عدت لكسر حاجز الغياب عن القصة القصيرة ,
هنا ●●{ كــفن }●● المتواضعة , ستفاجأكم كثيرا
تماما
تماما
تماما
كما فاجأتني
●●{ كــفن ..}●●
- أما الآن ف مع نشرة الوفيات
- توفيت ليلة الأمس أمينة مبارك / في الثالث والعشرين من العمر .. تُقبل التعازي للرجال في مسجد علي بن ابي طالب..
- توفي صباح اليوم حسن سالم في العقد السابع من العمر ...
و إنا لله وإنا إليه راجعون . شكرا لحسن متابعتكم.
***
اطفىء جهاز التلفاز , طوَّق مسبحتهُ حولَ مرفقهٌ وتمتم : موت و ميلاد , يااه متى يحين موعد الأول ؟
دلف يمشي بتثاقل نحو سريره وهو يسبح (سبحان الله , سبحان الله )
فكر في أن يتوضأ ويصلى نافلةً قبل أن ينام , قطع تفكيره صوت رنين/ تلاوة هاتفه الخليوي " كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون".
***
كان الإتصال من والدته ,التي ترقد في غرفتها المجاورة لـغرفته, عاجزة عن الحراك إثر "المرض الخبيث" أعاذنا الله منه
- تعالَ إليَّ يا خالد , أمك تموت تعالَ يا ابني
هرع مسرعا نحو غرفتها , فتح الباب , سرعان ما تحولت ملامح خوفه ودهشته إلى فرحة مليئة بالشوق حين رآها تحتضر.
- " خذني إلى الطبيب , سأموت " تكلمت أمه بصوتٍ مخنوق وبنفسٍ متقطع.
- ألف مبروك يا أماه ألف مبروك هيا اذكري الله واشهدي بشهادته وكوني شجاعة , وأنا هنا بجانبك يا حبيبتي سأدعو الله أن يخفف عليك سكراتُ موتك. موتي موتي وارحلي إلى ربنا كم احسدك كم احسدك
انكتم نفس العجوز , و غادرت إلى برزخها. كانت سعادته لا توصف في تلك اللحظه , تمنى لو كان هو مكانها, مسح دمعته التي نزلت لغبطته على ما كُرِّمَت به أمه – ذهب إلى غرفته , فتح خزانة الأكفان ...
***
"ما نفع الحياة ؟ إلا لنعبد الله , إننا هنا لنعبده وحده , لا لنتسكع , سنموت لنلاقيه ويجزينا على اعمالنا , بماذا سيجزيني ربي؟ إن أمضيت يومي كله في التلذذ بالشهوات و لعب البلايستيشن , و ركوب الخيل , و لبس الثمين و و و .."
كان يحدث نفسه بتلك الأحاديث كلما أستلقى على سريره بعد ان يفرغ من أداء النوافل أو قراءة القران.
أن يصلي لمدة ساعتين هو أمر اعتاد عليه ! أن لا يخرج من المنزل بتاتا إلا لأمر طاريء , أن لا يشاهد سوى القنوات الدينية على التلفاز , تلك أمور ليست بالغريبة على من مثل زاهد (إن وُجِد من كمثله).
في بداية زهده , ترك أمه (المريضة) حولاً كاملاً, ليقضيها في حضن الكعبة , كانت تخبره عن معاناتها و عن شوقها له وكثيرا ما تنصحهُ أن يعيش حياته بإتزان كما اراد الله تعالى.
- انت في العشرين يا خالد
- اسمي زاهد يا أمي زاهد
- إلتفت لشؤونك و لا تجعل الحياة كلها عبادة , الله تعالي أمرنا أن نعطي الجسد حقه , ثم عُد إليَّ وعاوِّني كما رعيتك صغيرا.
- امي , قلت لك لن أعود إلى الديار, إلا عندما تتشرب جوارحي من نقاء الكعبة وجمالها وهيبتها ,
ثم يشرع في بكاءٍ هستيري لا ينتهي إلإ حين يلامس جدران الكعبة الشريفة.
***
الان , توفت أمه , ولم يتبقى في المنزل إلاَّ هو. يا لسعادته , فمن المؤكد أن "عزرائيل" لن يدخل هنا ليقصُد أحدٍ غيره , ينتظر يوم وفاته بفارغ الصبر , يُخرج كفنه من الخزانة , وينام عليه , وأحيانا يلتحفُ الكفن لساعاتٍ طِوال ,يتخيل بذلك أنه قد مات , حتى انه يتحسس الارض وما حوله من أشياء , لعل يده ستخترقها فيكون قد مات { بالعافيةْ } بلا عذاب.
يستحقُ ذلك فهو الزاهد الذي تغلب على سنوات مراهقتهِ واعتكف لربهِ و
نبذ كل شي
كل شي
كل شي
كل شي
**
بعد ثمانين عام ..
- أما الآن ف مع نشرة الوفيات:
توفي المعمر العربي (زاهد) عن عمر ناهز القرن (مئةعام) , تقبل التعازي في مسجد أبو بكر الصديق , وإنا لله وإنا إليه راجعون.
***
يتهامس الناس جميعا : صرح أحد المقربين من المرحوم أنه مات متأثرا بمرض الإيدز و السكري, أصيب بها أثناء قضاءهِ سنواتٌ حياتهِ الأخيرة متسكعاً في [ بانكوك و بتايا ].
اللهم إنا نسألك حسن الخاتمة
النهاية
مسكين " زاهد"
عشق الموت وأراده عاجلا قبل الوقوع في الخطيئة ,, فـعمّره الله في الأرض
إلى أن انتهى صبره في بانكوك
تمت
21 يوليو 2010
حمد المخيني