عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 09-09-2013, 10:10 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...أعتقد-أخي الكريم عامر الناعبي-أن موضوعَ ( الخلاف والاختلاف ) قد سبَقَ وتمَّ إثراؤهُ في طرحٍ سابقٍ لأختنا الكريمة ريم الحربي ( قوافي )..وكان عنوانُ الطرح : الاختلاف هل هوَ مبرر للخلاف..؟؟ على الرابط التالي :

http://www.alsultanah.com/vb/showthread.php?t=16992

وها أنتَ-أخي الكريم-تجددُ في الوضوع المهم نقاشاً،وجميلٌ ما فعلتَ،لأنه من المواضيع الشائكة التي تحتاجُ بيننا-وبين عامةِ المسلمين-إلى تكثيفٍ في التذكير به...و ( زيادة الخيْر خيْرَان ) كما يقولون....

بالنسبةِ لي،سأعيدُ وجهة نظري فأثبتـُها هنا..وإن عَنّتْ لي أفكارٌ جديدة ٌفي الموضوع وفتحَ اللهُ بها على فكري وعقلي فسأردِفُها لاحقاً إن شاء الله...

ودمتَ كريماً مِعطاءً...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


((..انفساحُ الصدر والفِكر لرؤى الآخرين وآرائهم،وحُسْنُ الإصغاءِ إلى وجهاتِ نظرهم،بصرف النظر عن الموافقة أو المخالفة،دليلٌ قاطِعٌ على المستوَى الأخلاقي والفكري والثقافي والحضاري والإنساني الشامخ الذي يُحَلقُ فيه صاحبُه...

وسرعة الضائقة في الصدر،والتبرُّمُ المحموم بما يعرضه الآخرون-من رؤىً وقناعاتٍ-دليلٌ دامغٌ على مستوى الضحالة الفكرية والخواء العلمي والأخلاقي الذي يتردى فيه صاحبُه في غير ما لجاجةٍ في الوصف..!!

وشتانَ..شتانَ-أختي الكريمة البديعة ريــم-بين الصاحبيْن في معايير المقارنة أو الممثالة..!!

وما يختلف اثنان عاقلان أبداً في أن لكل منا في حياته رُؤَاهُ التي يرَى بها الدنيا وما تحوي من أفكار ومبادئ وقناعاتٍ،وعليها تتقدرُ الأشياءُ عنده وتوزَنُ،ومنها يكونُ منطلقه في الحُكم على الأفراد والأشخاص،وليسَ من حق أي مخلوقٍ آخر أن يمارسَ عليه فيها حَجْراً فكريا أو قمْعاً إراديًّا أو إلغاءً إنسانيًّا أبداً...

فما أستحسنه أنا قد يستقبحه غيْري،وما أراه أنا أولوية ًفي سُلم اهتماماتي قد يَراهُ غيري أمراً يجبُ وضعُهُ في المؤخرة،وما أستصوبهُ أنا في ما اجتهدتُ الوصولَ إليه من آراءٍ قد يُخطئُهُ غيري،ومن العبثِ أن أنسبَ لنفسي في آرائي وقناعاتي الكمالَ المُطلقَ والصوابَ المعصوم،وما دامتْ قضايَانا التي نتبناها لا تعدو أن تكونَ في منطقةِ الاجتهاد البشري،فلنختلفْ-أنا وأنتَ-كما تشاءُ ضروبُ الاختلاف،وليَذهبْ كلٌّ منا مذهبَه في ما يتبنى ويُؤمنُ ويقتنع،وليستمِتْ كلٌّ منا في عرض آرائه وأفكاره-بالحُجج والدعَاوَى والشواهد والأدلة التي يَعضِدُها به-ثم فليَعرضْ كلانا ما في جعبته على الناس والرأي العام الواعي العاقل،وهم فقط في النهاية مَنْ سيتبنى من رؤانا وأفكارنا الأصلحَ والأقوَمَ قيلاَ...

فلماذا يا ترَى،يتحولُ الاختلاف المحمود بعدها إلى اختلافٍ مذمومٍ،يُعطي انطباعاً للدنيا أننا في خُمِّ دجاجٍ،تتهارشُ دِيَكتـُهُ ( على الفاضي ) أكثر مما أننا في منابرَ راقيةٍ من أدب الاختلاف الإنساني الرفيع..؟؟!!

من حقي-يا صاحبي-أن أتبنى رأيا اجتهاديا مَّا في هذه الحياة..ومن حقي أن أومِنَ به وأقتنعَ..ومن حقي أن أستبسِلَ في عرضه على الغيْر-بكل جرأةٍ وصراحةٍ ووضوحٍ وصِدق-وأن أدافعَ عنه بالشواهد والأدلة التي أحشدها له..ومن حقي أن ترخي لِيَ سَمْعَ الانتباه،فتبذلَ جهداً مُخلِصاً في استيعاب ما أقول وأعرض...

