[أبو المؤيد]

... وسالت حمم الثورات زاحفةً على الدول العربية دولةً تلو الأخرى، لتحرق معها أنظمةً جثمت على صدور شعوبها لعقود، أنظمة استفردت بالخيرات والمقدرات، وجوعت الشعوب وأرهبتها، ومع سيلان تلك الحمم سالت دماء مطلقيها ومناصريها، لتعلن على الملا أن الدم والإرادة والثقافة الإلكترونية هم خير السبل لسقوط الأنظمة، وأن الحرية لا تحتاج إلى تنظيمات وأحزاب إنما لثقافة توعيه إلكترونية وإعلامية.
لقد لعبت الشبكة العنكبوتية دور بارز في نجاح الثورات العربية من حيث التواصل وتبادل الأفكار، فكان ذلك "بضغطات أزار"، فالفضاء الواسع الذي تتشعب فيه هذه الشبكة وفر للكثيرين المناخ الأمن لطرح أرائهم وتطلعاتهم، كما شجعهم على الخروج إلى المسيرات كمجموعات مرتبطة بعضها ببعض تتساند فيما بينها، فكان الانترنت الحاضنة التي يتم فيها التنسيق بين كل من لا يأمن بطش الأنظمة الأمنية واستبدادها، ويرجع ذلك لعدم قدرت هذه الأجهزة على تتبع كل ما يحصل بالمواقع الإلكترونية، وخصوصاً أن غالبية مؤسسي الثورات بلا انتماءات سياسية أو حزبية.
كما ولعب الإعلام دور لا يستهان به في إظهار حقائق الأمور، حيث كان لشاشات التلفزه نصيب الأسد من هذا الدور، فصار المواطن العادي على علم بما يدور حوله من أحداث أول بأول ومباشرة، ومن ناحية أخرى كان للقاءات والمقابلات التي أجريت مع العديد من الخبراء والمحللين الذين ظهروا على هذه الشاشات سوء كانوا في مناطق التماس أو بغرف الاستوديوهات أثر كبير في تغيير وجهات نظر العديد من المحايدين، وتجاوز ذلك ليصل لتغيير أراء الموالين.
الآن.. يبدوا أننا على أعتاب ثورة إلكترونية معرفية شاملة، والخيار لنا، فأما أن نستغل هذه الثورة بالطرق المناسبة والتي من خلالها نحصل على حقوقنا، أو نقف بموقف المتفرجين نتابع الأحداث من بعيد ليصلنا منها ما يصل ويحجب عنا ما يحجب، ونمني النفس بالتغيير والإصلاح.
فيا شباب وطني هيا لنبلور رؤى كفاح سلمية "خضراء" بوجه الغلا، هيا لنطالب برفع الأجور، هيا لنسمو بعُماننا بكل ما فيه مصلحة للمواطن، هيا لنري العالم أسمى ممارسات الديمقراطية، هيا للمسيرات والاعتصامات الخضراء، وليكن شعاركم في كل المواقع الإلكترونية "الشعب يريد تحسين الأوضاع".

دمتم بخير.