عرض مشاركة واحدة
  #23  
قديم 04-07-2013, 03:37 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي

..في تقديري وقناعتي الدائمة التي أومن بها وأجاهرُ-أختي البديعة وهج الحرف- أن ( الشاعرَ )-أي شاعرٍ-وبصرف النظر عن اللغة أو اللهجة أو اللكنة التي يكتبُ بها شعرَهُ،يجبُ أصلاً أن يكونَ صَدًى رقيقاً حانيًّا رفيعاً لأصل الاشتقاق الفرعي الذي تفرعَ عنه اسمُ الفاعل ؛ ( شاعرٌ من الشعرِ،والشعر من الشعور )...

قبل كل شيءٍ..قبل الصياغة والتنضيد..قبل السلامة اللغوية في المبنى..بل قبل الالتفاتِ للفكرة والمعنى..لابد..لابد من الشاعر أن يكون شاعريًّا أولاً..

لابد أن ينجَحَ في إيصال شاعريته الرقيقة إلى وجدان القراء..ولن ينجحَ بالطبع إلا إذا صادفَتْ شاعريتـُهُ إخلاصاً وصدقاً وحناناً ودفئًا يُغذي به كلماتِه وألفاظه...

والإخلاص والصدق-في تقديري-فتـْحٌ من الله تعالى،يفتحُ به على عبادٍ دون عبادٍ...

لماذا-أختي الكريمة-أحياناً نقرأ لبعض المتفوهين من الشعراء في موضوعٍ معينٍ،ونبذلُ جهداً في التوغل إلى قرارةِ القصيدة لنتفاعلَ مع لبِّها الغائر،وربما وجدنا في مبناها حشداً هائلاً من الألفاظ الرنانةِ والعباراتِ الفخمة والكلماتِ المليئة فيْقهَة ً ورطانة ً..لماذا-وقد أعدنا قراءتـَها مراراً وتكراراً-لا نجدُ في أعماقنا حيَالـَها أيَّ أثر من تأثير..؟؟!!

فقط هي البلادة والروتين والكلام المُجتـَرٍّ المتكلف هو ما نجده ونحس به..؟؟!!

لكنْ لماذا أحياناً نقرأ لبعض الشعراء ذاتَ الموضوع في قصيدةٍ قصيرةٍ أو طويلةٍ،فإذ بقلوبنا وأفئدتنا تكادُ تقفز بين الضلوع تأثراً وتجاوباً معها..؟؟!!

أتعلمينَ-أختي-ما السر الخفي في ذلك..؟؟

السر هو في شحنةِ الإخلاص التي انطلقتْ من قلب الشاعر باتجاه قلمه،حتى إذا أفرغها قصيدة ًراحتْ يَدُ الله تعالى الحانيةِ تزرعُها في القلوب لتنبتَ في تربتِها أوراداً ورياحين..!!

إن السماءَ وحدَها هي من تصنعُ القبُولَ للإنسان في قلوب ومشاعر الآخرين..(( وما رميْتَ إذ رميتَ ولكن اللهَ رمى ))..

ولعل هذا هو الحالُ الذي صاغه الأستاذ العقاد رحمه الله في قوله :

والشعرُ من نفـَسِ الرحمان مقتـَبَسٌ ** والشاعرُ الحقُّ بين الناس رحمانُ..!!

أتفق معكِ أن اللهجة الخاصة قد لا تكون مانعاً عند التعبير بها في شعر شاعر آخر دخيل على تلك اللهجة وأهلها،بشرطٍ أن يمتلكَ أسرارَها العميقة في التواصل مع إقرارنا-بحكم الواقع-أن فرصة التمكن الراسخ في لهجةِ قومٍ ليستْ متاحة ًللجميع...

لكن الذي أؤكد عليه أن ( اللغة العربية الفصحى ) هي القاسم المشترَك الحقيقي الذي ينبغي أن يتم التواصلُ به بين أبناء الأمة الواحدة من المحيط إلى الخليج،لأنها ترتبط بالقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة...

لذا شيءٌ طبيعي أن أجدَ ربما صعوبة في فهم لهجة أهل عمان الطيبين أو على الأقل صعوبة في فهم شيءٍ ما من لهجتهم الشعبية..وشيءٌ طبيعي بالمثل أن يجدَ أهلُ عمان صعوبة في فهم لهجاتنا المحلية المغاربية-سواءٌ هنا في الجزائر أو دول الجوار-لكن الشيء غير الطبيعي أبداً أن يَعسُرَ عليًّ أن أقرأ قصيدة-بالفصحى-لأخي العماني فلا أفهمُ معنى ما يَقول..أو أن أكتبَ أنا قصيدة ً بالفصحى وأتفاجأ أن شقيقي العُماني يجد صعوبة في فهمها..!!

العربية الفصحى هي الأصل العام الذي يجمعنا أختي الكريمة..وهي المساحة المتاحة التي تتحركُ فيها مشاعرنا لبعضنا-على تباعد المسافات-بخفةٍ ورشاقةٍ وحيويةٍ كما تريد،بدليل أننا قرأنا شعراء وأدباء كبار،كانوا يذرعونَ أقطارَ العالم العربي شرقاً وغرباً،ويُفجرون إبداعاتهم كما يريدون،ويُحققون ما يصبون منها عند غير أهلهم وأقوامهم وعشائرهم..

وكلنا يسمع بـ ( شاعر القطريْن ) خليل مطران،لأنه ولد في لبنان ونشأ فيها وعاش في مصر ومات بها..وكلنا يسمع عن أحمد فارس الشدياق اللبناني الذي عاش في تونسَ..والأديب الروائي الكبير علي أحمد باكثير اليَمني لم يعرف أدبُه شهرة وذيوعاً وتأثيراً إلا بين المصريين في أرض الكنانة التي تلقفته واحتضنه...و...و...

أما النقد والانتقاد وأخطاء النقد والانتقاد وانكسار صرح التواصل بين الشاعر ومحبيه بسبب القسوة والغلظة والاستعلاء..فتلك قصة أخرى قد نعود إليها أختي إن شاء الله...

دمتِ..ودامَ حِسُّكِ المتوهِّج بيننا....
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!

رد مع اقتباس