ثم بعد ذلكَ،من حقك أن توافقَ أو ترفض،أن تتبنى أو تتخلى،أن تصادقَ على آرائي وأفكاري-بإرادتِكَ السيدةِ الحرة-أو تصُدَّها وتواجهها بالمخالفة المطلقة..ومن حقكَ عليَّ أن أتلقى رفضـَكَ وتخلليكَ وصدودَكَ عن آرائي وأفكاري بصدر رَحْبٍ وبكِيَانٍ لا يَحملُ بغضاءً أو ضغينة،ولمَّا كانتْ ضرورة الاختلاف تقتضي أن لا نسيرَ جنباً إلى جنبٍ في درب الرؤية التي اختلفنا فيها،ولكلٍّ منا وجهة هو مُوليها،فقطعاً ذلك لا يَعني أبداً أن يَتجاوزَ كلُّ واحدٍ منا حُرمة الأخوَّةِ وعشمَ العِشرةِ وذمة الوفاءِ والصحبة،وحدودَ الأخلاق والأدب..

فإن الاختلافَ إذا استحال لخلافٍ مُبيَّتٍ أصلاً بسوءِ النياتِ خرَجَ لنسميهِ أيَّ شيءٍ رديءٍ دميمٍ بشِعٍ إلا أن نسمه اختلافاً..!!

وما هكذا تعلمنا أدب الاختلاف من سيرة السلف والخلف الكِبار...

وقد نقلتُ في موضع آخرَ-أختي الكريمة-وجهاً وضيئاً رفيعاً شامخاً مما كان عليه مستوى الاختلاف بين علمين كبيريْن من أعلام النقد والإبداع والأدب في القرن الماضي،وكيفَ أدارَاهُ-على اتساع الشقة الفكرية والأدبية في قناعاتهما-بكياسَةٍ مذهلةٍ من الحميمية الرفيعة والمستوى الأخلاقي السامق،جعلتهما مَحَلَّ إعزاز وإكبار في نفوسنا إلى يوم الناس هذا..الأستاذ العملاق الكبير عباس محمود العقاد والأستاذ الكبير الدكتور طه حسين رحمهما الله تعالى...

وواللهِ دائماً أقول : إذا خلتِ الساحة من ( الكبار ) راحَتِ المتردية والنطيحة وما أكلَ السبُعُ تملأ الساحة ببغامها ورغائها..!!

ويومَ تخلو هذه الساحة إلا منهم فتوقعي-أختي ريم- أن لا ترَيْ إلا تهارش الديَكة وتناخز الضباع وتهاتر الرعاع..!!!

وأظن الساحة في أيامنا النحِسات تضِجُّ وتعِجُّ-إلا منْ عصمَ اللهُ ورحِمَ-بالأظلاف من كل صنفٍ ولون..!!!

أستميحُكِ العذرَ-أختي-أن أنقلَ لكِ هذه الكلمة التي أدلى بها قلمي الكليل يوماً،وأظن أن لها علاقة مباشرة بأطروحة النقاش التي عرضتِها حولَ ( الاختلاف والخِلاف )،وهي عبارة عن تعليق عابر على مقال،كان قد كتبه أحدُ الأحبة الأساتذة الفضلاء في موقعٍ رائدٍ،حبيبٍ إلى نفسي عن ( أدب الاختلاف في الإسلام ) بتاريخ : 10/نيسان/2008 للميلاد..

أثبتُ التعليقَ مُذيَّلاً هنا مع كلامي،تعضيداً لما قلتُ،وتوسيعاً للأفكار،وتعميماً للفائدة..واللهَ أسألُ أن يرزقنا العمَلَ الدؤوبَ والإخلاصَ في ما نقولُ ونكتبُ..

كتبتُ أعلقُ في كلمة عنونـْـتـُـها بـ : (( الرأي ؛ بين الخلاف المذموم والاختلاف المطلوب )) :

(( ...جزى الله أخانا الكريم عبدالقادرخليل على هذه التذكرة النافعةالخاصةبأدب الاختلاف وملامحه ومقتضياته،فما أشد الحاجة-زمن التجاذب والتشدد هذا-إلى التذكير بهذه المضان،التي غيبت في شبكة الطرح الإسلامي أوتكاد..!!!.

وما أحوجنا إلى العودة لمعين السلف التليد،نستلهم منهم أدب الاختلاف،ونتتلمذ على موائدهم الثرة،ومستواهم الرفيع السامق في عرض آرائهم الاجتهادية المتباينة على بعضهم البعض،فيقع الأخذ والرد،والقبول والرفض بينهم،بل ربما اشتبك الواحد منهم مع الآخر في ملاحم فكرية وطيسة،فيقارع صاحبه الرأي والمحجة بالحجج والدعاوى،تحت مظلة ؛ " إن كنت ناقلا فالصحة،أومدعيا فالدليل"وتحت مظلة :

والدعاوى مالم تقم عليها ** بينات فأبناؤها أدعياء...!!

وتحت مظلة قول الإمام محمد بن إدريس الشافعي-رضي الله عنه-:"قولي صواب يحتمل الخطأ،وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"،أوقول أستاذه مالك-رضي الله عنه-:" كل يؤخذ من كلامه ويترك إلاصاحب هذا القبر-صلى الله عليه وسلم "...

