الموضوع: علم الله
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 14-01-2013, 12:58 PM
الصورة الرمزية يزيد فاضلي
يزيد فاضلي يزيد فاضلي غير متواجد حالياً
عضو هيئة الشرف
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: شرق الجزائر
المشاركات: 1,011

اوسمتي

افتراضي .../...

...بوركَ فيكَ مُجدداً دكتور فيصل..

فإن ( عِلمَ اللهِ تعالى )-كما أجمعَ الجمهورُ-إحدى صفاتِ المعاني، وهي واحدة من بين أقسامٍ أربعةٍ كبرى تحوي يَقينياتِ الصفات العظيمة الجليلة اتصفَ بها المولى عز وجل في ذاته العلية الموْصوفة بكل صفاتِ الكمال،المنزهة عن جميع صفات النقصان،في غيْر تكييفٍ أو تجسيدٍ أو أو نفيٍ أو تعطيل...

ومعلومٌ عند علماء العقيدةِ أن صفات المعاني ؛ هي كل صفةٍ قائمةٍ بذاته سبحانه وتعالى،تستلزم حُكماً معيناً له،وصفة العِلم تستلزم أن يكونَ المتصفُ بها عليماً...

صفة العِلم صفة ٌأزليةٌ قائمة بذاته تعالى،يتأتى بها كشفُ الأمور والإحاطة بها على ماهي عليه في الواقع أو على ما ستكون عليه في المستقبل...

وعند التأمل-أستاذي الكريم-في هذا التعريف العلمي العَقدِي الدقيق نعلم أن هذه الصفة ليسَ من شأنها تخصيصُ الممكناتِ أو التأثيرُ فيها بوجهٍ من الوجوه،ولكن شأنها مجرد الكشف والاطلاع،سواءٌ تعلق بواقعٍ ظهَرَ إلى الوجود أم بمَغِيبٍ لا يزالُ في جوْفِ العَدَم...

فالله تعالى عليمٌ بكل شيءٍ،دَلَّ على ذلكَ النقلُ والعقلُ،لمْ يسْبَقْ معرفته جهلٌ،ولا يَعدو عليها نسيانٌ،ولا يُمكنُ أن تخالفَ الواقعَ،فعلمه-سبحانه وتعالى-محيط بالأمس واليوم والغد،بالظاهر والباطن،بالدنيا والآخرة،بما كان ومالم يكن كما يقولُ علماءُ العقيدة : (( إنه كان ولمَّا كان علِمَ ما كانَ قبل خلق المكان وعلمَ ما يكون وعلِمَ ما لا يكونُ،عَمَّ المكانَ كيفَ كان يكونُ كانَ ))..بمعنى أن علمَه-سبحانه جَلَّ وعلاَ-يستغرقُ فِعْلَ الكَيْنونةِ كُلـَّه...

فقد يعرف الإنسانُ شيئا عن حاضره،وقد يذكرُ طرَفاً من ماضيه،أما ما وراءَ ذلكَ فهوَ بالنسبة إليه عَمَاءٌ...

بيْدَ أن الإنسانَ القاصرَ الضعيفَ لا يَذكُرُ من ماضيه الطويل إلا قليلاً من الحوادث،ولا يَدري من تاريخ العالم والكون والوجود الذي يَعيشُ فيه شيئًا طائلاً..

لكنَّ المولى عز وجلَّ-وحْدَهُ لا غيْرَ-يُحصي في علمه المطلق أعمالنا لحظة لحظة،ويُسجل أحوالَ العالم الطويل العريض قرناً قرناً وحادثة حادثة (( قالَ فما بالُ القرون الأولى قال عِلمُها عندَ ربي في كتابٍ لا يَضِلُّ ربي ولا يَنسَى ))..الآية..

إنه عِلمٌ مُطلـَقٌ يُشرق على كل شيءٍ،فيُجلي بواطنـَه وخوافيه،ويَكشِفُ بداياتِه ونهاياته وما قبلَ ذلكَ وما بَعْدُ : (( وعنده مفاتحُ الغيْب لا يَعلمُها إلا هُوَ ويَعلمُ ما في البر والبحر وما تسقط من ورقةٍ إلا يَعلمُها ولا حبةٍ في ظلماتِ الأرض ولا رَطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتابٍ مبينٍ ))..الآية..

جوزيتَ ألفَ خير أستاذنا الكريم الفاضل على هذا التحليق الوارف البديع الجليل الرصين في أعمق مستلزماتِ عقيدتنا الصافية النقية الصحيحة وأسلوبٍ جذابٍ شيِّقٍ جميلٍ،ونضـَّرَ اللهُ فيكَ الوجهَ والقلمَ والفكْرَ على ما طرحتَ وكتبتَ،واللهَ نسألُ أن يَنفعَ بكَ وبعلمكَ وفكركَ وأن يَزيدَنا إيماناً على إيمانٍ ويَقيناً على يَقين..ودمتَ صرحاً...
__________________
يَا رَبيعَ بَلـَـــــدِي الحبيب...
يا لوحة ًمزروعة ًفِي أقصَى الوريدِ جَمَـــالاً..!!


التعديل الأخير تم بواسطة يزيد فاضلي ; 17-01-2013 الساعة 10:34 PM
رد مع اقتباس