عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 24-05-2010, 12:59 PM
علي بن خزام المعمري علي بن خزام المعمري غير متواجد حالياً
مستشار سابق
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 229
افتراضي طلة/ التسول.. تجارة مزدهرة

[size="6"]
التسول.. تجارة مزدهرة!!

إذا أردت أن تفتح نشاطا تجاريا برأس مال متواضع ، ستُفتح لك أبواب رسوم المعاملات الرسمية في الدوائر المختصة بهذا الموضوع ، ناهيك عن مكاتب تخليص المعاملات ، وبعدها سيفتح المؤجر أبوابه الشهرية ، وأساليبه الملتوية في زيارة الإيجار، ولن ننسى فواتير الكهرباء والمياه والهواتف ، والمصاريف اليومية الجارية ، والجدال المزعج من قبل الزبائن الكرام ، وبعد سنة أو سنتين ستُفتح لك أبواب تجديد التراخيص في الدوائر الحكومية ، وتجديد بطاقات العمال ، والتأمينات الاجتماعية والصحية ، وتذاكر اليد العاملة الوافدة، وهلم جرا، وستدخل في دوامة مالية لن تخرج منها إلا مدينا لبنك أو لجمعية أو لزوجتك العاملة، هذا إذا لم يترتب عليك غرامات مالية في حالة تأخرك عن تجديد أية معاملة، والمحصول الشهري سيتأثر بهذه المصروفات وتلك الرسوم ، ولكن هناك نشاط جديد لا يكلف صاحبه هذه الالتزامات المالية.
ويبدو أن القراء الكرام جميعهم متشوقون لمعرفة هذا النشاط المربح ، إنه بكل بساطة (نشاط التسول) المزدهر في بلادنا ، إذ يمكننا أن نحسب الدخل الشهري لإحدى المتسولات. فمثلا إذا كانت تحصل على ريال واحد من كل بيت ، وتدخل في اليوم 30 بيتا، فالمجموع الكلي في نهاية اليوم 30 ريالا ، أي في الشهر 900 ريال عماني فقط ، وهذا المبلغ صاف دون مصروفات ولا رسوم معاملات ، ولا غرامات ، بل إن الأكل والشرب تحصل عليه مجانا من تلك البيوت العامرة بالخير، وهذا ما يوازي - تقريبا- راتب موظف في وزارة التربية والتعليم مربوط بالدرجة الثالثة.
وهذا النشاط المكثف للتسول إنما يزدهر من خلال استغلال أصحاب النفوس الطيبة ، والقلوب المؤمنة ، والجيوب الممتلئة بنعم الله سبحانه وتعالى(اللهم لا حسد)، وهذا الاستغلال المشين تقوم به فئة من النساء والأطفال المتمرسين على حيل وطرق التسول ، وتمثيل أدوار الفقير والمحتاج والمريض ، وصاحب الحاجة الماسة ، ونحن لسنا ضد فعل الخير ، وإجابة السائل والمحروم ، فلهما حق معلوم بينه القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة ، ولكن ليس بهذه الشاكلة ، فالأمر قد تعدى الحدود، وأخذ التسول بعدا جديدا، وهو المتاجرة بالقضايا المصيرية للأمة الإسلامية، كقضيتي فلسطين والعراق، مما حدا بمكاتب سعادة الولاة بالولايات إلى توجيه نداء للمواطنين بعدم التعامل مع هذه الفئات من المتسولين، فقبل سنوات كان الأمر محصورا على فئة من الآسيويين الذين يطرقون أبواب المساجد أيام الجمع، وفي بعض الفروض التي يكثر مصلوها، وغايتهم جمع تبرعات لبناء مساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، ومستشفيات ودور عجزة في بلدانهم، وهم مزودون بصور لهذه المشروعات الخيرية، ولديهم من الأوراق المختومة والتواقيع الغريبة ما ينوء بحملها جامع تلك التبرعات، أما اليوم فقد انتقل الأمر إلى فئتي النساء العربيات والأطفال ذوي الوجوه الشاحبة، وهؤلاء الأطفال تتراوح أعمارهم بين الرضيع والمعتمد على نفسه في التسول.
والغريب في أمر هؤلاء المتسولين الجدد أنهم منتشرون في كل مكان، وبأي زمان، تجدهم في مراكز التسوق ، وفي أسواق الأسماك والخضراوات ، وعند آلات الصرف المالي الموجودة بالبنوك ، وفي مواقف السيارات ، وعند محلات الحلاقة ، والمساجد ، وفي محطات تعبئة الوقود ، وفي المكتبات، وغيرها من الأماكن المأهولة بالسكان، وهذا الانتشار الجغرافي للمتسولين انتشار مدروس، فالعامل المشترك بين هذه الأماكن هو وفرة المال، أما التسول في البيوت فحدث عنه ولا حرج، والقصص في هذا الجانب كثيرة، ومروعة، ومخزية، وتهدد أمن الأسر، ولا تراعي أوقات القيلولة والراحة، ولا تحافظ على حرمات البيوت، ولا خصوصية بعض الأماكن فيها، ناهيك عن الممارسات الخاطئة لبعض المتسولات مع الأطفال.
وأسئلتنا المتسولة لإجابات على أبواب الجهات المختصة والمعنية في بلادنا، ما الإجراءات التي تتخذها الجهات المختصة لمكافحة هذه الظاهرة؟ وما قانونية وجود هؤلاء المتسولات في البلاد؟ وما الحلول المطروحة لمعالجة هذه الظاهرة؟ وهل التسول هو جهد فردي أم أن في الأمر منظمات تسول دولية وإقليمية تخطط لظاهرة التسول؟ وهل سيقف الأمر عند التسول فقط؟ أم أن المتسولات لهن أنشطة أخرى غير التسول؟ وما موقف دول المتسولات من وجود هذه الفئات في بلادنا؟ وهل الجهات المعنية عاجزة عن التعامل مع هؤلاء المتسولات ليتم توجيهها للمواطنين؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى أكثر من مجرد إجابة. وإلى لقاء مع طلة قادمة إن شاء الله.

علي بن خزام المعمري
__________________

يا الآدمي فكرك بحر والمعرفة يْخوتْ
والتجربه طوق النجاة المنقذه بحارها
ارفع شراعك وانطلق في افضل وْقوتْ
واحذر رفيقٍ صحبته تقطف غضاض اثمارها
وازرع حياتك مغفره عن يحصدك موتْ
والبس ثياب العافيه بمْصرها ووْزارها

( أبو حسان)
رد مع اقتباس