عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 21-07-2012, 12:43 AM
الصورة الرمزية علي الكمزاري
علي الكمزاري علي الكمزاري غير متواجد حالياً
كاتب فعال
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
الدولة: عُمان
المشاركات: 80
إرسال رسالة عبر MSN إلى علي الكمزاري
افتراضي غَيم السَّرابْ ~

مِن ذَلك الطِفل الصَغير المُختَبئ في مَكانٍ ما في أعماقي ،
إلي مِن أنهكَتهُ كثرة أسئلتي
لَكَ عَرَّاب أشعاري !

غَيم السَّرابْ




أروي بمنفى حَنيني وَردةَ الوَطنِ
فأزهتْ غُربتي شَوكًا مِن الحَزنِ

لم أقتَطِفْ شَوكةً سَعيًا لِوَردَتها
إلَّا كَما تُقطَفُ الآمالُ بِالمِحَنِ

ما أكثرَ الألم الشاكي ولا سَقمٌ !
كَغارِقٍ في سَرابِ الماءِ بالسُفُنِ

مَامَسَّهُ المَاءُ أنَّى يشتكي بَللًا ؟!
و يَمسحُ الدَّمْعَ -إذْ لا دَمعَ- بالرُدُنِ !

يا حَامِلًا في لَظى الصَحرا مِظلتَهُ
غيمُ السَرابِ فَقيرٌ كَيفَ صَارَ غَنِي ؟!

القَانِطُونَ مِن الأحلامِ وَاقِعُهُمْ
بَحرٌ مِن الوَهْمِ و الشُطآنُ لم تَبِنِ

في كل دَقةِ قلبٍ أكتوي أسفًا
على فُؤادٍ يَضُخُّ الجسمَ بالشَّجَنِ

فما عَجبتُ سِوى أني لهُ وطنٌ
وخرَّ مِن صرخةٍ مِن نبضهِ بَدني !

مَرَّتْ غُيومٌ مِن الذِكرى، ولا مَطَرٌ
ألم يئنْ مَوعِدُ اللُقيا ؟ ألمْ يَئِنِ ؟

كَعادتي في شِتاءِ البينِ يا أبتي
أحِيكُ حُلمًا مِن الذِكرى يُدفِّئُني

كأنَّني ذَالكَ الشَيخُ الذي دُفِنتْ
بالأمسِ زوجَتُهُ، و الأمسُ يَجهلُني !

ما زَالَ يَهذي لَها عَن حُبِّهِ شَغَفًا
يَهذي يُثرثِرُ بينَ السِرِّ و العَلنِ

سأكتفي بِلقا الأحلامِ أسكنهُ
هل للفقيرِ سوى الأحلامِ من سَكنِ ؟

الشمس خلفَ خمار الليلِ نائمةٌ
و البَدرُ دومًا يُواسيني ، يُطمئنني

يَقولُ أمعِن بوجهي تِلكَ قُبلتها
مُذ ودعتني تُعيذ النورَ من وَهنِ

قالت سترجعُ (إنَّ الصُبحَ موعدنا) !
فلتُسرِعي فالسَما عَطشى مِن الظُعَنِ

سألتهُ: فلماذا الليلُ يعشقنا ؟!
يقولُ: صبرًا؛ فإنَّ الصبحَ لم يَحِنِ

يا بدرُ ويحكَ لم تفهم رسالتها ؟
الصبحُ إن كانَ ، بدرُ الليلِ لم يَكنِ

قَد واعدَتكَ وما في الحُبِّ مِن عِدةٍ
تُوفى ؛ لأنَّ الهَوى حَربٌ بلا هُدَنِ

قد ودَّعتكَ و أنتَ الآن ترقبها !
رفقًا بحالك يا من كان يَعذلني

فقالَ يبكي لَعلَّ الشَمسَ تَائِهةٌ ؛
فالليلُ ماتَ بأُفْقٍ أسود الكَفنِ

يُعلِّلُ النَفسَ بالآمالِ يخدعها ،
أفِقْ صغيري؛ فليسَ العمر يُمهلني . .

لم يَتسع وَطني لِلحبِّ فيهِ، لذا
أبيعُكُم موَطني الأغلى بِلا ثَمنِ !

لا لم أخُن وطني لَكنَّ لي قَفَصًا ،
قَد يُولَدُ الطَيرُ في الأقفاصِ لا الفَنَنِ

لِأنَّني طَائرٌ بِاعَ السَماءَ؛ لكي
أعيشَ في قَفصٍ بالحُبِّ يَجمعُني

إن يَعزِف الصَمتُ في قِيثارتي شَجَنًا
فلتُنصتوا بعيونِ الدَّمعِ لا الأذنِ

فلتُنصِتوا لِحديثِِ الروحِ في مُقلي؛
إنْ خانَ صمتٌ فإنَّ العينَ لم تَخنِ

لرُبَّما دمعتي للغيرِ مُؤنِسةٌ !
فالنهدُ يبكي؛ ليروي الطِفلَ باللبنِ

هُناكَ طِفلٌ وراءَ الرُوحِ مُختَبِئٌ
أصَغوا إلى ما وَراءِ الطِينِ و البَدنِ !

طِفلٌ يُنادي: أبي ! أنصِتْ إليَّ أبي
فالحُبُّ عصُفورُهُ ما ماتَ في غُصُنِي

لَكنْ تَعبتُ و كَفي شاخَ مُنتَظِرًا
أمُدُ وردي بَكفي النَاعِمِ الخَشِنِ !

حَتى تَراختْ يدي و الرُوحُ ذابِلةٌ ،
و المَوتُ يَقطِفُها و الحُبُّ يزرعُني !

تَعبتُ من بسمةٍ مَاتَتْ على شفتي
أمستْ وربِّ المَسَا للثغرِ كالكفنِ

مَازِلتُ طِفلًا و حُزني الطِفلُ يُشبِهُني
شَيخٌ تَصابى لِينسى لَعنةَ الزَمَنِ !

أرضعتهُ نَهدَ عينٍ قد بَكتْ لبنًا
بعدَ الدُّمُوعِ التي كانت تُبلِّلني

أحِنُّ يا أبتي لِلصُبحِ في بَلدي
لِلنومِ في حضنِكَ الدَافي و للمُدُنِ

لِلطَيرِ يَهبِطُ مَكسورَ الجَناحِ على
شُباكِ مَنزِلنا ضَيفًا يُفاجِئُني !

لِلفَجرِ يُوقِظُ بُستانَ الورودِ كَما
يُكَحِلُ الليلُ عَينَ الوَردِ بالوَسنِ

إلى القَصيدةِ إذْ تُوحى إليكَ، ولا
وَحيٌ هُنالكَ لَكنْ كُنتَ تَكتُبُني ! ..

أخطُّ قِصَّة حبٍّ لا خِتامَ لها ؛
لأنَّني إنْ ختمتُ الحبَّ يختمني

إنَّ الأسى ليسَ كُفْءًا لي و قَافيتي !
لَكنَّ طِفلًا كَواهُ الشَوقُ يَسكُنُني

بُنيَّ ها قَد أتيتُ الآن خُذْ بِيدي
طَمْئِنْ سُرورَكَ لا خَوفٌ مِن الحَزَنِ

~

التعديل الأخير تم بواسطة علي الكمزاري ; 22-07-2012 الساعة 02:11 AM