عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 07-09-2017, 09:53 PM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي

بفضل من الله تعالى تجاوزنا أزمة مرض عمر، وعاد إلى البيت معافى، لنواصل مرحلة الصراع بيني وبين زوجي، وبين زوجي وأولاده، فخلال هذه السنوات الثلاث الأولى التي انتقلنا فيها إلى منزلنا المستقل لم يرفع زوجي عصاه عن عمر وسوسن، وزاد على ذلك أن عزل نفسه في مجلس الرجال، واتخذه غرفة خاصة له، لا يخرج منه إلا إذا سمع شجار أبنائه لينقض عليهم بعصاه الغليظة، ما لم يشد وثاقهم مبالغة في إلحاق الضرر بهم، وكم وقفت في وجهه دفاعا عنهم، فينتقل العراك بيني وبينه، مرت هذه السنوات قاسية ذات أنياب حادة قاطعة، ولكن مع المزيد من الصبر، استطعت الاحتفاظ بكيان الأسرة وإن كان ممزقا ومهشما.
بعد هذه السنوات الثلاث، عزمت على ضرورة فتح باب الحوار، شاء ذلك أم أبى، وفعلا بدأ يتحدث عن مأساته التي كان يعيشها في معزل عنا، وما يشعر به من اليأس والأسى وهو يرى نفسه على هذه الهيئة المزرية، وكأنما هناك شيء يتحكم في إرادته، فلا يجيد إلا الغضب والدخول في شجارات لا أساس لها، أشفقت عليه وطلبت منه أن يحاول جاهدا التغلب على ما هو عليه، وأن يبدأ بالخروج من عزلته المريرة وأن يندمج مع أفراد أسرته، وبدأ المشوار وانتقل من مكان عزلته ولكنه لم يشعر بالراحة أبدا، فكان يستيقظ بعد منتصف الليل ويعود من حيث جاء ينتظر الصلاة ثم يكمل إقامته هناك، ولكن حالته كانت أفضل عن ذي قبل، وبعد شهرين عاد من جديد وانتقل إلى مقر عزلته، وبدأت المناوشات والنفور من الجميع، وكان أشد ما يؤلمني حينها قسوته على سوسن وعمر دون أسباب، أما عن نفسي فكنت ألوذ بالصمت إذا بادر بتكوين خلايا عداوات، وأتركه يفعل ما يشاء، فكم من مرة كانت دموعي تخالط لقمة طعامي، فلا أترك السفرة حتى لا يزداد غضبا فيدع طعامه، لم يكن هو هو وإنما كان شخصا آخر، حتى ذات يوم اشتبك مع ابنه وابنته؛ لأنهما يتشاجران ويزعجانه، فحاولت الدفاع عنهما، فما كان منه إلا أن هددني بأني لو تقدمت خطوة واحدة لضربني معهما، فأقسمت بالله أيمانا مغلظة لو مد يده وضربني وأولادي ما مكثت لحظة واحدة في المنزل، وعندها حملني مسؤولية فساد أبنائه، واتهمني بأني لا أحسن التربية، مع العلم أني كنت أقسو عليهما كثيرا؛ تأثرا بحالة القلق والتوتر التي كنت أعيشها معه، وقال: من اليوم وصاعدا لا شأن لي بهما، وتولي أمرهما بمفردك، وفعلا رفع يده عنهما ولله الحمد، لدرجة أنه لا يسأل عنهما ولا عن أحوالهما، لا في صحة ولا في مرض، وعاش العزلة من جديد لثلاث سنوات أخر، يخرج ويدخل علينا لا يعنيه أمر أي منا، ويسافر كثيرا مع أصدقائه دون علم بوجهته إلا إذا استرقنا السمع لنعرف وجهة سفره، نرى حقائب السفر فقط، وعندما يعود نجده في المنزل، ولكن كان ذلك أفضل للجميع عما قبل من بطش وقسوة. ولكن مع كثرة سهره مع أصدقائه ، وتأخره ليلا زاد من حدة القلق لدي فلم يكن يغمض لي جفن حتى أسمع الباب يفتح، أو أخرج من غرفتي لأنظر إلى نعليه؛ لأطمئن على عودته سالما، واستمر بنا الحال على ذلك سنوات ، لا يسمح لأحد منا بالدخول إلى مقر عزلته، وإذا حاولت التقرب منه طردني وأولادي، أو يخرج ويدعني بمفردي هناك، وإن قصده أبناؤه في حاجة، أمرهم أن يغلقوا الباب ويعودوا من حيث أتوا، فازدادت الشقة بيننا وزاد أبنائي في لومي على أني لم أحسن اختيار الأب المناسب لهم، فكنت أنهاهم عن ذلك وأوصيهم بأبيهم خيرا، حية أو ميتة، وأن ما بيني وبينه لا يعدو كونه كيد ساحر، وأصرح لهم بحبي له وخوفي عليه وشفقتي به، وأن الأمل في الله هو العلاج الوحيد لما نحن فيه. ولا أخفيكم اني طلبت منه أن يتزوج بأخرى مرارا وتكرارا لعله يجد الراحة في حياته، فكان يعرض عني ويلوذ بالصمت حتى آخر مرة عرضت عليه فيها هذا الأمر ثار في وجهي، قائلا: أنا أعرف لماذا تطلبين مني ذلك؟ حتى تتخلصي مني، ولكن اسمعي ما سأقوله لك: إن رأيت أني غير مرغوب في أخبريني بذلك وأقسم لك أنك لن تري وجهي، وسوف أغادر هذا المنزل، كان رده أكبر مفاجأة في حياتي، فلم أحر جوابا بعد ذلك، ولكني شعرت بأنه يحبني ولكن يمنعه مانع من الاقتراب مني، فازداد حبي له وتعلقي به.

للحديث بقية
رد مع اقتباس