عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 13-09-2017, 11:54 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي

وتمر السنون، ويتجدد الأمل في الله تعالى، وتنقضي عشر سنوات من أعمارنا في بيتنا المستقل بعد عشر قضيناها في منزل أهله، ست سنوات خطت لنفسها في الذاكرة وجودا لا ينسى أبدا مهما تعاقبت الفصول، إضافة إلى سنوات الهموم والأشجان التي تجرعنا كأسها في بيت أهله، لتشرق علينا شمس حياة جديدة فريدة، نعمنا بضيائها خلال السنوات الأربع الأخيرة، بعد أن كانت حلما يراود مخيلتي؛ فقد بدأ زوجي يشعر بوجودنا من حوله، وبدأ يتلمس احتياجات أولاده، واحتياجات المنزل، وبدأ يسألني عن النواقص ليستوفيها، وبدأ يقبل على أولاده ويقربهم منه، وينظم لهم أوقاتا للتنزه، والخروج في سفرات، عن طيب نفس منه، وكان يرسلهم إلي ليخبروني بما اتفقوا عليه، ولكن تبقت نقطة واحدة لم أفهمها بعد، ألا وهي تبرمه وضيقه عندما أرافقهم، فيظل طوال الطريق يتعمد انتقادي، وإحداث مشاجرات لا مسوغ لها، وإن عزمت عدم مرافقتهم، قال لهم إذن تلغى الرحلة، ولن يذهب أحد إلى أي مكان، فأضطر إلى الاستسلام لإرادة الجميع متحملة النتائج الوخيمة، تألمت لهذا الامر كثيرا، وعرفت أن مشكلته معي ما زالت معقدة، ولكن صبرت على ذلك، وأدمت الصمت، حتى هذا العام فوجئت به يعرض علي أمر الخروج مع الأسرة دون وساطة؛ مما أثار عجبي وتعجبي، وكأني أما شخص آخر، وأعد العدة بنفس راضية، وكان يرجع كل الأمور إلي ويستحسن رأيي وما أقترحه عليه، على العكس تماما عما مضى، كذلك سمعت اسمي يتردد في المنزل، وإذا دخل سأل عني إذا لم يجدني أمامه، تبدلت الأحوال بعد تسعة عشر عاما أكلت الأخضر واليابس من حياتي، تأسيت فيها بالخروج إلى العمل والجد والاجتهاد، والإخلاص الذي خفف عني من مشقة العناء والهموم والأحزان، فكانت محبة الناس كنزا عظيما لا يضاهيه كنز المال، فأكملت في عملي عشرين عاما، ثم تقاعدت عن العمل، ولكن قلبي ما زال يحن إلى التربية من وقت إلى آخر فأجدني بين أخواتي وصديقاتي وبناتي الطالبات؛ لأشعر بروح الحياة تنبض بين أوصالي بشكل متجدد. ما بين طرفة عين وارتدادتها يغير الله من حال إلى حال.
ويمضي بنا هذا العام كأجمل ما يكون؛ حتى خشيت عليه من دنو الأجل، ومن بين المفاجآت هذا العام أن طلب مني أن أذهب إلى العمرة في رمضان، وكان يحسن الحديث معي، وينظر إلى وجهي كأنه يراني للمرة الأولى، وعلى غير العادة انطلقنا كأسرة متآلفة للمرة الأولى إلى صلالة، وكان معي في منتهى اللطف والذوق، يحرص علي كل الحرص، ويبدي خوفه علي بطريقة ما مرت علي في حياتي، يجلس معي ويجاذبني أطراف الحديث بأريحية شديدة، على العكس تماما عندما كان يتجنب الجلوس معي إذا خرجنا معا. شعرت كأني في حلم لا حقيقة، وكان أبنائي في غاية السعادة وهم يرونه يحسن معاملتي بهذه الطريقة، قضينا أوقاتا رائعة في هذه الرحلة، وشعر الجميع بالراحة والهدوء والسكينة.
وعندما عدنا إلى منزلنا كان خير معين، وعندما قرر السفر مع رفاقه بعد أيام من عودتنا جاء إلي وأخبرني بكل تفاصيل الرحلة ومن سيرافقه من أصحابه، مع شدة تعجبي مما يحدث من حولي، وعند سفره أوصاني خيرا بنفسي وأولادي وبيتي، وطلب مني التواصل معه دائما أثناء سفره ليطمئن على أحوالنا. وعند عودته خصني ببعض الهدايا الجميلة، وكأنه استيقظ من كابوس مزعج جثم على صدره سنوات. طبعا لا أستطيع أن أصف السعادة التي كانت تغمرني وأولادي، فحمدت الله وشكرت فضله وجوده وعظيم نعمته علي، وهنا أستطيع أن أقول لا يأس من رحمة الله تعالى وإن اشتدت ريح الأسى والأحزان، وعصفت فالله تعالى ليس بغافل عن عباده.
أشكر كل من عاش لحظات حياتي مع هذه الحروف، وكل من تفاعل، وكل من رأى فيها عظة وعبرة، وإن كانت هذه مجرد مقتطفات بسيطة، أرجو ألا أكون قد أزعجتكم أيها الإخوة والأخوات، ودمتم في خير حال.
وكن رجلا على الأهوال جلدا
..............وشمتك السماحة والسخاء
ولا تجزع لحادثة الليالي
.................. فما لحوادث الدنيا بقاء
رد مع اقتباس