عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 08-08-2011, 08:58 AM
الصورة الرمزية إبراهيم الرواحي
إبراهيم الرواحي إبراهيم الرواحي غير متواجد حالياً
شخصية مهمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2008
المشاركات: 2,196

اوسمتي

افتراضي "شكراً" يا وزارة التراث والثقافة.. مقال لمنتظر الموسوي

لأول مرة، سأخرج عن طبيعتي وعن وجهي المألوف الذي اعتاد الجميع رؤيتي به وفي الحقيقة أجد أنه من الواجب التحدث عن بعض الحقائق التي ظلت مكتومةً في داخلي لأكثر من خمسة أشهر. وبالرغم من أنني أدرك كل العواقب التي يمكن أن يتسبب بها حديثي هذا إلا أن الحق يقال والساكت عن الحق شيطان أخرس! وأنا لا أريد أن أكون شيطاناً أخرساً، لأكن شيطاناً ناطقاً على الأقل. القصة هي عن مشاركتي في مسابقة "أمير الشعراء"، وقبل أن أكمل أود أن اعتذر من كل القراء إن كنت قد أزعجتكم بكثرة حديثي عن هذه المسابقة إلا أن فضلها عليّ يجعلني ملزماً بالحديث عنها دائماً، وفي الواقع أنا لن أتحدث عن المسابقة تحديداً ولا عن إنجاز عُمان الذي تحقق بفضل الله وبجهودي وشعري وجهود الأهل والأصدقاء والجمهور العماني الرائع صاحب الوقفة المشرفة في تلك الفترة، ولكن سأتحدث عن الأحداث المصاحبة لمشاركتي في أمير الشعراء. قبل حلقتين من انتهاء المسابقة تقريباً، ذهبت لزيارة الأخوة والأصدقاء في وزارة التراث والثقافة للإلتقاء بهم والتحدث حول مشاركتي في المسابقة، علماً بأنني اعتدتُ زيارتهم في الوزارة بين الحين والآخر من باب التواصل. ولم تكن زيارتي تلك لطلب الدعم "المادي" للتصويت كما سيعتقد البعض، لا لم تكن لهذا السبب إطلاقاً، ولكنها كانت لطلب الدعم المعنوي! أو لأشعر نفسي –من خلال تشجيعهم لي- بأن هناك من يقدّر هذا الإنجاز الذي أوشك على أن يتحقق وهو ذلك الإنجاز العماني الذي لطالما انتظر الكثير رؤيته يتحقق لأن مسابقة أمير الشعراء مسابقة عالمية والفوز لن يمثلني وحدي فقط بل سيمثل عُمان قبل كل شئ. على كل حال، ذهبت للوزارة وفعلاً التقيت بالأخوة الموظفين هناك وهم أصدقاء وأساتذة لهم دور كبير في الحفاظ على خارطة الثقافة في عمان –حسب اعتقادي- وعلاقتي بهم هي علاقة التلميذ بالأستاذ والصديق بالصديق والأخ بالأخ. جلسنا وشربنا القهوة وبدأنا الحديث عن المسابقة، فألقوا عليّ كلماتِ الثناء والمديح مضافاً إليها الكلمات التشجيعية وقال أحدهم: ((منتظر، أنت تستحق التكريم وسوف تكرَّم إن شاء الله تقديراً لهذا الإنجاز وحتى وإن لم تحصل على مركز في المسابقة)) فقلت: ((عسى خير ان شاء الله، المهم أن أكون خير ممثل للسلطنة في المسابقة)) وأكد عليّ آخرٌ بأن موضوع التكريم سيتم إيصاله إلى الشيخ هلال العامري "مدير عام الآداب والفنون بوزارة التراث والثقافة". ولمن لا يعرف الشيخ هلال العامري، فأنا اعتبره الأب الروحي للشعراء بشكل عام وللشعراء الشباب بشكل خاص لأنه وعبر الملتقى الأدبي خرّج أجيالاً من الشعراء والأدباء والمثقفين الذين ذاع صيتهم في المحافل وأنا أعتبر نفسي واحداً من أبنائه، فضل الشيخ هلال العامري لا يمكن أن ينكره أي أديب عماني. وهنا أود أن أوضح نقطتين مهتمين جداً. النقطة الأولى هي أنني من خلال مقالي هذا ومن خلال ما سيأتي من حديث لاحق في هذا المقال لا أقصد أي مسؤول في وزارة التراث والثقافة شخصياً وذكر اسم من الأسماء لا يعني أنني أقصد صاحب الإسم إطلاقاً فأنا في الواقع لا أعرف من المسؤول عن أمور الاهتمام بالطاقات الشبابية الإبداعية، هذا إن كان هناك من يهتم بها فعلاً، ولكنني في الوقت نفسه أقصد الوزارة ككل. النقطة الثانية وهي الأهم، إنني ومن خلال هذا المقال لا أقصد المطالبة بتكريم على الإطلاق! ولم أقصد ذلك في يوم من الأيام. ولكن من حقي أيضاً كمبدع قدَّم شيئاً للوطن أن أشعر بأن حولي من يهتم بهذا الإنجاز ومن يقدِّر العمل والجهد الذي بذلته لأجل تحقيق ذلك الإنجاز الوطني. من حقي أن أحصل على كلمة شكر على الأقل، كلمة شكر تخلق في داخلي حافزاً لتقديم الأفضل والأروع للوطن وللأدب والشعر، وربما يستحق الجمهور العماني كلمة الشكر هذه أكثر مما استحقها أنا لأن الوقفة التي وقفها معي كانت مشرفة بالفعل.


