عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 04-07-2017, 07:02 AM
الصورة الرمزية زهرة السوسن
زهرة السوسن زهرة السوسن غير متواجد حالياً
شاعره
 
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,764

اوسمتي

افتراضي

عندما افتتحت مدرسة القرية أبوابها لأول مرة كنا نشكل الفوج الأول من طلابها، وكانت تللك المدرسة عبارة عن مجموعة من الصفوف المصنوعة من سعف وجريد النخيل، وكان طلابها خليط بين الذكور والإناث المتبايني الأعمار والبيئات(الريف- الساحل- البدو)، أما معلموها فكانوا ذكورا، جاءوا من بلاد شتى، (مصر- الأردن- فلسطين- السودان- السعودية – عمان)، فكانت الأمور أكثر من صعبة في بداية الأمر؛ لقسوة هؤلاء المعلمين، وتعنت بعضهم، وعدم وجود تنوع في أساليب التدريس، والتقويم، وصعوبة المواصلات، ولكن مع مرور الزمن بدأنا نتفاعل مع الأوضاع الجديدة، وبدأ كل معلم يكون فكرة مستوفية عن طلابه.
بقيت هذه المرحلة من الزمن منقوشة في الذاكرة، لا يمكن أن تغادره أبدا، صورة الأساتذة، شكل الفصول، مباريات كرة القدم ونشوة الفائز، الزهور الجميلة التي كنا نغرسها أمام الفصول ونتعاهدها بالرعاية، لوحة الحائط، العصا التي كانت تهوي على الأيدي بكل قسوة، عشر ضربات، عشرين ضربة...ولكن بلا شك كنا نحب العلم، ونحرص على المذاكرة رغبا كان ذلك أم رهبا.
ومر بنا الزمان، وتغيرت الأحوال، وانفصل الذكور عن الإناث، وبدأنا مرحلة جديدة مع المعلمات، لننطلق من مدرسة القرية إلى المدرسة الثانوية، (أم سلمة) في صحار فكنا نركب الحافلة والظلام ما زال يلقي بأستاره، لنلتقي هناك بصديقاتنا، وزميلاتنا في الدراسة، ونحن في غبطة وسرور، وما زالت حكايات صاحب الحافلة ومغامراته محور أحاديثنا الفكاهية، مكثنا في مدرسة أم سلمة حتى منتصف الثانوية العامة، ثم عدنا لنكمل المشوار في مدرسة صحم الثانوية، كأول فوج تستقبله المدرسة، وبعد أن كنا خمسة وأربعين طالبة في مدرسة القرية، (مخيليف) صرنا اثنتي عشرة طالبة حتى نهاية المرحلة الثانوية.
وانقضت سنوات الدراسة الابتدائية و الإعداية والثانوية، بعد أن رسخت في أذهاننا الكثير والكثير من القيم والمبادئ الرائعة بحق، كما اكتسبنا بعض المهارات الجميلة، من خلال حصص التربية الأسرية، وحصص الرياضة، وتولي أمر البع في مقصف المدرسة لم يكن بالأمر السهل، ولكنه كان ممتعا، ولا أنسى خلال المرحلة، تلك التظاهرة الرياضية، التي كانت عبارة عن أسبوع رياضي نسافر بمقتضاه إلى العاصمة، لنلتقي هناك بمجموعة كبيرة من الطالبات من مناطق السلطنة المختلفة، وكنا جميعا نقيم في مدرسة دوحة الأدب؛ لندخل في مسابقات رياضية، متنوعة، ( رمي الجلة- الجري- الوثب العالي- الوثب الطويل- كرة الطائرة- كرة السلة- كرة اليد)، وفي الختام يحصد الفائزون الميداليات، وتتوج المنطقة التعليمية الفائزة في حفل بهيج، فما أروع تلك الأزمنة.
كما لا أنسى تلك الشجرة العظيمة، (شجرة الغاف) في مدرسة أم سلمة، والتي كنا نجتمع تحتها، في أثناء وقت الفسحة، نتبادل الطعام والأحاديث الجميلة حول كل شيء، وقد كنت ألقي على مسامع صديقاتي وزميلاتي شيئا من أشعاري التي كانت في مواضيع شتى، إلا أنها كانت تفتقر إلى الوزن العروضي في بعض أبياتها، ولكني كنت أجد سرورا عظيما، وأنا أرى حسن تفاعلهن. لم تكن مجرد شجرة وارفة الظلال نتقي بها لفحة الشمس وحر الصيف، وإنما كانت رمزا عظيما في حياتنا.
رد مع اقتباس