتعرجة على جبته وبين عينيه .
وما تلك التجاعيد إلا معان للصبر والإباء وقصة كفاح مع الحياة .

ذلك الرجل الخمسيني رغم ملامح الكبر إلا أن مريم كانت تنظر فيه شيء من الجمال .

كيف كان هذا الرجل في عنفوان شبابه ؟ سؤال يساور مريم
من المؤكد أنه كان بهي الطلعة ،
حسن الوجه
ومن خيرة الشباب
إلا أن العمر حينما يمضي بنا يأخذ أجمل الأشياء وأثمنها
نتمنى حينها لو نرجع للوراء كي ننعم بتلك الأيام ،ولكن هيهات لنا ذلك ،فالحكيم منا هومن خاض حياته متسلحا بالقناعة والرضا وقلبه مشتغلا بالله
فلا عز يدوم ولا جمال يبقى،وإنما هي الأعمال الصالحة يخلدها الزمان
ويبقى شذاها عطر يعبق بين البرية .




يتبع .....


للجمال رونق جميل هنا
يمر حاملا عبقا جميلا
امتزج فيه جمال السرد
بروعة الإسلوب
الف تحية لك
__________________
رد مع اقتباس