انتهت المسابقة، وعدت إلى الوطن فوجدت استقبالاً حافلاً في مطار مسقط الدولي أشكر كل من قام على تنظيمه وعلى رأسهم أحد الشعراء الرائعين والذي بذل جهداً في تنظيم ودعوة من يستطيع دعوته لحضور حفل الاستقبال. وكان ممن حضروا حفل الاستقبال الاستاذ سالم البهلولي "مدير دائرة الآداب والفنون" ممثلاً لوزارة التراث والثقافة وله جزيل الشكر على ذلك الحضور الذي أشعرني بشئ من الطمأنينة والارتياح فأحسست بأن الوزارة فعلاً مهتمة بهذا الإنجاز. الكثير من الناس كانوا يسألونني: ((منتظر، متى راح يكون حفل التكريم؟)) وكأن الأمر كان بديهياً عندهم، أما بالنسبة لي فقد كانت إجابتي دائماً مبهمة لأن الأمر بالنسبة لي كان مبهماً في حد ذاته، وللعلم فأنا لم أتحدث يوماً عن قضية التكريم تلك ولم أكن أولي اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع ولكن السؤال كان يتكرر عليَّ مراراً وتكراراً ما جعلني أشعر بأن هؤلاء الناس هم من يستحقون التكريم لا أنا. مرَّت الأيام تحمل في صباحاتها ومساءاتها مناسبات عديدة وفعاليات كثيرة كان بالإمكان أن تمر كلمة شكر عابرة تقديراً للانتصار العماني في أمير الشعراء في وسط هذه الفعاليات، ولم تمر! فنسيت الأمر، أو ربما تناسيت! وكالعادة كانت تأتي إشارات التذكير بكلمة الشكر من هنا وهناك. ولاحظوا أنني في البداية كنت اتحدث عن "تكريم" وبعدها تغيرت المسألة حتى صرت انتظر "كلمة شكر" لا أكثر، كلمة شكر تزرع في داخلي نجمةً تضئ ليَ الطريق نحو تقديم الأفضل ونحو خدمة الوطن في المجال الأدبي. ومرَّت الأيام، حتى جاء الملتقى الأدبي السابع عشر والذي انتهت فعالياته قبل أسابيع. كنت من المشاركين في الملتقى بهدف أساسي هو اللقاء بالأدباء والمبدعين في كل المجالات، أما المنافسة فقد كانت أمراً ثانوياً. تصوروا أنني وبعد خمسة أشهر من انتهاء مسابقة أمير الشعراء كنت لا أزال اتوقع الحصول على "كلمة الشكر" بالرغم من أنني تناسيت الموضوع أو ربما تجاهلته، والغريب أنني لستُ وحدي من كان يتوقع ذلك، بل فاجأني عدد من المشاركين بعد انتهاء فعاليات الملتقى وإنتهاء الحفل الختامي عندما جاؤوا لي وقالوا: ((منتظر، كنا نتوقع انهم يكرموك في الحفل الختامي!)).

انتهى الملتقى الأدبي، وانتهى انتظاري وتوقعاتي فأصبحتُ متحرراً لا انتظر كلمة شكر تشعرني بأن هناك من يقدِّر الإنجاز بل تيقنتُ الآن أنه لا يوجد أي اهتمام بالإبداعات الشبابية إطلاقاً. وكما يقول الشاعر ألبرتو كاييرو:

"لا طموحات عندي ولا طلبات،

أن أصبح شاعراً ليس طموحي،

هي مجرد وسيلة للبقاء وحيداً".

ربما يقول البعض أنني مغرور أو طماع أو متعجرف أو حتى متسوّل أطلب من الآخرين. ولكن للتذكير، فأنا قلت في بداية المقال أنني لا أطالب بأي شئ ولكن في الوقت نفسه اعتقد بأن أي إنجاز عُماني إبداعي يستحق أن يحصل على شئ من الاهتمام في أقل تقدير. إلى متى ستظل المواهب مدفونة وإلى متى تبقى الإبداعات مهمّشة؟ لماذا لا نستثمر هذه المواهب في خدمة الوطن؟ لماذا ننتظر من الآخرين أن ينتشلوا المبدع العماني من دوامة الذبول التي يعيش فيها؟ ولكنني تعلمتُ أن لا أنتظر كلمة "شكراً" على أي عمل أقوم به حتى وإن كانت من باب التقدير وليس الثناء.

المشكلة تكمن في أن الوسط الثقافي العماني يذهب للأسوأ وليسَ للأفضل. مثال على ذلك، لو كنتُ أنا أحد المحببين أو المقربين عند أحد المسؤولين في وزارة التراث والثقافة لكان الوضع مختلفاً وعلى ذلك فقِسْ. ولذلك، قررتُ الابتعاد عن كل الفعاليات والنشاطات التي تقيمها وزارة التراث والثقافة وتوابعها وأنا أدرك بأنهم لن يخسروا شيئاً في ذلك ولكن من جهتي أنا فسأربح الكثير بذلك. الشعر أكبر من أن ينتظر كلمة "شكراً"، فشكراً يا وزارة التراث والثقافة
__________________
رد مع اقتباس