لقد كانوا يذهبون في الخلاف إلى أبعد نقطة يمكن أن تصل إليها عقولهم الكبيرة،ولكنهم كانوا"كبارا" في خلافهم..

تأمل هذه القمم...

الإمام أحمد خالف أستاذه الشافعي في مسائل يطول شرحها،ومع ذلك فقد كان التلميذ يقول: " لقد كان الشافعي كالصحة للبدن وكالشمس للدنيا،فهل لهذين عوض "..؟؟!!

وكان الأستاذ يقول عن تلميذه :

قالوا يزورك أحمد وتزوره ** قلـــــــت: المكارم لاتفارق منزلهْ
إن زارني فبفضله وإن زرته ** فلفضله فالفضل في الحالين لهْ...!!

وعندما خالف أبو حنيفة عبدَ الله بن المبارك في مسائل , سمع رجلا ينتقده بلذاعةٍ , رد بقوله :

يا ناطح الجبل العالي لتكلمه ** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل...!!

واقرأ ان شئت في كتاب " سير أعلام النبلاء " للإمام شمس الدين الذهبي , أو " إعلام الموقعين عن رب العالمين " لترى المستويات الشامخة التي كان السلف الصالح يحلق فيها عندما يختلف ويتمسك برأيه ..لقد كان الإطار بينهم هو قول الشاعر :

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد ** جاءت محاسنه بألف شفيع...!!

لكن لما تقدمت السنون بالأمة ,هوت من مستواها الذي كانت تحلق فيه , إلى مستوى ضحل,من ضيق الأفق وقلة الدراية وسماجة الأخلاق , فصار الخلاف في الرأي , مظهرا من مظاهر التهارش , يشبه إلى حد كبير تهارش الديكة , لا يسمع في رحابه غير النعيق والعواء..

ألا تشعر- أخي المسلم- بغثاثة فكرية , واحتقان نفسي , وتشنج عقلي ,وأنت ترى باعة في الطريق , أو حرفيين عوام , يناطحون قمم الأمة , وأهراماتها الفكرية , بحديث وكلام , أقل ما يقال فيه أنه خواء فكري وروحي وأخلاقي , كل ذلك باسم حرية الفكر والتعبير والرأي..

وأخونا الأستاذ عبد القادر , أراد تنبيهنا إلى أصول الخلاف السمحة , من خلال لفتته الكريمة هذه.
وأحب في الختام أن أهمس-متسائلا مستفسرا , علني لم أفهم- إلى الأخ الكريم المعلق " ماهر " من مصر فأسأله بأخوية ؛ من هم الدارسون -الذين كونهم مفكرين أو علماء- قالوا بزيادة ركعات الصلاة الفرض , أو نقصانها ؟؟!!!...إن كانوا من العوام , فلا لوم ولاضير , أما ان كانوا محسوبين على الأمة كعلماء , وفقهاء ومفكرين , وأساطين العلم , فإن التلميح عليهم لا يغني عن التصريح في هذا الموقف لخطورة الإشارة دون الكشف عنهم بالعبارة..!!

مَنْ من العلماء قال بهذا السفه ؟ ما أسماؤهم ؟ وأين نشروا أو كتبوا ذلك ؟

أنا على حد علمي المتواضع لا أعلم أحدا من الأخلاف أو الأسلاف , من القدماء أو المعاصرين , ممن انتشروا على الساحة الإسلامية , يمثلون تنوعها الفكري والمذهبي , قال بهذا اللغو الخطير , فضلا عن أن ينشره أو يدافع عنه..!!

أما ان كنت -أخي الكريم ماهر- تقصد بالدارسين لهذا الدين : أشباه العلماء , وأنصاف المفكرين , والذين أوعز بهم الجهل والأمية الفكرية وقلة المعرفة , والذين بضاعتهم في فقه الشريعة وأصولها مزجا, ضحلة , فهؤلاء , لا نتوقع منهم أن يقتطعوا من الصلاة ركعات , بل نتوقع منهم العبث الإجمالي بأصول الدين وفروعه , ومحكم كتابه ومتشابهه، و :

وقد ضــلَّ مَنْ كانتِ العُميانُ تهديهِ ** ففـــــاقــدُ الشيءِ لا يُعطيــهِ..!!

شكر الله لكاتب المشاركة , وللمعلقين عليها , ونرجوا دائما أن يبقى العطاء والفكر موصولين بنا , وأجر ذلك محسوب عند الله للجميع , والله المستعان. ... )) اهـ

أشكرُ لكِ-أختي الكريمة البديعة ريم-هذه الإثارة لهذه التذكرة النافعة الواعية الهادفة..فما أحوَجَنا-واللهِ-أن نرتفعُ مرة أخرى وأخرى إلى الذروة الحقيقية لهذا الأدب الرفيع الغائب،وما أشدَّ حاجتـَنا لهذا الارتفاع،فإن الجوَّ الخانقَ الذي أصبحنا نتنفسُه في السفح الضحل،يكادُ يَكتِمُ الأنفاسَ..!! )) اهـ
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!