[يزيد فاضلي]

…من شؤم أقدار المَرْءِ أن يشتري دنياهُ الفانيةَ بأخرَاهُ الباقيةِ..بل إن الشؤمَ يصلُ مَداهُ وأقصاهُ حينما ينطلقُ في دنياه-كالسائمةِ الهائجةِ-يعملُ حسابَ أيِّ شيءٍ ماعدا حسابَهُ لتلكَ اللحظةِ التي يلقى اللهَ تعالى فيها-مُرْغَماً-بالموتِ وإذ رصيدُهُ من الزادِ هباءٌ وخَوَاءٌ..!!

إن السعيَ في الدنيا بالإعمار في سبيل الله والاسترزاق بما يُرضيهِ شيءٌ،وإن اللهاثَ وراءَ حطامِها بإلغاءِ الآخرةِ شيءٌ آخرُ..وشتانَ بين مَنْ يضعُ الدنيا في يَدِهِ كوسيلةٍ للوصول إلى ما وراءَها وبين مَنْ يضعُها في قلبهِ كهدفٍ وغايةٍ تُرْتَجَى...

ولقد كان النبي عليه الصلاة وسلام مربيًًّا عظيماً حينما ربَّى أمتَهُ على التعلق بالآخرةِ-هدفاً وغايةً-دون إهمال الدنيا ونبذها درباً ووسيلةً...

وما أحكمَ قولَه صلى الله عليه وسلم : (( الدنيا مزرعة الآخرة ))..وما أجلَّ الدعاءَ-كما ورد في الآثر النبوي-(( اللهمَّ لا تجعلْ مصيبَتَنا في ديننا،ولا تجعل الدنيا أكبرَ همنا ولا مبلغ علمنا... ))...

والمؤمنُ في آماله عند ربه يعيش دائماً بين الخوف والرجاء...

إنه يرجو رحمة ربه الواسعة...ويخاف من عذابه وسَخطه...

ولما كانَت الآخرة مبنيةً على العدل والقسطاس المستقيم في الثواب والعقاب،فإن الجزاءَ فيها دائما من جنس العمل...

ونارُ جهنم-وقانا الله وإياكم-خلْقٌ آخرُ من العقاب العادل للعتاة المتكبرين الجاحدين،يتجاوَز فيها الوصفُ مثيلَ نار الدنيا-على صهيدها وتسعُّرها-بحيث ورد في الحديث أن (( نارَ الدنيا هي دخانُ نار الآخرة ))..!!

وما هذه الأوصاف الرهيبة التي نقلتِها لنا-أختي الكريمة ريم-إلا تصديقٌ صحيحٌ لِمَا هي عليه في حقيقتها...

...(( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ))...

شكرَ اللهُ لكِ-أختي الكريمة الأصيلة الفاضلة ريم-على هذه التذكرة النافعة الهادفة....

وتقبل الله منا ومنكم الصيامَ والقيامَ وصالحَ الأعمال...